هل ينجح عراقجي في إحياء الاتفاق النووي قبل “يوم النهاية”؟

لم يستمر النقاش طويلا في الأوساط الإيرانية بشأن نهج الحكومة الجديدة في سياستها الخارجية لا سيما الملف النووي، حتى عبر المرشد الأعلى الإيراني عن "عدم رفضه التعامل مع العدو".

ميدل ايست نيوز: لم يستمر النقاش طويلا في الأوساط الإيرانية بشأن نهج الحكومة الجديدة في سياستها الخارجية لا سيما الملف النووي، حتى قطع المرشد الأعلى الإيراني الشك باليقين، معبرا عن “عدم رفضه التعامل مع العدو”.

وكان الرئيس مسعود بزشكيان قد أدلى بتصريحات خلال حملته الانتخابية، وعقب فوزه في الانتخابات الرئاسية، بشأن ضرورة رفع العقوبات والتعامل البناء مع جميع الدول لضمان المصالح الإيرانية.

وبرز نقاش في البلاد عما إذا كان وزير خارجيته عباس عراقجي قادرا على حلحلة الملف، بين من يستبشر بتجربته التفاوضية وآخر لا يراه سوى منفذ للسياسات العليا المرسومة مسبقا.

ولدى استقباله بزشكيان وحكومته، الثلاثاء الماضي، فتح خامنئي الباب أمام استئناف المفاوضات النووية، وبعد تجديد تحذيره من مغبة الوثوق “بالعدو أو انتظار المساعدة منه”، قال “هذا لا يتعارض مع أن يجري المرء مفاوضات في قضية ما مع ذاك العدو نفسه. لا مانع في هذا الأمر، لكن لا تعلّقوا الآمال عليه ولا تثقوا به”.

ويأتي موقف المرشد الأعلى بشأن التفاوض مع الأطراف الأجنبية مقترنا بتحذير يذكّر بتصريحاته حول عدم تفاؤله بنتيجة التفاوض مع الولايات المتحدة قبيل المباحثات التي تُوجت بتوقيع الاتفاق النووي عام 2015، الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية السابقة عام 2018.

ويرى نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني عباس مقتدائي، أن الموقف الإيجابي لقيادة بلاده بشأن التفاوض لحلحلة القضايا الشائكة، كان متوقعا، ذلك أن طهران لم تدر ظهرها يوما لطاولة المفاوضات.

ويشير مقتدائي إلى المفاوضات غير المباشرة التي كانت متواصلة بين طهران وواشنطن بوساطة إحدى الدول الخليجية حتى قبيل وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي قبل نحو 3 أشهر.

وأضاف أن بلاده ترحب دائما بالتعامل على شتى الأصعدة مع جميع الأطراف التي تحترم إيران والإيرانيين من أجل ضمان المصالح الوطنية، مستدركا أن الإيحاء بحاجة الجمهورية الإسلامية إلى المفاوضات ليس صحيحا.

إدارة التوتر

ويأتي الضوء الأخضر بشأن استئناف المفاوضات النووية من أعلى هرم السلطة في إيران -ومعه لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان- بعد أيام من تصريحات صحفية لوزير الخارجية عباس عراقجي تحدث فيها عن عزم الحكومة الجديدة “على إدارة التوترات مع واشنطن وإعادة العلاقات مع الدول الأوروبية”.

وفي حين رأى عراقجي ذلك “ممكنا إذا توقفوا عن نهجهم العدائي”، يرسم الدبلوماسي المخضرم صورة عن هدف وزارة الخارجية الإيرانية خلال المرحلة المقبلة الذي يتمثل في إحياء اتفاق 2015 وإلغاء إجراءات الحظر، من خلال مفاوضات جادة ومركزة مع الالتزام بالمبادئ الأساسية للبلاد.

من جانبه، يشدد السفير الإيراني الأسبق لدى الأمم المتحدة كوروش أحمدي، على ضرورة استغلال الفرصة لاستئناف المفاوضات وإنقاذ الاتفاق النووي.

وانتقد بعض الأصوات التي تربط التفاوض لضمان المصالح الوطنية بالتطورات الإقليمية والدولية ومنها حربا أوكرانيا وغزة، مؤكدا أنه لا يمكن حل جميع القضايا الدولية بشكل متزامن.

يوم النهاية

ويشير أحمدي إلى أن بلاده قد كسبت بالفعل بعض مزايا الاتفاق النووي رغم الانسحاب الأميركي منه، لا سيما رفع الحظر التسليحي والصاروخي عن طهران.

وأكد ضرورة إنقاذ الاتفاق حتى قبل 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وهو “يوم النهاية فيه” لقطع الطريق على الأطراف التي تسعى لتفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات الأممية على الجمهورية الإسلامية، بحسب وصفه.

واستدرك، أن التطور الكبير الذي حققته طهران خلال السنوات الماضية في مجال تخصيب اليورانيوم قد لا يشجعها على العودة إلى المربع الأول والقبول بالقيود التي كانت قد وضعت على برنامجها النووي، كما أن الواقع الجديد قد لا يحفز واشنطن كذلك على إنقاذ الاتفاق النووي، لأنه لم يعد بإمكانها إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى ما كان عليه قبل الانسحاب بعد اقترابه من العتبة النووية.

وخلص أحمدي إلى أن إنقاذ الاتفاق النووي حتى قبيل يوم النهاية يصب في مصلحة إيران أكثر من الأطراف الغربية فيه، مؤكدا أنه رغم صعوبة المهمة بيد أنها ممكنة من خلال تفعيل المفاوضات والاتفاق مع بعض أطرافها بشأن بعض القضايا ذات الصلة.

مهمة عصيبة

من ناحيته، يعتقد السفير الإيراني السابق في النرويج وسريلانكا والمجر، عبد الرضا فرجي راد، أن الاتفاق النووي لم يعد قابلا للإحياء بعد تاريخ يوم النهاية، مؤكدا أن الجانب الأوروبي لم يلتزم بتعهداته عقب الانسحاب الأميركي من اتفاق 2015، وبالتالي يستبعد أن تثق طهران مرة أخرى بالجانب الغربي للقبول بفرض قيود على برنامجها النووي.

ويقترح فرجي راد التفاوض بين طهران والجانب الغربي من أجل الاتفاق على عدم حيازة طهران سلاحا نوويا بدلا من تضييع الوقت لخفض مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران من 60% إلى نحو 3%، مؤكدا ضرورة قبول الجانبين بالدور الرقابي الذي تلعبه الوكالة الدولة للطاقة الذرية.

ورأى أن التطورات المستجدة في الاتفاق النووي تجعل من إحيائه بصيغته الماضية مهمة عصيبة جدا، لا سيما بعد ما تكبد الاقتصاد الإيراني مليارات الدولارات جراء الانسحاب الأميركي منه.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى