بزشكيان في العراق: ملفات أمنية وسياسية واقتصادية وزيارة مهمة إلى البصرة
وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى بغداد، صباح اليوم الأربعاء، على رأس وفد سياسي واقتصادي، في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه رئيساً لإيران.
ميدل ايست نيوز: وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى بغداد، صباح اليوم الأربعاء، على رأس وفد سياسي واقتصادي، في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه رئيساً لإيران في يوليو/ تموز الماضي، تلبية لدعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. واستقبل رئيس مجلس الوزراء العراقي بزشكيان، وفق ما ذكره مكتب السوداني. وأوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، صباح اليوم الأربعاء، أنّ “رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استقبل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان”، من دون ذكر أي تفاصيل.
وتستغرق زيارة بزشكيان إلى العراق ثلاثة أيام، وفق وكالة إرنا الإيرانية الرسمية، ومن المقرر أن يجري مباحثات مكثفة مع القادة العراقيين. كما سيزور بزشكيان عدة مدن عراقية بعد بغداد، حيث سيزور العتبات الدينية في النجف وكربلاء، فضلاً عن مشاريع إيرانية في البصرة، وكذلك أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق. وسيعقد بزشكيان والسوداني مؤتمراً صحافياً في ختام المباحثات يجري فيه طرح ما تم التوصل إليه.
وقبيل توجهه إلى بغداد، قال بزشكيان في تصريحات في مطار مهرأباد في طهران إنه ستبرم خلال الزيارة اتفاقيات كثيرة، مضيفاً أنها تهدف إلى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع العراق، مشيراً إلى أن الزيارة تصب في صلب سياسة الجوار التي تتبعها إيران مع جيرانها. وتابع الرئيس الإيراني أنه سيزور مدناً عدة في العراق، فضلاً عن أربيل والسليمانية في إقليم كردستان، واعداً بأنّ زيارته ستكون مؤثرة في تطوير العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية، معرباً عن أمله في نسج علاقات جيدة ووطيدة مع الدول الإسلامية، بما فيها العراق، وحلّ المشكلات التي قد تطرأ على العلاقات مع هذه الدول.
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنّ “العراق بالنسبة لإيران أكثر من بلد جار، نظراً للعلاقات التاريخية المتجذرة بين الشعبين العراقي والإيراني، وإن السنوات الماضية أثبتت عمق هذه العلاقات من خلال مجالات التعاون والتنسيق بين البلدين الجارين الصديقين العراق وإيران”. وأضاف، في تصريح لصحيفة الصباح العراقية الرسمية، اليوم الأربعاء، أنّ “التنسيق والتعاون بين البلدين يصبّان بمصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة، ويساهمان في دعم العلاقات البينية الإقليمية بما يخدم مصالح دول وشعوب هذه المنطقة، خصوصاً أن العراق بلد كبير في المنطقة”، مؤكداً أنّ “الحكومة الإيرانية الجديدة تتطلع إلى آفاق أوسع من التعاون والتنسيق مع العراق في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بسبب وجود أرضية مناسبة جداً لمثل هذا التعاون الذي يمكن أن يكون نموذجا للعلاقات الإقليمية التي تتطلع للتعاون والأمن والاستقرار”.
بدوره، قال وكيل وزارة التجارة العراقية ستار الجابري إنّ “زيارة الرئيس الإيراني ستشهد توقيع 12 مذكرة تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات”. وقال نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية في البرلمان العراقي حسين السعبري إنّ “زيارة الرئيس الإيراني للعراق ستعمل على إنجاز الكثير من الملفات المهمة، وستطرح ملفات اقتصادية وسياسية وأمنية مع الجانب الإيراني”، مؤكداً أنّ “الزيارة وما تحمله من حوارات بين البلدين ستؤثر إيجاباً في مجالات كثيرة خصوصاً في ملفات الطاقة والغاز والكهرباء والتجارة”.
أهم الملفات والتحديات
يقول الصحافي الإيراني عباس أصلاني المقرب من الخارجية الإيرانية إن بزشكيان يترأس في الزيارة وفداً مكوناً من أكثر من 10 وزراء ورؤساء مؤسسات، وسيبرم خلالها 15 وثيقة تعاون بين البلدين، ستدفع بشكل لافت العلاقات التجارية والاقتصادية إلى الأمام. ويضيف أن بدء أول زيارة خارجية لبزشكيان من العراق، يؤكد أولوية عقيدة الجوار في السياسة الخارجية الإيرانية، مشيراً إلى أن البلدين تربطهما علاقات سياسية، وتجارية، واقتصادية، وثقافية، ومذهبية وثيقة.
من جانبه، يؤكد رئيس تحرير موقع الدبلوماسية الإيرانية، علي موسوي خلخالي، أن الزيارة تحمل في طياتها رسائل مهمة، لكون العراق أهم دولة جارة لإيران وأهم حليف لها، تربطهما علاقات وثيقة جداً، “يشكل العراق البلد الأكثر قرباً إلى إيران، ولا يوجد بلد آخر تربطه علاقات وثيقة مع إيران كما هو الحال مع العراق”. ويضيف موسوي خلخالي أن الرسالة التي تحملها الزيارة، أن العراق ما زال يشكل الأولوية في العلاقات الإيرانية الخارجية، وكما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فإن هذه العلاقات تتعدى علاقات ثنائية بين بلدين.
مع ذلك، تواجه العلاقات الإيرانية العراقية تحديات، في مقدمتها حسب الخبير موسوي خلخالي، التوترات بين إيران والغرب، والتي لها مفاعيلها على تلك العلاقات، مشيراً إلى أن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران أثرت على العلاقات التجارية بين طهران وبغداد، حيث تتراجع سنوياً هذه العلاقات بسبب العقوبات، فبينما كانت تخطط لرفع حجم التجارة بين البلدين إلى أكثر من 20 مليار دولار سنوياً، إلا أنها تراجعت إلى أقل من 10 مليارات دولارات.
ويضيف موسوي خلخالي أن التجارة بين العراق وإيران بعد إبرام الاتفاق النووي وصلت إلى 15 مليار دولار، لكنها حالياً قد وصلت إلى 8 أو 9 مليارات دولارات، كما لا تستطيع بغداد دفع مستحقات إيران لواردات الغاز والكهرباء منها، بسبب العقوبات الأميركية. ويتوقع الخبير الإيراني وقوع توترات سياسية مع إيران كلما اقتربت الانتخابات العراقية، وذلك بسبب التنافس بين القوى والتيارات السياسية العراقية، لافتا إلى أن التيار الصدري يمكن أن يتخذ مواقف سياسية ضد إيران خلال حملته الانتخابية، كما بعض القوى السنية مثل تيار رئيس البرلمان العراقي السابق محمد الحلبوسي الذي لم تربطه علاقات جيدة مع إيران، مضيفاً أن هذه التيارات ترى أن عدم اختيار رئيس البرلمان العراقي بعد الحلبوسي “هو نتيجة الضغوط الإيرانية”.
ويشير إلى العلاقات الإيرانية مع أكراد العراق، حيث وصلت إلى “مستوى سياسي مطلوب” بعد زيارة رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني خلال مايو/ أيار الماضي، موضحاً أن زيارة بزشكيان “المهمة” إلى الإقليم ستساهم في تطوير هذه العلاقات، “لكن إيران ما زالت تراودها مخاوف أمنية من إقليم كردستان، بسبب نشاطات مجموعات معارضة كردية إيرانية هناك موصوفة بأنها إرهابية”، حسب تعبيره. ويوضح أن التحدي الآخر أمام العلاقات بين إيران وإقليم كردستان العراق هو “النفوذ الإسرائيلي في هذه المنطقة”.
زيارة البصرة
ويلفت رئيس تحرير موقع الدبلوماسية الإيرانية، إلى أن زيارة الرئيس الإيراني إلى البصرة هي أول زيارة لمسؤول إيراني رفيع إلى هذه المنطقة منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، بالتالي فإن هذه الزيارة “تحمل رسالة مهمة”، مشيراً إلى أن أحد أهم المطالب الإيرانية من العراق هو تجريف شط العرب. ويوضح أن الزيارة ستشهد إجراء مباحثات مفصلة بشأن اتفاقية الجزائر المبرمة بين إيران والعراق عام 1975، بالنظر إلى استمرار الخلافات بشأنها.
ويكشف موسوي خلخالي عن أن بحث تطوير العلاقات بين إيران مع مصر والأردن أيضاً من ضمن أجندة زيارة بزشكيان إلى العراق، قائلاً إنه “ستجري مباحثات جديدة لتطوير التعاون الإيراني العربي خلال هذه الزيارة”، متوقعاً أن ترتقي العلاقات الإيرانية المصرية قريباً إلى مستوى السفارة من مكتب رعاية المصالح.
وشهدت بغداد، فجر اليوم الأربعاء، سقوط صاروخين على مقربة من قوات أميركية متمركزة في معسكر النصر، قرب مطار بغداد، وسط تقارير عن حدوث أضرار مادية من دون تسجيل إصابات. وأكد رئيس خلية الإعلام الأمني العراقي اللواء تحسين الخفاجي أنّ حركة الطيران طبيعية في مطار بغداد الدولي ولم تتوقف جميع الرحلات.
وقال الخفاجي نقلاً عن مصدر أمني مخول في بيان نقلته وكالة الانباء العراقية (واع)، إنه سمع صوت انفجار داخل مطار بغداد الدولي في الجزء الذي يشغله مستشارو التحالف الدولي، ولم يتسن للقوات الأمنية العراقية معرفة حقيقة الانفجار ونوعه وأسبابه ولم تعلن أي جهة المسؤولية عنه، مؤكداً أنّ “حركة الطيران المدني طبيعية ولم تتوقف جميع الرحلات”.
وأول أمس الاثنين، قال مسؤول عراقي في وزارة الخارجية إنّ بلاده أنهت صياغة حزمة من مذكرات التعاون الثنائي بين بغداد وطهران، كما سيتم بحث ملفات إقليمية، أبرزها استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، مضيفاً أنه سيتم بحث نتائج مذكرات واتفاقيات أمنية جرى توقيعها في العامين الماضيين. بدوره، قال السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق إنّ بلاده ستوقع مذكرات تفاهم أمنية خلال زيارة بزشكيان إلى بغداد.
ورداً على مسألة وجود أي وساطة عراقية بين إيران ودول أخرى بالمنطقة، قال السفير الإيراني إنّ بلاده قطعت “شوطاً في إعادة العلاقات مع السعودية، ويتم الحديث عن تطوير العلاقات مع بعض دول المنطقة، مثل مصر والأردن، وهذه الإمكانية موجودة للتعامل بهذا الموضوع”.