من الصحافة الإيرانية: زيارة بزشكيان إلى العراق والإنجازات المرجوة
أظهرت الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق أهمية الجار الغربي في عقيدة السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية ونهج "الجيران أولاً".
ميدل ايست نيوز: أظهرت الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق، باعتبارها المحطة الأولى في السياسة الخارجية للحكومة الرابعة عشرة والوجهة الأولى لرئيس إيراني إلى العراق بعد الثورة، أظهرت أهمية الجار الغربي في عقيدة السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية ونهج “الجيران أولاً”.
وأكدت صحيفة “دنياي اقتصاد” في تقرير لها، أن هذه الزيارة التي انطلقت من بغداد ثم النجف وكربلاء وأربيل والسليمانية وأخيرا البصرة العاصمة الاقتصادية لجمهورية العراق، كانت ذات مكانة مهمة في العلاقات بين البلدين في الوضع الراهن للمنطقة. في هذه الزيارة، وضع بزشكيان ثلاثة أبعاد سياسية ودينية وعرقية وأمنية واقتصادية وتجارية على جدول الأعمال من وسط وشمال وجنوب العراق وشدد على تطوير العلاقات بين طهران وبغداد.
إلى جانب هذه الزيارة التي استغرقت ثلاثة أيام، والتي ستلعب بالتأكيد دورا مهما في مستقبل العلاقات بين الجارتين اللتين تمتلكان أطول حدود مشتركة في المنطقة، فإن لدى طهران وبغداد ملفات مهمة ولم يتم حلها ولا تزال مطروحة على الطاولة، ويتطلب حلها الكامل إرادة وتخطيط وعزم.
وينبغي أن يكون البلدان قادرين على إدراج تدابير أكثر جدية على جدول الأعمال، تتجاوز شعارات والخطابات، لتجسيد الملفات القائمة.
المستحقات المجمدة
من الملفات المطروحة بين إيران والعراق، والتي كانت على جدول أعمال زيارة الرئيس الإيراني والوفد المرافق له إلى بغداد، الإفراج عن 11 مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في بنوك العراق. ويدل حضور وزير الاقتصاد في هذه الزيارة، والذي كان رئيسا للبنك المركزي سابقا، على السعي الجاد لهذه القضية المطروحة على طاولة البلدين.
لكن يبدو أن الطرفان لم يصلا بعد إلى نتيجة حول هذه المستحقات خلال هذه الزيارة، إذ لا تزال بغداد تنتظر الضوء الأخضر من واشنطن لإغلاق هذا الملف، علما أنه قبل أقل من شهرين، سافر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى واشنطن للتفاوض على الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة في العراق.
وبحث وزير الخارجية العراقي، خلال لقاء مع نائب وزير الخارجية الأمريكي في واشنطن، مسألة المستحقات المحجوبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق، وشدد على ضرورة إيجاد حل سريع وعادل لها.
وهذه المسألة هي بطبيعة الحال جزء من الخلاف بين إيران وأميركا حول العقوبات، وإلى أن نرى تغييراً في هذا الصدد، فمن غير المرجح أن يتمكن العراق من تقديم هذه الأصول إلى طهران.
قطار الشلامجة-البصرة
أما الملف الآخر والهام للغاية والذي لطالما طرح على طاولة المحادثات بين إيران والعراق هو استكمال خط قطار الشلامجة-البصرة في العراق. أثناء سفره إلى البصرة ولقائه بسكان وناشطي هذه المحافظة، قال بزشكيان: نحن عازمون على متابعة خط قطار الشلامجة-البصرة بكل قوة.
وقالت فرزانة صادق، وزيرة الطرق والتنمية الحضرية، لوسائل الإعلام خلال الزيارة: ستكون المشاورات والمفاوضات مع السلطات العراقية لاستكمال مشروع قطار الشلامجة-البصرة وتعزيز الطريق على جدول الأعمال.
وأعلن عن مشروع قطار الشلامجة-البصرة منذ أكثر من عقدين، وكان يشهد تنفيذه والحديث عنه صعودا وهبوطا في السنوات القليلة الماضية، لكن لأسباب عديدة، من هجوم داعش على العراق إلى قلة الائتمان وعدم الاتفاق مع العراق لتسليم الأراضي المطلوبة، تم تأجيل هذا المشروع عدة مرات.
لكن، بعيداً عن المشاكل الفنية، منذ اليوم الأول لهذا الاتفاق، كان هناك خلاف بين العراق وإيران حول الهدف من بناء خط سكك الحديد الفرعي هذا. تقول العراق إن الغرض من تسيير هذا القطار هو فقط لنقل الزوار إلى العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، لكن إيران تتوقع أكثر من هذا وتعتقد أن هذا قطار سيتم بناؤه لنقل الركاب والبضائع وربط شبكة السكك الحديدية الإيرانية بالسكك الحديدية السورية عبر العراق. وترجع جذور هذا الخلاف إلى اختلاف المواقف الاقتصادية والاستراتيجية بين الجانبين.
تقول السلطات العراقية إن هذا المشروع لا يمكن استخدامه لغرض نقل البضائع، وذلك لأن موانئ إيران بعيدة عن المسافة المحددة. لكن مع إطلاق قطار الشلامجة-البصرة، يمكن استخدام هذا الطريق كمسار جيد لنقل الزوار الإيرانيين. في المقابل، يمكن للزوار العراقيين السفر إلى إيران بالقطار إلى مدينتي قم ومشهد.
ورغم هذه العقبات، تصر إيران على أنه في المستقبل القريب، ومع الحركة المباشرة لقطار طهران-كربلاء، سنشهد ربط الحلقة المفقودة البالغة 36 كيلومترا بين البلدين. ويرتكز تحديد الأهداف على حقيقة أن مشروع الشلامجة-البصرة سيتم تشغيله خلال السنوات الثلاث المقبلة.
اتفاقية أمنية مشتركة مع بغداد وإقليم كردستان
أما الملف الثالث المطروح على طاولة إيران والعراق، والذي شهد، على عكس الملفين الأولى والثاني، تقدماً جيداً نسبياً هو الاتفاقية الأمنية المشتركة مع بغداد وإقليم كردستان العراق حول أمن الحدود واستقرارها ونزع سلاح الجماعات والميليشيات الكردية العراقية، وحول أهمية دور سياسات أربيل والسليمانية في نجاح تنفيذها.
ولاقت الدبلوماسية النشطة لبزشكيان في إقليم كردستان العراق، حيث كانت الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى هذه المنطقة بعد الثورة وتحدثه باللغة الكردية، صدى كبيرا بين سكان وناشطي هذه المنطقة، وركزت بشكل مزدوج على العلاقات الثقافية واللغوية المشتركة. وهو إجراء يمكن أن يؤثر على التنفيذ الأكثر دقة لهذه الاتفاقية الأمنية وتحويل الحدود الأمنية للبلدين إلى حدود ثقافية واقتصادية.