من الصحافة الإيرانية: أدوات سياسية وعسكرية لإيران أمام موقف روسيا من ممر زنغزور

إن تدخل روسيا في ممر زنغزور غير الموجود يشكل تدخلاً غير مقبول من جانب روسيا في علاقات إيران مع الدول المجاورة في المنطقة.

ميدل ايست نيوز: أثار الموقف روسيا الأخير بشأن ممر “زنغزور” والتعاون مع جمهورية أذربيجان لتفعيله ردود فعل في أوساط السياسيين وأساتذة الجامعات وخبراء النقل والترانزيت ووسائل الإعلام في إيران.

وطرح مشروع بناء وتسيير ما يسمى بممر زنغزور من قبل قادة الكرملين وباكو، بعيدا التعريفات الدولية للممرات والضغوط على ممارسة سيادة دولة مستقلة لها الحق في السيادة فوق أرضها. برزت هذه القضايا بعد حرب كاراباخ الثانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 والتدخل الشخصي لرئيس روسيا الاتحادية في مسألة التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي لا تزال نتائجه السلبية تشكل عائقاً خطيراً أمام إحلال السلام بين الأطراف المعنية.

وفي نوفمبر 2020، ومع الهجوم العسكري لجمهورية أذربيجان على الأراضي المحتلة، اضطرت أرمينيا إلى إخلاء أراضيها. وتسبب دخول روسيا في قضية الصراع ودعوة الأطراف للتوقيع على الاتفاق (دون مشاركة العضوين الآخرين في قيادة المجموعة)، ورغم أنه حل المشكلة ظاهريا، تسبب في الواقع في مزيد من التعقيد واستمرار الأزمة.

وبموجب الفقرة 5 من هذا الاتفاق، تقرر أن توفر أذربيجان ممرا تحت حراسة الجنود الروس يسمى “ممر لاتشين” لربط الأرمن الأصليين الذين يعيشون في منطقة كاراباخ مع أرمينيا، وفي المقابل ستوفر أرمينيا ممر موازي لنهر آراس في الجنوب لتسهيل الاتصال بين ناختشيفان وأذربيجان.

وفي هذه الأثناء، فشلت روسيا في ضمان أمن الأرمن الأصليين الذين يعيشون في ناغورنو كاراباخ، ومع الهجوم العسكري الأذربيجاني على كاراباخ، في عام 2022، أُجبر أكثر من 120 ألف أرمني يعيشون في هذه المنطقة على الفرار إلى أرمينيا. ومع إغلاق ممر لاتشين، منعت أرمينيا أيضًا ناختشيفان من التواصل مع الأراضي الرئيسية لجمهورية أذربيجان.

وفي أعقاب هذه القضية، أصرت تركيا وجمهورية أذربيجان على إنشاء ممر في الأراضي الأرمنية بعد التهديدات العسكرية، حتى مع معارضة الحكومة الأرمينية. وعارضت إيران أي تغيير في حدودها المشتركة مع أرمينيا (حدود مشتركة بطول 41 كيلومترا بين البلدين) ومنعت فرض أي ضغط على أرمينيا.

وبمبادرة إيرانية، تقرر أنه من أجل ربط سكان جمهورية ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي مع الأراضي الرئيسية لجمهورية أذربيجان، سيواصلون الاستفادة من نفس طريق إيران، الذي استفادوا منه منذ بداية الصراعات عام 1988، وإنشاء ممر بالتعاون مع إيران وجمهورية أذربيجان يسمى “ممر آراس” من خلال تحسين المسار السابق في أراضي إيران، لإقامة الاتصال بين الجانبين المذكورين.

إن تدخل روسيا في ممر زنغزور غير الموجود يشكل تدخلاً غير مقبول من جانب روسيا في علاقات إيران مع الدول المجاورة في المنطقة. وتمتلك إيران أدوات سياسية وعسكرية لتأمين مصالحها الوطنية، وتحذر روسيا من التدخل في شؤون إيران الداخلية وعلاقاتها مع جيرانها المتاخمين.

وتتمتع إيران باتصال بحري مع العالم دون الحاجة إلى ممر الشمال-الجنوب، مستفيدة من أكثر من 2000 كيلومتر من السواحل في الخليج وبحر عمان، الذين يعتقدون أن هذا الممر لم يحقق فوائد كبيرة لإيران، ووقت توقيع هذه الاتفاقية، اعتبرتها روسيا “ممراً استراتيجياً” لفترات الأزمة (مثل الوضع الحالي للعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب).

ويؤكد الناشطون في قطاع النقل والخبراء السياسيون وخبراء البيئة أن روسيا، من خلال التأكيد على ربط السكك الحديدية بين رشت وأستارا، أنها تسعى وراء مصالحها الخاصة في إطار التخلص من المآزق المستقبلية المحتملة (استمرار احتلال أجزاء من جورجيا وأوكرانيا) ولأن العقوبات الغربية تتطلب ذلك، لكن لا يوجد مبرر اقتصادي وبيئي لإيران، ويمكن لها تخصيص أموالها في مشاريع أكثر أهمية مثل قطار تشابهار-زاهدان.

وترتبط السكك الحديدية الإيرانية بآسيا الوسطى (السرخس وإنشبرون) والسكك الحديدية الروسية على كلا الجانبين. والأهم من ذلك، أن توقيع اتفاقية ممر الشمال-الجنوب محدد في طريق “روسيا – بحر قزوين – إيران – الخليج”. وهذا هو الطريق الأمثل للممر الصعب الذي لم يشهد النشاط المتوقع منذ أكثر من 24 عاما.

وبحسب الخبراء الروس، فقد كان “ممرًا ورقيًا”. فالأمن القومي الإيراني يتم توفيره من الشمال من خلال الاستفادة من “ممر الشمال-الجنوب” (بنود اتفاقية سانت بطرسبورغ عام 2000) و”ممر آراس” من خلال عدم بناء ممر “زنغزور” الوهمي ومن خلال عدم بناء “قطار رشت-أستارا”.

بهرام أمير أحمديان
خبير في القضايا الدولية والجيوسياسية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى