من الصحافة الإيرانية: الانتقال من الطابع الأمني إلى الاقتصادي في علاقات طهران مع بغداد

أثارت زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق ردود فعل عديدة بين الأوساط السياسية ووسائل الإعلام المحلية.

ميدل ايست نيوز: أثارت زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق ردود فعل عديدة بين الأوساط السياسية ووسائل الإعلام المحلية.

ورغم أن تحقيق إنجازات الزيارة السياسية يعتمد على تنفيذ الاتفاقيات الموقعة أو التفاهمات غير المدوّنة التي تم التوصل إليها في مشاورات مختلفة، لكن يبدو أن تغيير الحكومة في إيران وتركيز الحكومة الجديدة على سياسة خارجية مختلفة، والقيام بهذه الزيارة في وقت تشهد المنطقة العديد من التطورات، قد زاد من حجم التفاؤل بنجاحها أو فتح مجال مختلف لتعميق العلاقة بين إيران والعراق.

وخلال حديث لموقع جماران، رأى علم صالح، أستاذ الجامعة الوطنية الأسترالية وخبير في العلاقات الدولية أن ما يجعل زيارة الرئيس الإيراني للعراق مختلفة هذه المرة هو خلفية التطورات الإقليمية والمحلية المختلفة التي تمت فيها هذه الزيارة.

وحول الرسائل التي حملتها هذه الزيارة، قال: تغيّر الدول والحكومات سياساتها بناء على الأحداث والتطورات المحيطة بها. يمكن دراسة هذه التطورات وتحليلها على ثلاثة مستويات إقليمية، داخل العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، وداخل إيران. وعلى أساس هذه التغيرات والتطورات، يمكن تفسير التوجه الإيراني الجديد ليس تجاه العراق فحسب، بل تجاه الشرق الأوسط برمته.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن كل التطورات تأخذنا نحو “شرق أوسط جديد”، قائلا: قلصت دول المنطقة اليوم اعتمادها التقليدي على الغرب وتسعى لانتهاج سياسات مستقلة في مختلف المجالات. الاستثناء الوحيد في هذه الساحة هو (الكيان) الصهيوني، الذي يختلف مقاربته عن باقي اللاعبين الإقليميين بسبب الدعم الذي لا شك فيه من أمريكا والغرب واختلاف جنسه.

وواصل: إن التوجهات المتبعة في الشرق الأوسط الجديد لن تكون بالضرورة أمنية بعد اليوم، إذ تحاول البلدان تحسين علاقاتها السياسية والاقتصادية في فترة ما بعد الصراع.

وعلى وقع هذا، فإن سلوك وسياسة الدول، بما في ذلك إيران، سوف تتغير بالتأكيد. ونحن نرى أن إيران تمكنت من إقامة علاقات اقتصادية جيدة مع الدول المجاورة لها واستخدمتها للحد من تأثير العقوبات.

وأردف علم صالح: لطالما كان جزء كبير وبارز من نظرة طهران للعراق أمنيا بسبب وجود القوات الأمريكية ومن ثم أنشطة داعش في هذا البلد. اليوم وبعد أن تم حل هاتين المسألتين إلى حد كبير يمكن القول إن وجود أمريكا أو نشاط داعش في هذا البلد ليس قوياً بما يكفي لاعتباره تهديداً لإيران. ومن هذا المنطلق، تحاول إيران أن تبعد الطابع الأمني والعسكري عن نظرتها للعراق وتركز على القضايا الاقتصادية والسياسية. وفي إطار هذه السياسة الجديدة لإيران، يستطيع مسعود بزشكيان تقديم وجه ناعم لإيران في العراق بسبب عدم اعتماده على بعض القنوات الأمنية في إيران، واعتباره شخصية سياسية.

وتحدث الأستاذ الجامعي عن أهمية زيارة الرئيس الإيراني إلى إقليم كردستان العراق، والتي تعتبر الزيارة الأولى لمسؤول إيراني من هذا المستوى إلى هذه المنطقة، مشيرا إلى مخاوف إيران الأمنية من وجود جماعات معارضة انفصالية في المناطق الحدودية: إقليم كردستان العراق مهم بالنسبة لإيران اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، وهذا ما يجعله متأثرا بما يحدث في المنطقة. تعرف طهران جيداً أن تحويل أربيل إلى عدو ليس بالأمر الحكيم، ويمكن مقابلة المخاوف عبر نهج جديد لإبعادهم عن الجهات الفاعلة التي ليست بالضرورة صديقة لإيران.

وأكد أن سلطات إقليم كردستان توصلت إلى تفاهم مماثل بشأن علاقتها مع إيران، يقول: في أربيل والسليمانية، تشكلت وجهة نظر مفادها أنهم لا يستطيعون تجاهل قوة الدول المجاورة القوية لهم.

وأشار علم صالح في الختام إلى أن إيران تمكنت من تحقيق ردع عسكري نسبي في المنطقة، موضحا: في ظل هذه الأوضاع، يجب على إيران أن تجري مراجعات جدية لسياساتها الإقليمية والداخلية حتى تتمكن من التكيف مع الظروف الجديدة، والاستفادة منها إلى أقصى حد من أجل توفير الخدمات العامة للإيرانيين. وفي الوقت الحالي، يمكن لقضايا مثل البيئة أو الاقتصاد أن تكون الأسس الرئيسية للتعاون الإيراني العراقي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 14 =

زر الذهاب إلى الأعلى