نووي إيران.. تحركات دبلوماسية أوروبية لخفض التوتر قبل انتخابات أميركا
يجتمع مسؤولون إيرانيون وأوروبيون الأسبوع المقبل، في اختبار لما إذا كان بوسع الجانبين إيجاد طريق للعودة إلى الدبلوماسية بخصوص برنامج إيران النووي، وخفض التوترات مع إسرائيل والغرب.
ميدل ايست نيوز: يجتمع مسؤولون إيرانيون وأوروبيون على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك الأسبوع المقبل، في اختبار لما إذا كان بوسع الجانبين إيجاد طريق للعودة إلى الدبلوماسية بخصوص برنامج إيران النووي، وخفض التوترات مع إسرائيل والغرب.
وفي أول زيارة له للغرب منذ انتخابه في يوليو، تحط طائرة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على الأراضي الأميركية قبل 6 أسابيع من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر، والتي قد تعيد الرئيس السابق دونالد ترمب، المعارض القوي للتسوية مع إيران، للبيت الأبيض.
وقال 3 مسؤولين إيرانيين لـ”رويترز”، إن بزشكيان، وهو معتدل نسبياً، سيوجه رسالة مفادها أن “طهران منفتحة على الدبلوماسية”، بينما يؤكد أن بلاده لن تخضع للضغوط.
ويأمل قادة إيران أن يروا تخفيفاً للعقوبات الأميركية المفروضة؛ بسبب برنامج بلدهم النووي. لكن العلاقات مع الغرب ساءت منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر الماضي، ووسط تقارير عن زيادة طهران دعمها للحرب الروسية في أوكرانيا.
وتطغى على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة انفجارات هذا الأسبوع لأجهزة اتصال لاسلكية (بيجر) وأجهزة لاسلكية محمولة يستخدمها أعضاء جماعة “حزب الله” اللبنانية، ما أثار مخاوف من اندلاع صراع إسرائيلي عربي أوسع نطاقاً.
ومن غير الواضح ما إذا كان بوسع الأوروبيين والإيرانيين إيجاد مجالات للتسوية في نيويورك، إذ تُسرّع طهران برنامجها النووي، بينما تحد من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة على مراقبته.
وتضغط بريطانيا وفرنسا وألمانيا، القوى الأوروبية الوحيدة التي وقعت على الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، من أجل سياسة أكثر صرامة للضغط على طهران للعودة إلى الحوار خشية أن يشجع انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات طهران، ولا يترك مجالاً يُذكر للدبلوماسية.
وقد يكون لدى بزشكيان مساحة صغيرة لاتخاذ القرار إذ أن المرشد الأعلى الإيراني، وليس الرئيس، هو صاحب القول الفصل في سياسة طهران النووية والخارجية.
وقال مسؤول إيراني، طلب عدم الكشف عن هويته، “يرى حكام إيران أن المواجهة المتوترة مع الغرب بشأن برنامج إيران النووي يجب أن تنتهي.. لكن من خلال مفاوضات من موقع قوة، وليس تحت ضغط”.
وذكرت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار في رابطة الحد من التسلح، أنه من المرجح عدم وجود حديث موضوعي قبل الانتخابات الأميركية.
لكن اتخاذ خطوات مؤقتة، مثل تخفيف بعض العقوبات المفروضة على إيران مقابل توسيع مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها النووية، قد يكون أمراً ممكناً.
وأضافت دافنبورت “خفض التصعيد أمر معقول. أتصور أنه سيفيد الجانبين”.
إيران تلمح إلى استعدادها للحوار
وألمح المرشد الأعلى الإيراني في خطاب ألقاه خلال أغسطس الماضي، إلى استعداده لاستئناف المفاوضات النووية. كما أرسل تعيين عباس عراقجي وزيراً للخارجية إشارة إيجابية، إذ كان أحد المهندسين الرئيسيين للاتفاق النووي لعام 2015 الذي حد من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الغربية.
لكن الشكوك لا تزال قائمة عند الجانبين بشأن ما يمكن تحقيقه من خلال اجتماعات الأمم المتحدة حيث من المقرر أن يلتقي بزشكيان وعراقجي بمسؤولين أوروبيين.
فرضت أميركا والاتحاد الأوروبي عقوبات ضد كيانات وأفراد من إيران من بينهم وزير الدفاع السابق أشتياني رداً على إرسال طهران صواريخ ومسيرات لاستخدامها ضد إسرائيل وأوكرانيا.
بالنسبة للأوروبيين، الذين ما زالوا طرفاً في الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب في 2018، هناك شعور بأن قيادة طهران لن تغير مسارها، وأن التوصل لأي اتفاق أوسع يشمل البرنامج النووي والدور الجيوسياسي لإيران غير واقعي في الوقت الحالي.
وقال دبلوماسي أوروبي: “أعتقد أننا نبحث عن الأقل مقابل الأقل. عليك أن تفعل شيئاً في هذا الشأن، ونحن نفعل شيئاً في ذاك”.
وذكر مسؤول إيراني ثان أن طهران ترحب “بفكرة الأقل مقابل الأقل؛ لأن الظروف أسوأ بكثير مما كان عليه الأمر في عام 2015”.
وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وإسرائيل إيران باستخدام برنامجها النووي غطاء لمحاولات تطوير القدرة على إنتاج الأسلحة. وتقول طهران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط.
عودة العقوبات
لا يملك الغرب سوى القليل من الأدوات للضغط على طهران وسط مخاوف من أن الإدارة الأميركية المقبلة، سواء بقيادة ترمب أو نائبة الرئيس الحالية كاملا هاريس، ستحتاج إلى الوقت لمراجعة السياسة.
قد يمنح هذا القليل من الوقت لوضع خطة عمل مشتركة قبل أكتوبر 2025 عندما ينتهي العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي وفر صلاحية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وقال مسؤول أوروبي كبير: “هذا يخاطر بسحب أداة الضغط الرئيسية لدينا على إيران، لذا يتعين علينا ممارسة الضغط الآن”.
لم تقرر المفوضية الأوروبية بعد ما إذا كانت ستعيد فرض العقوبات ومتى، لكنها تثير على مدى عدة أشهر احتمال القيام بذلك لمحاولة استعادة بعض النفوذ على إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي الجديد في نهاية يناير.
وفي إشارة إلى إحباطها من إدارة بايدن، مضت المفوضية الأوروبية قدماً في يونيو بقرار يوبخ إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على الرغم من التحفظات الأميركية على أن هذا القرار قد يؤدي إلى تفاقم الأجواء الجيوسياسية المتوترة بالفعل.
وقال دبلوماسيون أوروبيون ومسؤول أميركي إن إدارة بايدن حاولت إبعاد ملف إيران عن مهام الرئيس لإفساح المجال لأولويات أخرى.
وصرح عراقجي للتلفزيون الرسمي في 15 سبتمبر بأنه “مع اقتراب موعد الانتخابات، فإن الأميركيين ليسوا مستعدين لمفاوضات جادة… ومع ذلك، إذا لزم الأمر، فسنبادر بالاتصال بالأوروبيين، ولن ننتظر الولايات المتحدة”.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة “تنسق عن كثب مع الأوروبيين بشأن نهجنا تجاه إيران، ويشمل ذلك ما يتعلق بالتقدم النووي المثير للقلق الذي تحرزه إيران”.
ومات الاتفاق النووي لعام 2015 تقريباً والوحدة الدولية خلال إبرام ذلك الاتفاق، عندما وقفت روسيا والصين إلى جانب القوى الغربية، لم تعد موجودة.