إيران بين تهديدات متكررة ودبلوماسية مكثفة في وجه إسرائيل
بين توجيه انتقادات شديدة وتهديدات لإسرائيل وخوض مشاورات دبلوماسية مكثفة لتفادي مزيد من التصعيد، يبدو نهج إيران متناقضا.
ميدل ايست نيوز: بين توجيه انتقادات شديدة وتهديدات لإسرائيل وخوض مشاورات دبلوماسية مكثفة لتفادي مزيد من التصعيد، يبدو نهج إيران متناقضا في وقت توعدت الدولة العبرية بالرد على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدفها في مطلع الشهر.
أطلقت إيران يومها حوالى مئتي صاروخ على إسرائيل، ردّا على الضربات الإسرائيلية على لبنان التي أودت في نهاية أيلول/سبتمبر بالجنرال الإيراني في الحرس الثوري عباس نيلفوروشان والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وأكّدت إيران أيضا ان الهدف من الضربة الثأر لمقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران في عملية نسبتها إلى إسرائيل.
ونبّه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الى أن الردّ الإسرائيلي على الضربات الإيرانية سيكون “قاتلا ومحدّدا ومفاجئا”.
وقال الجنرال حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري الإيراني: “إذا ما أخطأتم وهاجمتم أهدافنا، سواء في المنطقة أو في إيران، سنضربكم مجددا ضربا أليما”.
وأشار الجنرال محمد باقري رئيس هيئة أركان القوّات المسلّحة الإيرانية إلى أنه “ينبغي على العدوّ الصهيوني أن يعرف أنه يقترب من نهاية حياته البائسة”، واصفا إسرائيل بـ “الورم السرطاني”.
ولا تعترف إيران بدولة إسرائيل وتضع القضية الفلسطينية في صلب سياستها الخارجية منذ الثورة الإسلامية في 1979.
خفض التصعيد
في المقابل، يخوض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حملة دبلوماسية مكثّفة لدعم موقف بلده.
وزار في خلال أسبوعين تسع عواصم وأجرى الثلاثاء مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
واعتبر الخبير السياسي الإيراني أحمد زيدآبادي المتخصّص في العلاقات الدولية والمقيم في طهران في تصريحات لوكالة فرانس برس أنه “لا يمكن القول إن هذه المواقف متضاربة”، مشيرا إلى أن عراقجي “نفسه يكرر تصريحات العسكريين” ومفادها أنه في حال شنّت إسرائيل هجوما، فإن “ردّ إيران سيكون موجعا”.
وأكّد وزير الخارجية الإيراني أن إيران “مستعدّة بالكامل للحرب”.
وبحسب الخبير السياسي، تقوم مهمّة وزير الخارجية على “خفض التصعيد” وتقضي المسألة بمعرفة “الآلية المختارة” لهذا الغرض.
وبعد أسبوع من مقتل نصر الله في بيروت، زار عباس عراقجي لبنان في أوّل زيارة له بعد الهجمات الصاروخية التي شنّتها إيران على إسرائيل.
وانتقل من لبنان إلى سوريا التي تؤدّي دورا استراتيجيا في تزويد حزب الله المدعوم عسكريا وماليا من إيران بالاسلحة.
إحلال السلام
شكّلت الزيارتان فرصة “لإعادة التأكيد على دعم إيران لحلفائها في محور المقاومة”، بحسب الخبير السياسي الإيراني حميد رضى عزيزي المقيم في برلين والمتعاون مع المعهد المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط “Middle East Council”.
وفي دليل على دعم إيران الثابت، نُشر مقطع مصوّر لرئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف الذي سافر إلى لبنان وهو يقود الطائرة التي تقلّه إلى بيروت بالرغم من الضربات التي تشنّها إسرائيل يوميا.
ويضمّ “محور المقاومة” حركة حماس وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين اليمنية وميليشيات عراقية، وكلّها محسوبة على إيران ومناوئة لإسرائيل.
وكتبت صحيفة “إيران” الرسمية أن “وزير الخارجية يسعى بإلحاح إلى التقريب بين سياسة إيران والدول العربية” وإلى “الحدّ من التهوّر العسكري للقادة الإسرائيليين”، معتبرة أن “هذه الجهود الدبلوماسية ترمي إلى إحلال السلام وإنهاء جرائم إسرائيل”.
وكان لوزير الخارجية الإيراني محطة في السعودية التي شهدت علاقتها بإيران تحسّنا ملحوظا العام الماضي، فضلا عن قطر والعراق وعمان التي تضطلع عادة بدور الوسيط في المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
ثمّ حطّ عراقجي في الأردن الذي تربطه علاقات معقدّة بإيران، فمصر التي لم يزرها وزير خارجية إيراني منذ العام 2013. وقام عراقجي الجمعة بزيارة تركيا.
وبعد سنوات من التقارب بين إسرائيل وعدّة عواصم عربية، “ترغب إيران في أن تبتعد البلدان العربية عن محور إسرائيل”، وفق الخبير أحمد زيدآبادي.