تخمض الجبل فولد فأرا… هل يحاول نتنياهو التلاعب بأعصاب طهران لجرها نحو حرب تخدم أهدافه؟

التهديدات والزمجرات الإسرائيلية بالتحضير لهجمات واسعة النطاق ضد إيران لا تعني بالضرورة امتلاك إسرائيل القدرة على تنفيذها، إلا إذا كانت تريد أن تضرم النار في نفسها أولا ثم المنطقة.

ميدل ايست نيوز: رغم كل زمجرة نتنياهو وتصريحاته الصاخبة حول ما يريد أن يفعله بإيران، فلن يتمكن هو أو جيش إسرائيل المدجج بالسلاح من فتح جبهة حرب كبيرة ضد دولة بحجم إيران. والسبب في ذلك ليس تحليلات من الخيال العلمي وغض بصر عن التطورات الحالية في نطاق الصراع الإيراني الإسرائيلي وحرب الظل بين الطرفين، بل القيود الجغرافية وسقف القوة العسكرية الإسرائيلية والاعتبارات التي تفرضها الهيمنة التي تحكم عالم السياسة على تل أبيب. إذن، لا بد من التركيز على مصدر “التهديدات الإسرائيلية الأخرى” ضد إيران وعلى أجندتها العدائية غير المباشرة والتي نادرا ما يتطرق أحد للحديث عنها.

يثبت تاريخ الحروب الإسرائيلية في العقود السبعة الماضية أنها لم تتمكن من تحقيق النصر إلا في حرب واحدة غير متكافئة. حربٌ دعمتها الجهات اللوجستية والدبلوماسية الواسعة النطاق للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي ترى إسرائيل ابنها الشقي المدلل. نتحدث هنا عن حروب 1967 و1973 بين العرب وإسرائيل والتي لا زالت باقية في ذاكرة الشرق الأوسط والعالم. فعندما كانت على حافة الانهيار، تمكنت إسرائيل من الانتصار على أعدائها بدعم غربي على مختلف الأصعدة والتغيير في ميزان القوى.

نقطة جديرة بالملاحظة في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية والحروب التي خاضها حزب الله وحماس (خاصة) في ثمانينات القرن الماضي وعام 2006، تشير إلى أن نقطة ضعف الجيش الإسرائيلي في حروبه هي الاجتياحات والجبهات البرية. أما نقطة القوة والتي تعد غير متكافئة على الإطلاق هي المعارك الجوية والصاروخية. وعلى غرار معاركها الماضية، فقد استنزفت إسرائيل أكبر عدد من القتلى في العمليات البرية التي خاضتها مع حماس منذ 7 أكتوبر 2023 وتخوضها اليوم مع حزب الله. لذلك، فإن خيار إسرائيل – قدر الإمكان – هو تجنب الصراع البري والاعتكاف في قواعدها واستخدام الصواريخ والطائرات الحربية. فإسرائيل لا ترسل عناصرها إلى الأرض إلا عندما يمنحها سلاح الجو الضمانات الأمنية اللازمة.

أضافت تل أبيب مؤخرا “عمليات التجسس الاستخباراتي والتخريب والاغتيال” إلى أولوياتها الرئيسية للإخلال في أمن الدول والجهات المهددة لها. حيث يمكن تفسير وتحليل مختلف الإجراءات الإسرائيلية “انطلاقا من الاغتيالات الدقيقة لقادة محور المقاومة والتخريب والدعاية ثم المضي نحو إدارة الحرب النفسية بمساعدة الإمكانيات الإعلامية” عبر هذا التوجه، والتي سطعت أكثر في نهجها الذي أعطاها نقطة امتياز منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى اليوم. اتبعت إسرائيل هذا النهج بعناية ويقظة قبل تشكيل حكومتها في الأراضي المحتلة.

وفي ضوء هذه الخلفية، تترقب الأوساط بمختلف توجهاتها وميولها السياسية والاقتصادية نوع الرد الذي ستتبعه تل أبيب مع إيران وعلى أي منصة ستدور مجرياته وطريقة تعامل طهران معه. فهل يبقى مجرد ادعاء؟ أم يفتح جبهة حرب واسعة؟ أم أنه سيكون ضمن إطار تعزيز وتعميق الإستراتيجية الاستخباراتية التخريبية والإرهابية؟ يستبعد لفيف كبير من المحللين التكهنات حول قدرة إسرائيل على خوض حرب واسعة النطاق مع إيران، إلا بأساليبها المعتادة المؤسساتية؛ أي الاغتيال والتخريب الأمني. فنتنياهو يريد التلاعب بأعصاب طهران وجرها نحو حرب تخدم روايته وتدفع العالم لمده بالأموال والسلاح وفرض مزيد من العقوبات والضغوط على التهديد الكبير إيران.

التهديدات والزمجرات الإسرائيلية بالتحضير لهجمات واسعة النطاق ضد إيران لا تعني بالضرورة امتلاكها القدرة على تنفيذها، إلا إذا كانت تريد أن ترتكب فعلا أحمقا لا يخرج عن دائرة الجنون وتضرم النار في نفسها أولا ثم المنطقة. وهنا يبقى السؤال: بالنظر إلى قدرات إيران، هل يمنح حلفاء إسرائيل مثل هذه الفرصة لحكومة نتنياهو؟ وهل سيتمكن أخطر مخلوق في الغابة السياسية من الإقدام على هذه الخطوة، أو أن الجبل سيتمخض وينجب فأرا، كما يقول المثل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى