يسكنه 19 مليون نسمة… “النسيج العمراني المتهالك” أزمة تلاحق الحكومات الإيرانية

يعد تجديد النسيج العمراني المتهالك للمناطق الحضرية في إيران إحدى القضايا التي تصدرت عناوين الصحف ووسائل الإعلام المحلية لسنوات طويلة.

ميدل ايست نيوز: يعد تجديد النسيج العمراني المتهالك للمناطق الحضرية في إيران إحدى القضايا التي تصدرت عناوين الصحف ووسائل الإعلام المحلية لسنوات طويلة.

يحتضن هذا النسيج الهش أعداد غفيرة من السكان، ووفقا لآخر تقرير نشره مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، يتضح أنه رغم الجهود المبذولة لتجديد النسيج العمراني خلال حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، إلا أن هناك ملفات تم إهمالها وتسببت في العديد من المشاكل.

تقول التقارير إن ما لا يقل عن 2 مليون و 600 ألف شقة سكنية متهالكة في 5 آلاف و 500 حي في إيران بحاجة إلى تجديد وتحديث. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 19 مليون نسمة، أي ما يعادل نحو 6 ملايين أسرة، يعيشون في هذه الأحياء المتداعية.

وكان تجديد هذه الأنسجة العمرانية محط اهتمام كبير في الحكومة الإيرانية الماضية مقارنة بغيرها من الحكومات، حيث قامت بإدراج هذا الملف في مشروع الحركة الوطنية للإسكان. وبالفعل، قامت حكومة رئيسي بإنهاء تشييد 2050 كيلومترا من الطرق الترابية الواقعة في الأنسجة المتهالكة في شتى أنحاء إيران.

كما كان محور اهتمام تلك الحكومة أيضًا ترميم أكثر من 100 ألف مبنى متهالك واستغلال 102 ألف شقة سكنية مصنعة، وإصدار أكثر من 285 ألف تصريح تجديد عمراني.

لكن مركز الدراسات التابع لمجلس الشورى أشار إلى أنه رغم أهمية وقيمة تجديد الأبنية في الأنسجة العمرانية المتهالكة في السنوات الأخيرة وتحذيرات الخبراء في شؤون الإسكان من تداعيات إهمال هذه القضية، إلا أن التركيز عليها ومعالجة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية كان شبه غائب في تقارير الإنجازات والمشاريع المقدمة من قبل الحكومة السابقة.

تعاني المحافظات الإيرانية بشكل مجمل من أزمة الأنسجة العمرانية المتهالكة، من مستشفيات ومدارس وأبنية وغيرها، وندرة في الشقق السكنية، لا سيما في المدن، وتسريع عملية التجديد العمراني وتوفير المزيد من الشقق سيؤدي إلى تحسين حالة بعض شرائح المجتمع.

من شأنه تجديد الأنسجة الحضرية المهترئة إلى تحويل أي مدينة إلى بيئة ومكان أفضل للمواطنين، لكن تهاون صناع القرار والمخططين الحضريين في إيران وتبني سياسات ديناميكية قد تسبب في أضرار من الصعب إصلاحها لبنية المدن.

كما أن نمو الأنشطة الداعمة للأسواق في أجزاء من المدن التي تتركز فيها الحركة التجارية، خاصة في طهران ومشهد وأصفهان وشيراز، ستصبح بشكل ما عاملا في تغيير النسيج السكاني في البلاد، رغم الفرص الإيجابية التي قد تخلقها كمحرك للتنمية الاقتصادية.

يقول مركز الدراسات في تقريره: ينبغي تعزيز رقعة خدمات دعم الأسواق بغرض التمكين الاقتصادي للسكان القدامى عبر اعتماد الأساليب الملائمة في هذه الأنسجة العمرانية، بحيث يتم أخذ الحفاظ على السكان الأصليين في الاعتبار أثناء خلق نقلة تجديد هذه الأنسجة.

يسكنها المهاجرون

وفقا لمركز دراسات البرلمان الإيراني، فإن المناطق ذات النسيج المتهالك في إيران يسكنها في الغالب مهاجرون أفغان، وقد زادت أعدادهم في السنوات الأخيرة بسبب انخفاض تكاليف المعيشة فيها وتوفر بعض الخدمات وفرص العمل. يفر الإيرانيون بالتدريج من هذه المناطق بعد التحذيرات العديدة من العيش في أبنية متداعية، لا سيما مع كثرت الزلازل والانخسافات الأرضية التي تتعرض لها المنطقة والمدن الإيرانية في الآونة الأخيرة.

الاستطباق والنسيج المتهالك

يعد الاستطباق من القضايا المعقدة التي تتقاطع فيها الجوانب السكنية والاقتصادية والصحية، كما يؤكد المختصون، إذ له تأثيرات عميقة على النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمع. يؤثر الاستطباق بشكل ملحوظ على الخصائص الفريدة للأحياء، مثل التركيبة السكانية ومستويات الدخل للأسر الساكنة فيها، ويحدث ذلك عبر إدخال متاجر ومرافق جديدة إلى المناطق التي كانت تعاني من تدهور سابق.

بالإضافة إلى ما سبق، يسلط مركز الدراسات هذا الضوء على الاستطباق وأهمية الحذر من جعل النسيج المتهالك في مدن إيران وأبنيتها القيمة والثمينة عرضة لهذه القضية.

أهمية تجديد النسيج

لتجديد النسيج العمراني أهمية كبيرة على عدة أصعدة ولعلّ أهمها الجانب الاقتصادي، إذ يعد تحسين المناطق المتهالكة محفزا لاستقطاب استثمارات جديدة ومنشّطا للأعمال التجارية المحلية، مما يساهم في توفير فرص عمل وزيادة الدخل لسكان تلك المناطق.

اجتماعيا وثقافيا، إعادة تأهيل الأحياء المتهالكة يرفع من جودة الحياة للسكان، ويعزز الشعور بالأمان والانتماء للمكان. كما يقلل من الهجرة الداخلية، حيث يفضل الكثيرون البقاء في مناطقهم إذا كانت توفر الخدمات الأساسية والبنية التحتية الجيدة. كما يحافظ على المباني التاريخية والأنماط العمرانية التقليدية ويحمي الهوية الثقافية والمعمارية، مما يعزز ارتباط الأجيال الجديدة بتراثهم.

أما بيئيا وصحيا، فتحسين البنية التحتية للمناطق القديمة، مثل شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، يقلل من مخاطر التلوث والأمراض، ويوفر بيئة سكنية أكثر صحة واستدامة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى