تركيا توسع عملياتها شمالي العراق.. ما علاقتها بحروب إسرائيل؟

يجد مراقبون عراقيون أن تكثيف تركيا من عملياتها، يأتي لردع أي نية لإسرائيل باستخدام عناصر الحزب المعارض ضدها.

ميدل ايست نيوز: تتوسع العمليات العسكرية التركية في شمال العراق بشكل ملحوظ، الأمر الذي يعزوه باحث سياسي تركي، إلى الخرق الأمني الأخير في أنقرة، ردا على نشاطات حزب العمال الكردستاني، متوقعا انتهاء العملية العسكرية الأخيرة على الحدود خلال أسبوع تقريبا، وفيما يشير إلى عدم التزام الحكومة التركية باتفاقها الأمني مع العراق، يجد مراقبون عراقيون أن تكثيف تركيا من عملياتها، يأتي لردع أي نية لإسرائيل باستخدام عناصر الحزب المعارض ضدها، مؤكدين أن أن حرب أنقرة وحزب العمال، في العراق، هي خيار اتخذه الطرفان.

ويقول الباحث السياسي التركي جواد غوك، إن “مجموعات حزب العمال الكردستاني في كل مرة تقوم بعمليات إرهابية أو تفجير داخل تركيا، يعقب ذلك بساعات تحرك للقوات التركية لقصف مواقع الحزب المناوئ في العراق وسوريا”.

وأكدت الحكومة التركية، الأسبوع الماضي، أن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب 22 آخرون في هجوم على مقر شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية في أنقرة، وعرضت محطات التلفزيون لقطات لمهاجمين مسلحين يدخلون مبنى شركة صناعات الطيران والفضاء توساش، قالت إنهم “مجموعة من الإرهابيين” اقتحموا مدخل مقر الشركة و”فجّر أحدهم نفسه”.

وأطلقت تركيا عملية جوية في شمال العراق، الأربعاء الماضي، بعد ساعات من هذا الهجوم على مقر شركة “توساش” في ضواحي العاصمة أنقرة.

وتبنى حزب العمال الكردستاني الهجوم، الجمعة الماضي، ونقلت وكالة “فرات” للأنباء، المقربة من الحزب، أن مُنفذي الهجوم هما مينا سيفجين ألتشيشيك التي كانت تحمل الاسم الحركي آسيا علي، وروجار هالين الذي كان يحمل الاسم الحركي علي أوريك.

وبالنسبة للعمليات العسكرية في العراق، يشير غوك، إلى أن “هناك اتفاقا بين الحكومة التركية والعراقية على ذلك، لكن الأتراك لا يلتزمون بالاتفاق الكامل مع الجانب العراقي إذ كان يفترض أن يقوم الأول قبل أي نشاط عسكري بإعلام الاستخبارات العراقية فقط، أي لابد من من وجود تنسيق استخباراتي بين الجانبين”.

ويتوقع الباحث التركي، “استمرار العمليات الأخيرة حتى أسبوع إلى 10 أيام من أجل إقناع الشعب التركي داخليا برد مقنع على العملية التي حدثت على أراضيها”.

وبشأن الوضع الإنساني جراء تهجير سكان القرى الحدودية العراقية، يلفت إلى أن “لا صوت عراقيا مسموعا في تركيا فيما يخص هذا الجانب”.

وتسبب الصراع المسلح بين حزب العمال الكردستاني التركي (PKK)، والجيش التركي طيلة العقود الأربعة الماضية، في تهجير سكان 800 قرية، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين في إقليم كردستان، شمالي البلاد.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الإثنين، أن قواتها تمكنت من تحييد 23 مسلحا من “حزب العمال الكردستاني” خلال غارات جوية على شمالي العراق، وجاء في بيان الوزارة في صفحتها على موقع “إكس”: “نتيجة للعملية الجوية التي تم تنفيذها شمالي العراق، قُتل 23 من حزب العمال الكردستاني”، نقلا عن وكالة “تاس”.

من جهته، يشير الباحث في الدراسات الاستراتيجية كاظم ياور، إلى أن “العمليات التركية في العراق ستبقى مستمرة، وأي مراقب لا يمكنه تحديد موعد انتهاء هذه العمليات لوجود أسباب موضوعية تؤدي إلى إدامة هذا الصراع الدائر منذ أكثر من أربعة عقود في الحدود”.

ويرى ياور، أن “الانتشار الأخير تزامن مع اشتداد الصراع الدائر في غزة ولبنان، فتداعيات هذه الحرب أدت إلى أن يكون هناك تدخل بنوع أو آخر من قبل رئيس التركي في هذا الملف، وأصبحت هناك مشادات وتهديدات مبطنة بين الجانبين التركي والإسرائيلي، فالأخير عندما يريد ضرب الجانب التركي سيحاول عن طريق حزب العمال الكردستاني”.

ويردف أن “زعيم حزب الحركة القومية التركية، بادر قبل أسبوع بفتح أبواب الحوار والسلام الوطني وإطلاق سراح زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان، ودعا إلى حل الحزب وإلقاء السلاح ومنح دور سياسي للحزب في تركيا، لكن بعد هذه المبادرة حدثت عملية إرهابية في شركة لإنتاج الأسلحة وبدا أنها رسالة واضحة من أطراف تحاول أن تجهض أي عملية سلام بين حزب العمال وتركيا، وأصابع الاتهام تتوجه نحو إسرائيل، لافتا إلى أن “العملية الأخيرة في أنقرة ساهمت في هذا الرد التركي سريعا على مقار حزب العمال داخل العراق”.

يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انتقد في أكثر من مناسبة سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه فلسطين ولبنان، وحذر مؤخرا من تمدد قواتها العسكرية إلى حدود دولته.

ويلفت ياور، إلى أن “كل هذه العوامل كالحرب في غزة ولبنان، ومشاكل روسيا وأوكرانيا وتدخل أمريكا، والحالة العراقية، هي مدعاة لعدم توقف العمليات التركية في الأراضي العراقية، والعراق من جهته أمام أمر واقع، فهو يحاول إبعاد حزب العمال عن مصادر التجارة العراقية التركية خصوصا وأن هناك مشاريع تجارية عملاقة يشكل وجود حزب العمال تهديدا لها”.

يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية، وغالبا ما تصدر بيانات تركية تفيد بحلول العراق في مراتب متقدمة، غالبا كثاني أو ثالث المستوردين لمختلف أنواع السلع، ومنها المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والأخشاب، وحتى المكسرات.

وبخصوص موقف إقليم كردستان، يذكر الباحث أن “هناك تباينا في وجهات النظر بين الأحزاب السياسية في كردستان، فالحزب الديمقراطي توجهه يختلف عن توجهات الاتحاد الوطني، فالأول منسجم مع موقف العراق وتركيا في إنهاء ملف حزب العمال، ويؤيد المسار السلمي وفتح حوار لحزب العمال في تركيا لكي يكون هناك استتباب للأمن على الحدود”.

ويرى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن حكومة إقليم كردستان مهدت الطريق أمام توغل الجيش التركي داخل مناطق شمال العراق من خلال أوامر صدرت من مسعود بارزاني إلى قوات البيشمركة بالانسحاب بالتزامن مع توغل الجيش التركي وسيطرته على مواقع تمركز البيشمركة في مؤشر على وجود تنسيق مشترك بين تركيا وحكومة الإقليم لابتلاع مناطق حدودية لدواع واضحة المعالم.

من جهته، يؤكد الخبير الأمني علاء النشوع، أن “العمليات التركية في العراق ضد حزب العمال هي خيار الخصمين للقتال على الأرض العراقية، ولأسباب استخبارية وتعبوية وميدانية فإن تركيا لا تريد الفوضى في مدنها وخاصة التي يتواجد فيها أنصار حزب العمال”.

ويضيف النشوع، أن “تركيا أبعدت الخصم إلى أراض يمكن فيها استخدام كافة الأسلحة بحرية وخاصة الدروع والمشاة والقوة الجوية فهذه الصنوف قد تكاد خطرة عندما تستخدم في المدن، أما خيارات حزب العمال في الحرب على الأراضي العراقية هو أن المنطقة ذات تضاريس وعرة وجبلية، وهو ما يؤمن حرية الحركة والإفلات من المراقبة الجوية وعدم فاعلية سلاح الجو التركي في الوصول إليهم وذلك لوجود كهوف ودهاليز طويلة وعميقة، وقلة معلومات الجيش التركي عنها”.

وفيما يخص التحركات التركية العسكرية الأخيرة، يشير إلى أن “هناك تكتما إعلاميا وسياسيا وعسكريا وأمنيا عليها، والسبب هو غياب القرار العراقي فهو ضعيف ومسيطر عليه إقليميا، فالأجواء العراقية المخترقة من قبل تركيا وإيران وإسرائيل لا يمكن أن تمتلك قدرات عسكرية عراقية لمواجهة أي خصم، سواء أكان من ناحية سلاح الجو أو الدفاع الجوي الذي لم يعد له وجود أصلا، أما سلاح الجو فكل الطائرات العراقية لا تستطيع القيام بأي مهام دون أخذ الإذن من المسيطر الجوي الأمريكي”.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 + 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى