هل يعيد الهجوم الإسرائيلي صفحة العلاقات بين طهران والغرب؟

مع كل مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، يصبح شبح الحرب الشاملة في الشرق الأوسط أكثر سطوعا.

ميدل ايست نيوز: مع كل مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، يصبح شبح الحرب الشاملة في الشرق الأوسط أكثر سطوعا.

بعد ثلاثة أسابيع من انتظار الرد “الدقيق والقاتل” الذي هدد به وزير الدفاع الإسرائيلي، ردت تل أبيب على الهجوم الصاروخي الإيراني.

منذ أن أطلقت طهران 180 صاروخاً باليستياً على إسرائيل في الأول من أكتوبر، كان الإيرانيون ينتظرون رداً كبيراً. عندما شن هذا الهجوم، وقع على ثلاث موجات، حيث ورد أن عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت منشآت عسكرية في ثلاث محافظات على الأقل.

واعتبرت هذه العملية، التي استمرت حتى الفجر، أكبر هجوم عسكري تقليدي على إيران منذ الحرب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.

وسارعت إدارة بايدن إلى وصف الهجمات الإسرائيلية بأنها مناسبة. ومع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية بعد ما يزيد قليلاً عن أسبوع، كان من الضروري أن يقوم البيت الأبيض باحتواء الأوضاع في الشرق الأوسط.

ومن خلال استهداف المنشآت العسكرية الإيرانية، لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الخيار الأقل استفزازاً من مهاجمة المنشآت النووية أو النفطية.

ولكن مثلما كان الوابل الصاروخي الإيراني ضد إسرائيل في أكتوبر الجاري أكثر كثافة من الهجوم السابق، فإن رد إسرائيل كان أكبر وأوسع انتشاراً من هجوم أبريل الذي استهدف قاعدة بالقرب من أصفهان. ومع كل تصعيد، يصبح شبح الحرب الشاملة في الشرق الأوسط أكثر سطوعا.

وبما أن طهران هي من سيحدد الآن المرحلة المقبلة من دوامة الصراع هذه، فهل ستتجه نحو تصعيد الأزمة، أم ستقلل من أهمية الهجوم وتتقبله، وتسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية عبر عدم القيام برد عسكري؟

ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن سنام وكيل، نائبة مدير “برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في “تشاتام هاوس”، قولها إن “هناك دلائل على أن إيران لن ترد عسكريا”.

تقول وكيل: سوف يقلل الإيرانيون من أهمية الحدث الأخير ويستخدمونه لبناء أكبر قدر من رأس المال الدبلوماسي في المنطقة وفي الغرب لخلق مساحة للتفاوض وموقف مختلف بعد الانتخابات الأمريكية.

ويشير مراقبون إلى طهران وتل أبيب تسعيان لإظهار قدرتهما على استعادة قوة الردع، ولا يبدو أن أياً منهما يريد صراعاً واسع النطاق، على الأقل حتى الآن. لكن خلال الاشتباكات بعيدة المدى التي خاضها الطرفان، كانا يراهنان على شدة رد فعل الطرف الآخر.

مع ذلك، تعد هذه الخطوة لعبة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لإسرائيل التي تقاتل على عدة جبهات. وعلى الرغم من تكثيف الضغط على حزب الله، إلا أنه لا يزال قادرا على شن هجمات منتظمة بالصواريخ والطائرات بدون طيار على تل أبيب والمستوطنات في شمال إسرائيل. وفي الأسبوع الماضي، ضربت طائرة بدون طيار تابعة لحزب الله مقر إقامة نتنياهو الخاص.

وفي الساعات الثماني والأربعين الأخيرة فقط، قُتل 15 إسرائيلياً خلال عمليات الاجتياح البري للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وفي غزة ومدنيين في شمال إسرائيل.

على الضفة المقابلة، إيران عالقة بين محاولة تجنب حرب شاملة، وبين تجنب إظهار الضعف. إذ كان اغتيال السيد حسن نصر الله في سبتمبر هو الذي دفع إلى إطلاق وابل من الصواريخ في الأول من أكتوبر الجاري على قواعد عسكرية في إسرائيل، بيد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تخاطر بفقدان مصداقيتها إذا لم تقم بالرد العسكري.

ويرى محللون أن طهران تجد نفسها الآن في معضلة باتت مألوفة: كيف تظهر أن إيران لا زالت تحافظ على الردع وأنها لا تزال مصممة، وفي الوقت نفسه ليست عالقة في حرب شاملة تهدد بقاء نظام البلاد.

لفترة طويلة والخبراء يحذرون من الوقوع بشباك نتنياهو الذي يرغب بجر إيران إلى صراع مباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة. ناهيك أيضاً عن نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي ومساعيه لتدمير الفرص القليلة المتاحة للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان لإعادة التواصل مع الغرب لحل الأزمة النووية وضمان رفع العقوبات.

وتماما كما كان متوقعا، وصفت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية تأثير الضربات الإسرائيلية بالمحدود، قائلة إنها لم تسبب سوى أضرار محدودة في بعض المناطق، بينما أشادت بأداء الدفاع الجوي. لكنها لم تشر إلى التفاصيل الكاملة لهذا الحادث وحجم الأضرار، واكتفت بنعي ضحايا الغارات وهم 4 ضباط في الدفاع الجوي.

وقال ماثيو سافيل من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث مقره لندن: “بغض النظر عن مدى قدرة (إيران) على إخفاء أي ضرر، فإن هذا هو أكبر هجوم تقليدي مباشر على الأراضي الإيرانية منذ الحرب الإيرانية العراقية”.

وأضاف: “قد يكون الحكم الأولي هو أن هذا يبدو وكأنه وضع حد لهذه المواجهة بين إسرائيل وإيران”. “لكن نقاط الخلاف الأساسية لا تزال قائمة: التقدم الذي أحرزه البرنامج النووي الإيراني، وحجم التهديد الذي تواجهه إسرائيل، والنشاط بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة، ووضع الرهائن الإسرائيليين (في غزة)”.

إقرأ أكثر

من الصحافة الإيرانية: هل انتهى التوتر بين طهران وتل أبيب بالهجوم الإسرائيلي الأخير؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى