من الصحافة الإيرانية: كيف تستغل إسرائيل بعلبك لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701؟

إن تحذير الجيش الإسرائيلي لسكان بعلبك وضواحيها بمغادرة منازلهم هو تكثيف للضغط على حزب الله والحكومة اللبنانية المؤقتة للالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 وفقا لشروط حكومة نتنياهو.

ميدل ايست نيوز: نقلت وسائل إعلام عربية عن جهات مقربة من نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، أن الأخير والمبعوث الأمريكي هوكشتاين اتفقا في وقت سابق على “خارطة طريق” لتثبيت وقف إطلاق النار في الحرب اللبنانية. لم تنشر تفاصيل “خارطة الطريق” التي اتفق عليها الجانبان، لكن الحلول الدبلوماسية التي ذكرها مختلف الأطراف حتى الآن لإنهاء الحرب في لبنان تنتهي جميعها بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701.

حذر الجيش الإسرائيلي 80 ألفاً من سكان مدينة بعلبك والقرى المحيطة بها في سهل البقاع اللبناني بمغادرة منازلهم، مؤكدا أن قواعد حزب الله في هذه المناطق ستتعرض لهجوم شديد من قبل المقاتلات الإسرائيلية. منذ بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان، تعد هذه المرة الأولى التي يطالب فيها الجيش الإسرائيلي هذا الكبير من السكان مغادرة أماكن إقامتهم.

ما يقرب من 60% من سكان مدينة بعلبك التاريخية، الواقعة في شرق لبنان، هم من الشيعة. وتأتي التهديدات بقصف غير مسبوق على بعلبك فيما تتحدث التقارير عن الجهود المستمرة التي تبذلها الأطراف المتنفذة في لبنان والإعلان عن استعداد الأطراف المتصارعة لتحقيق وقف إطلاق النار. وفي سياق الموضوع نفسه، سيدخل عاموس هوكشتاين، الممثل الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن، مرة أخرى إلى الشرق الأوسط لمتابعة مبادرته لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله.

صدر قرار مجلس الأمن رقم 1701 بعد الحرب التي استمرت 33 يومًا بين حزب الله وإسرائيل عام 2006. ويؤكد هذا القرار على ضرورة الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من كل جزء من الأراضي اللبنانية، وعودة قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، ونشر الجيش اللبناني وآلاف من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المناطق الحدودية وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1559. كما حدد قرار مجلس الأمن رقم 1559 نزع سلاح جميع الفصائل في لبنان وتوسيع سيادة الحكومة على كامل أراضي ذلك البلد.

ورغم أن رئيس مجلس الوزراء بالوكالة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وغيرهما من رؤساء الأحزاب اللبنانية والحكومة الإسرائيلية قبلوا بتطبيق القرار 1701 كأساس لصيغة وقف إطلاق النار، كما أن الدول الغربية والعربية المشاركة في الأزمة اللبنانية ألتزمت أيضا بتنفيذ القرار، إلا أن اختلاف مراحل تنفيذ القرار لا يزال يشكل مصدر خلاف بين الأطراف المعنية، خاصة حزب الله وإسرائيل. لم يعلن حزب الله موقفه الواضح من شروط وقف إطلاق النار حتى الآن، ولم تنشر سوى وسائل الإعلام المقربة منه تقارير تفيد بإصراره على “مقاومة الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية”.

وفي أول خطاب له بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وصف الشيخ نعيم قاسم نبيه بري بـ “الأخ الأكبر” للحزب وممثل له في المفاوضات الدبلوماسية. هناك فرق كبير بين خطاب نعيم قاسم وما تنشره وسائل الإعلام المقربة من حزب الله عن موقف هذه الجماعة من شروط وقف إطلاق النار. لذلك، كان من المتوقع أن يعرض الشيخ نعيم قاسم، الذي تم اختياره خلفاً لنصر الله وأميناً عاماً جديداً لحزب الله، موقف حزب الله بوضوح في خطابه الليلة الماضية.

أكد الشيخ نعيم قاسم أنه يريد وقف إطلاق النار، لكنه لن “يتوسل” إليه ولن يرزح تحت وطأة الشروط الإسرائيلية. غير أنه لم يوضح الظروف المرغوبة للحزب الذي يخضع لقيادته. إسرائيليا، تتحدث كل المؤسسات والجهات الإسرائيلية عن اقتراب نهاية الحرب في لبنان. من وجهة نظرهم، فإن الهجمات على هيكل القيادة ومستودعات الأسلحة وقوات حزب الله أوصلت الحرب إلى مرحلتها الأخيرة، والآن حان وقت الدبلوماسية.

وتتشرط الحكومة الإسرائيلية، إضافة إلى تنفيذ القرار 1701، في تنفيذ أمور تتجاوز القرار، بما في ذلك السيطرة على سماء لبنان لمنع إعادة تنظيم حزب الله وإعادة تسليح أعضائه. هذا الطلب يخرق بشكل واضح سيادة لبنان، لدرجة أن سمير جعجع، زعيم حزب “القوات اللبنانية”، الذي يعتبر من أشد المعارضين لحزب الله، اعتبره مخالفا لسيادة لبنان الوطنية.

يبدو أن محاولة هوكشتاين يهدف إلى تقريب الأطراف المتصارعة عبر صيغة وسطية، رغم أنه لم يعتبر تطبيق القرار 1701 حلاً للأزمة اللبنانية، بل تحرك عملياً في اتجاه المطالب الإسرائيلية.

في الواقع، إن تحذير الجيش الإسرائيلي لسكان بعلبك وضواحيها البالغ عددهم 80 ألف نسمة بمغادرة منازلهم هو تكثيف للضغط على حزب الله والحكومة اللبنانية المؤقتة للالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 وفقا لشروط حكومة نتنياهو. فلا شك أن إضافة 80 ألف نازح جديد إلى مئات الآلاف من النازحين، وأغلبهم من السكان الشيعة اللبنانيين، سيزيد من تفاقم الأزمة الداخلية في لبنان ومن ضغوط الأحزاب المسيحية والسنية على حزب الله ونبيه بري لإظهار المزيد من المرونة في إطار القبول السريع لوفق إطلاق النار. إذن، يتضح أن الحرب في لبنان لم تتجه بكل طاقتها نحو المسار الدبلوماسي، علما أن الدبلوماسية وحدها هي القادرة على إطفاء نار الحرب هذه.

أحمد زيد آبادي
صحفي وكاتب

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 + سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى