من الصحافة الإيرانية: لماذا لم يتوجه الرئيس الإيراني إلى الرياض؟

ليس من المنطق ولا من الاعتبارات الاستراتيجية في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المتشابكة، حتى وإن كانت غير عادلة وغامضة، أن تتطلع طهران للتقدم بوجهة نظرها بمفردها دون المشاركة في القمم الإقليمية والدولية.

ميدل ايست نيوز: قبل عام بالضبط، أي في 11 نوفمبر 2023، التقى الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، أثناء حضوره القمة الطارئة والمشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بشأن فلسطين، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ليصبح أول رئيس إيراني يزور المملكة العربية السعودية بعد أكثر من عقد من العلاقات المضطربة بين طهران والرياض.

لكن اليوم الاثنين 11 نوفمبر 2024، لا أنباء عن سفر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الرياض للمشاركة في نفس القمة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بل رأس الوفد الإيراني المسافر إلى المملكة نائبه الأول محمد رضا عارف.

كما لم يحضر عراقجي اجتماع وزراء الخارجية يوم الأحد، بل شارك في هذا الاجتماع كاظم غريب آبادي وكيل الوزارة للشؤون الدولية. ورغم إصرار إيران وتأكيدها على عقد هذه القمة المهمة التي تجمع ما يقارب 57 دولة عربية وإسلامية، لماذا لم يستغل مسعود بزشكيان، الذي وعد بالسفر إلى الرياض قدر الإمكان، الفرصة للقاء المسؤولين المشاركين ومن بينهم ولي عهد السعودية وذاك بعد أيام قليلة من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وأجلها بشكل مبهم إلى المستقبل البعيد؟

هل يعود هذا الأمر إلى اختلافات سياسية وحزبية، خاصة فيما يتعلق بالملف السعودي، أم أن الأمر يتعلق أكثر بالمجاملات الدبلوماسية بين طهران والرياض بشأن من سيزور عاصمة الدولة الأخرى أولا؟ أم أن الأمر يتعلق بمستوى القادة المشاركين في هذه القمة، أم أن لدى طهران اعتبارات أكثر جدية تعود إلى القضية الفلسطينية واختلاف وجهات نظر طهران والرياض حول مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي؟

ويمكن أن يرتبط الاعتبار الأول لإيران بعدم فعالية النتائج الملموسة لعقد مثل هذه القمة، التي تكفي عمليا لإصدار بيان عام وغير ملزم، وإحالة حل المشكلة الراهنة في نهاية المطاف إلى حل الدولتين. هو مسار طرحته الرياض والعديد من الدول العربية والإسلامية على الطاولة منذ سنوات (على الأقل منذ المشروع الذي طرحه الملك عبد الله عام 2002) وخلال هذه السنوات، وعلى الرغم من الفشل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقد أقامت تلك الدول علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

وما يؤكد هذا التحليل هو استضافة الرياض الأسبوع الماضي لاجتماع التحالف الدولي لحل الدولتين، والذي حضره ممثلون عن نحو 90 دولة، من بينها أوروبا والصين وروسيا. لقاء يعني تأكيد دور السعودية ومكانتها في المبادرات السياسية للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه التأكيد على أن السعودية تسير أو ستكون على طريق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، خاصة بعد إعادة انتخاب ترامب.

ويعكس هذان الطرحان جيداً اختلاف وجهات النظر السياسية بين إيران والسعودية فيما يتعلق بمنظور القضية الفلسطينية. فبينما تصر إيران على إجراء الاستفتاء بمشاركة كافة أهالي فلسطين المحتلة وتجمعها مع اعتباراتها العسكرية والأمنية فيما يتعلق بمواجهة إسرائيل، تصر الرياض على حل الدولتين دون اللجوء إلى العداء والإجراءات العسكرية وتعتبر إسرائيل جزء من مشروع التكامل الجديد في الشرق الأوسط. لكن، وعلى الرغم من الاعتبارات السياسية والأمنية القومية للجمهورية الإسلامية، والتي تعكس تصور وفهم صناع القرار لمصادر التهديد، والتي لا يمكن تجاهلها، إلا أن الحضور في هذا النموذج من القمم لا ينبغي أن يعتبر بمثابة موافقة على قراراته وإجراءاته.

على إيران أن تستغل فرصة المشاركة في الأحداث الإقليمية والدولية والتعبير عن رأيها بقوة. ليس من المنطق ولا من الاعتبارات الاستراتيجية في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المتشابكة، حتى وإن كانت غير عادلة وغامضة، أن نتطلع للتقدم بوجهة نظرنا بمفردنا دون المشاركة في القمم الإقليمية والدولية. فكواليس القمة وهامشها على الأقل كانت فرصة مميزة لحضور بزشكيان في الرياض، إذ كان من الممكن أن تعكس اعتبارات إيران بشأن الاتفاقية الدفاعية المحتملة بين السعودية والولايات المتحدة، والتي طُرحت على الطاولة مرة أخرى في عهد ترامب، لولي العهد السعودي بشكل أكثر وضوحا.

 

كامران كرمي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوزدنياي اقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى