من الصحافة الإيرانية: ماذا وراء الموقف السعودي في القمة الإسلامية بشأن إيران وإسرائيل؟
يدرك الحكام العرب أنه من الأفضل التقرب من إيران مع تزايد احتمال الصراع بينها وإسرائيل بسبب ما ترتكبه في لبنان، وتجنب لسعة تصرفات إيران العدوانية وردود أفعالها ضد أي عمل عسكري.
ميدل ايست نيوز: عقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة يوم الاثنين الماضي في العاصمة السعودية الرياض بحضور مسؤولي أكثر من 50 دولة أهمهم أمير قطر وبشار الأسد وأردوغان وميقاتي.
بعيداً عن الجانب الإخباري لهذه القمة، فقد برز فيها غياب رؤساء بعض الدول مثل الإمارات وغيرها من حكام الخليج ومصر وغيرها من الدول الإسلامية الكبيرة. تلخصت تصريحات محمد بن سلمان في البيان الختامي حول “إدانة الجرائم الإسرائيلية في غزة ولبنان وإلزام الكيان المحتل باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعدم الاعتداء على أراضيها”. إذا كنا لا نريد أن نضفي السلبية على الجملة الأخيرة، إلا أننا لن نعطيها الكثير من الأمل، فقد تكون ذات رائحة كريهة وتحمل رسائل مبهمة في نفس الوقت.
يمكن أيضا إلقاء نظرة على القمة والبيان الختامي وخطاب بن سلمان حول إيران من منظور دولي. هذا المنظور إيجابي ومفعم بالأمل، ويهدف إلى توجيه رسالة إلى القوى الدولية لمنع نشوب حرب بين إسرائيل وإيران، مما يؤثر على تحقيق الأهداف الطموحة لمشروع رؤية 2030.
لكنها، أي تصريحات ولي العهد السعودي، تحمل أبعاد سلبية وهي:
- من خلال تبني مواقف تكتيكية من الدعم الرسمي لإيران، يتجنب العرب التكاليف الاستراتيجية للمواجهة العسكرية في المنطقة ويضمنون لأنفسهم أن لا يضر رد إيران على إسرائيل بمصالحهم الشخصية. عند دراسة التطورات في المنطقة، لا يمكن للمرء إلا أن ينظر إلى الصورة الكبيرة بعد 7 أكتوبر 2023. العرب لا يمانعون في إضعاف فصائل المقاومة الفلسطينية، إلا إذا كانت العواقب محدودة.
- ترى الدول العربية أن إسرائيل تعمل على توسيع سلطتها العسكرية في المنطقة، ليس خطوة خطوة، بل خطوتين في كل مرة، منعاً لانهيار هيبتها وهيمنتها الأمنية، وفي حال توجيه ضربة كبيرة لإيران، لتغير موازين القوى الإقليمية لصالحها. في هذه الحالة فإن العرب، وخاصة السعودية، سيواجهون مشكلة أمنية جديدة في المنطقة.
- يفضل العرب توازن القوى بين إيران وإسرائيل على تفوق إحداهما على الأخرى، فهم لا يريدون أن تخرج أي من هاتين القوتين منتصرة من هذا الصراع. إذا عبروا عن هذه الجمل فلن ينفقوا الكثير على المستوى السياسي.
- يعلم العرب أن سياسة الحزبين التي تنتهجها أميركا تجاه إيران وضرب رأس الأفعى في طهران، والقضاء على قوى إيران الاستراتيجية، أي قدراتها الصاروخية والنووية وفصائل المقاومة، قد تم إسنادها إلى إسرائيل بشرط ألا تزيد التكلفة على أمريكا التي رغم موافقتها عليها، إلا أنها لا تريد التخلي عن هذا الإجراء.
- تخشى الدول العربية الواقعة على الطرف الجنوبي للخليج من أي صراع كبير في المنطقة، فهي لا تريد أن تصبح خططها التنموية ضحية لعدم الاستقرار وحرب كبرى في المنطقة. ومع أن مثل هذه المواقف لا تضر بأساليب إسرائيل ومواقفها وسياساتها وتضعف مكانة هذا الكيان في العلاقات الإقليمية، إلا أنها رسالة لأمريكا حتى لا تفقد السيطرة على الأوضاع.
- يدرك الحكام العرب أنه من الأفضل التقرب من إيران مع تزايد احتمال الصراع بينها وإسرائيل بسبب ما ترتكبه في لبنان، وتجنب لسعة تصرفات إيران العدوانية وردود أفعالها ضد أي عمل عسكري. رغم أن مثل هذه التحركات الدبلوماسية للسعودية على رأس الدول العربية، والتي بدأت قبل تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل، ليست بهذه الأهمية والرادع وأكثر من مجرد استعراض للرأي العام، إلا أنها لا يجب تجاهلها نظراً لظروف المنطقة المعقدة والملتهبة ومجيء ترامب مجددا إلى السلطة.
- تلك التصريحات رسالة واضحة إلى ترامب مفادها أن المملكة العربية السعودية وحلفاء أمريكا الآخرين في المنطقة ليسوا مستعدين لتحييد العمليات السياسية والدبلوماسية التي جرت خلال العامين الماضيين في المنطقة والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية. وأن الأخيرة ليس مستعدة للدخول في قطيعة علاقات مع إيران نتيجة لسياسات البيت الأبيض، وخاصة دعمه الكامل لإسرائيل.
نصرت الله تاجيك
دبلوماسي إيراني سابق ومحلل سياسي