أي تأثير لتوقف حرب لبنان على هجمات الحوثيين؟
رأى بعض المراقبين أن توقف حرب لبنان سيؤثر سلباً على جماعة الحوثيين وعملياتها التي تشنها ضد المصالح الإسرائيلية، فيما اعتبر آخرون أن توقف حرب لبنان سيزيد من حجم المسؤولية على جبهة اليمن.
ميدل ايست نيوز: مع وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، باتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة، الذي دخل حيز التنفيذ الأربعاء الماضي، برزت معطيات جديدة على خلفية حرب لبنان من شأنها التأثير على بقية الجماعات المرتبطة بإيران في المنطقة، وفي مقدمتها جماعة الحوثيين التي تواصل تنفيذ هجمات ضد المصالح الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، في سياق ما أسمته الجماعة معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” التي بدأتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
ورأى بعض المراقبين أن توقف حرب لبنان سيؤثر سلباً على جماعة الحوثيين وعملياتها التي تشنها ضد المصالح الإسرائيلية، فيما اعتبر آخرون أن توقف حرب لبنان سيزيد من حجم المسؤولية على جبهة اليمن في إسناد المقاومة الفلسطينية في غزة، ما يعني أن الحوثيين سيضاعفون من حجم وعدد عملياتهم ضد إسرائيل.
وقف حرب لبنان
في السياق، اعتبر الحوثيون أن وقف حرب لبنان عُدّ نصراً كبيراً لحزب الله، ووصفه زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي في كلمة له الخميس الماضي، بأنه “انتصار تاريخي عظيم ومهم جداً على العدو الإسرائيلي مباشرة، ليضاف هذا الانتصار إلى سجل من الانتصارات الكبرى والتاريخية والمهمة” على حد قوله.
وأكد أن “أهداف وطموحات العدو الإسرائيلي في لبنان كانت تدمير حزب الله ونزع سلاحه، وألا يبقى للمقاومة الإسلامية أي وجود في لبنان، وألا يبقى للجهاد أي راية”.
وشدد على استمرار العمليات التي تنفذها جماعته، مشيراً إلى أن الجماعة تسعى دوماً إلى التطوير أكثر لفعل ما هو أقوى، مضيفاً “لسنا راضين ولا مكتفين بما نفعله حالياً مع أنه المستطاع والممكن”.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين حزام الأسد، إن موقف الجماعة المساند لأهل غزة مستمر ومتصاعد، و”هناك عمليات عسكرية نوعية يجرى التحضير لها في عمق الكيان الإسرائيلي حتى يتوقف عن عدوانه ويفك حصاره عن أهلنا في غزة”. وأضاف: “بالنسبة للمسار البحري فالعمليات متواصلة ضد السفن الإسرائيلية، أو المرتبطة بالكيان، أو الشركات المتعاونة معه، وكذلك في استهداف أي قطعة عسكرية أميركية أو بريطانية رداً على العدوان على سيادة اليمن”.
وأشار الأسد إلى أن “التنسيق في إطار دول وفصائل محور الجهاد والمقاومة مستمر، وقد باركنا الانتصار الذي حققه إخواننا في حزب الله بإفشال أهداف ومخططات ووعود (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وعودة سكان الجنوب اللبناني إلى مناطقهم بعد أن تلقّى العدو الخسائر البشرية والمادية والمعنوية، وبعد ضرب مكامنه في تل أبيب وحيفا وعكا ونهاريا، والعديد من القواعد والمناطق الاستراتيجية”. وأكد أن “مشاركة وتضحيات الإخوة في حزب الله تمثل مصدر إلهام للأجيال، عندما آثروا التحرك وتقديم التضحيات الجسام نصرة للمظلومين من أبناء الأمة الإسلامية في غزة، على الحياد أو التماهي مع العدو كحال بعض الأنظمة العربية”.
في المقابل، قال الباحث السياسي في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مراد العريفي، إن “جماعة الحوثيين تجد نفسها في مأزق حالياً بعد الاتفاق بين إسرائيل وحزب الله لسببين: الأول هو أن تل أبيب ستعيد الجماعة إلى سلم أولويتها العسكرية بعد أن تخلصت من حزب الله، ونفذت ما وصفه نتنياهو بفصل الساحات، بمعنى أن الحوثيين سيكونون الهدف المقبل. ووفق ذلك، فإن إسرائيل لن تتردد في مهاجمة الجماعة بقوة، وقد تستهدف قياداتها وأصولها العسكرية التي قد تكون مكشوفة، نظراً لأن تل أبيب تخوض معركة مصيرية بالنسبة لها، ولذلك تدرك جماعة الحوثيين أن أي هجمات إسرائيلية لن تكون كالتي تشنها الولايات المتحدة”.
وأضاف أن “الأمر الثاني، يتعلق بطموحات الجماعة في تصدّر محور المقاومة بعد الانتكاسة التي تعرّض لها حزب الله، وهو ما سيضمن لها مزايا تتعلق بالدعم الإيراني والتأثير في قيادة المحور، ومواصلة تعزيز حضورها المحلي لدى اليمنيين، كونهم قوة ما تزال تزعج إسرائيل والولايات المتحدة”.
خيارات الحوثيين
ورأى العريفي أن “الجماعة باتت أمام خيار التهدئة حتى لا تلقى مصير حزب الله، أو التصعيد بما يضمن لها حضوراً في محور المقاومة، لكن بالنظر للمعطيات الجديدة، التي تتعلق بعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض والضوء الأخضر لإسرائيل في المنطقة من المجتمع الدولي، والتراجع الإيراني، وما يجري حالياً في شمال غربي سورية من تقدم للفصائل المعارضة، إضافة للمعطى الأهم وهو الاتفاق الذي جرى بين الحوثيين والسعودية، وتمسّك الرياض بهذا الاتفاق، كلها عوامل ستدفع الحوثيين للتهدئة، ما عدا عمليات متقطعة سيكون الهدف منها دعائيا فقط”.
أما الصحافية رشا عبد الكافي فرأت، أن تأثير وقف حرب لبنان “على جماعة الحوثي ليس بالكبير من ناحية عملياتها في البحر الأحمر، لأن الجماعة كانت تبحث عن فرصة لتقوم بمثل هذه العمليات في البحر الأحمر، وذلك لتصدّر نفسها كلاعب إقليمي له ثقله في المنطقة وأتت أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كشماعة لذلك، لذا أرى أن عمليات الحوثي ستستمر”.
وأشارت عبد الكافي إلى أن تأثير الاتفاق على الجماعة سيكون من ناحية إسرائيل، وهذا ما صرح به نتنياهو بأن الاتفاق مع حزب الله سيمكنه من التركيز أكثر على إيران وغزة، و”باعتقادي قد نشهد تكثيفاً أكثر للضربات ضد الحوثي في الفترة المقبلة من قبل الكيان. في المقابل الحوثي لن يوقف ضرباته وقرصنته حتى وإن توصل الكيان إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار مع حماس”.
واعتبرت أن “موقع الحوثي في الخريطة صار يؤهله لأن يكون الذراع الأولى لإيران، خصوصاً بعد عملياته في البحر الأحمر”.