خمسة أسباب تعقّد عمليات إنهاء الحرب في سوريا

إن الأطراف الرئيسية غالبًا ما تعطي الأولوية لأهدافها الاستراتيجية على حساب التسوية، مما يترك مساحة ضيقة للحلول المستدامة.

ميدل ايست نيوز: شنت المعارضة السورية أكبر هجوم لها على مدار سنوات ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، مما أثار تساؤلات حول التصورات السابقة التي كانت تفترض نهاية العمليات العسكرية في هذا البلد.

هذا الهجوم غير المتوقع الذي قادته الجماعة الإسلامية شبه العسكرية “هيئة تحرير الشام” أسفر عن سيطرة هذه الجماعة على حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، مما أجبر الجيش السوري على الانسحاب.

فيما يلي خمسة أسباب تجعل إنهاء الحرب في سوريا أمراً صعباً للغاية:

المصالح الأجنبية

وأصبحت سوريا ساحة عالمية تتنافس فيها القوى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية تحت غطاء دعم حلفائها.

وظهرت المجموعات المسلحة المعارضة للحكومة السورية، التي تحظى بدعم من تركيا والسعودية والولايات المتحدة، من أجل تحدي حكومة بشار الأسد. لكن حكومة الأسد تمكنت من الصمود بعد تلقيها دعما قويا من إيران وروسيا.

كما يسعى الأكراد السوريون، بدعم من الولايات المتحدة، إلى تحقيق الحكم الذاتي، مما زاد من تعقيد الأوضاع. وبينما دعمت تركيا الجماعات المعارضة لحماية حدودها الشمالية، لعبت روسيا وإيران دوراً حاسماً في تثبيت قوة الأسد.

وفي عام 2020، نظمت روسيا وتركيا هدنة في إدلب، تم خلالها إنشاء ممر أمني مع دوريات مشتركة. ورغم استمرار الاشتباكات المتفرقة، لم تتمكن الحكومة السورية من استعادة السيطرة الكاملة على البلاد.

يقول الدكتور سايمون فرانكل بورت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ملبورن: إن الانهيار الواسع لحزب الله بسبب الهجمات الشديدة من إسرائيل وتناقص وتآكل موارد روسيا نتيجة حرب أوكرانيا قد ترك الأسد وحيدًا، مما خلق فرصة لهيئة تحرير الشام لترتيب هجوم مفاجئ والبدء في استعادة المناطق.

انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية

سنوات الحرب الطويلة دمرت سوريا وأعاقت اقتصادها ودمرت بنيتها التحتية وتركت ملايين الأشخاص في ظروف حرجة. هذه الحالة خلقت أزمة إنسانية مستمرة بلا نهاية، ولا يوجد لها حل واضح.

وأصبح أكثر من نصف سكان سوريا الذين كانوا يبلغ عددهم قبل الحرب 22 مليون نسمة نازحين بفعل تصاعد الاشتباكات والمعارك. من بين 6.8 مليون شخص نزحوا داخل البلاد، يعيش أكثر من مليوني شخص في مخيمات مكتظة مع وصول محدود إلى الخدمات الأساسية للحياة.

إيمانويل إيش، مدير استجابة منظمة “آفاق سوريا العالمية”، يقول: الاشتباكات مستمرة في مناطق مختلفة، مما يزيد من عدد النازحين داخليًا. هم يتجهون إلى مناطق مختلفة، ومن ضمن مخاوفنا هو أن مليوني شخص يعيشون في المخيمات في شمال غرب سوريا حتى الآن، وبعض النازحين يذهبون إلى هذه المناطق على أمل الحصول على المساعدة، لكن الظروف ليست مهيأة لاستيعاب المزيد من النازحين داخليًا.

سياسات داخلية

اعتماد حكومة الأسد على العنف للحفاظ على سلطتها أدى أيضًا إلى استياء ودامت الصراعات لفترة أطول.

بورچو أوزجيليك، الباحث البارز في أمن الشرق الأوسط في معهد خدمات التاج الملكي، وهو مؤسسة فكرية دفاعية وأمنية مقرها في المملكة المتحدة، يقول: “بدلاً من الحكم الجيد، ركز الأسد بشكل قسري على البقاء”.

مجتمع مجزأ

ظلت المناطق في شرق سوريا ذات الغالبية كردية منذ السنوات الأولى للحرب خارج سيطرة الحكومة السورية. في الوقت نفسه، لا تزال بقايا تنظيم داعش موجودة في الصحراء الواسعة في سوريا، مما يشكل تهديدًا أمنيًا، خاصة خلال موسم جمع الكمأة، الذي يعد سلعة ثمينة.

وأصبحت محافظة إدلب في شمال غرب سوريا معقلًا للمجموعات شبه العسكرية المعارضة للأسد التي تم دفعها إلى هناك في ذروة الحرب. وتُعتبر هيئة تحرير الشام الحاكم الفعلي لهذه المحافظة وتترأس قيادة هذه القوات.

تزداد تعقيد هذه الوضعية بسبب الاشتباكات الداخلية بين الجماعات المعارضة. بعض الفصائل، بما في ذلك القوات المدعومة من تركيا، اشتبكت مع قوات سوريا الديمقراطية، وهي ائتلاف يتكون أساسًا من الميليشيات الكردية التابعة لوحدات حماية الشعب. تركيا تعتبر هذه المجموعة منظمة إرهابية.

محاولات التفاوض من أجل السلام، بما في ذلك مفاوضات الأمم المتحدة، فشلت في الغالب بسبب اختلاف المصالح بين الأطراف الرئيسة. وفقًا للخبراء، فإن الأطراف الرئيسية غالبًا ما تعطي الأولوية لأهدافها الاستراتيجية على حساب التسوية، مما يترك مساحة ضيقة للحلول المستدامة.

ترامب

بعض الخبراء يشيرون أيضًا إلى عدم التنبؤ الذي نجم عن تغيير السياسات الأمريكية خلال فترة رئاسة ترامب. على سبيل المثال، يُقال إن تركيا دعمت الهجوم الأخير للمعارضة السورية لتعزيز موقعها قبل بداية رئاسة ترامب، بهدف إجراء مفاوضات أكثر ملاءمة مع الولايات المتحدة وروسيا.

ومع ذلك، وفقًا لبارنز-داسي، تظل الاستراتيجية الشرق أوسطية لإدارة ترامب غير واضحة.

يستنتج قائلاً: بين مؤيدي ترامب، هناك جناح يسعى إلى سياسة عدوانية في الشرق الأوسط مع نهج مؤيد لإسرائيل ومعادٍ لإيران، وهناك جناح آخر مؤيد للعزلة والانفصال عن المنطقة. ما زال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيتابع التدخل الأمريكي العميق ضد إيران، أم أنه سيعتمد على الانسحاب الأسرع للولايات المتحدة، حيث يتعين على الفاعلين الإقليميين حل نزاعاتهم بأنفسهم.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + عشرين =

زر الذهاب إلى الأعلى