من الصحافة الإيرانية: إيران مقبلة على فترة من أشد الفترات خلال السنوات الأخيرة
الفترة القادمة هي واحدة من أصعب الفترات التي مرت بها إيران في السنوات الأخيرة. بداية هذه الفترة جاءت من التحولات الضخمة في الشرق الأوسط والضربات التي وجهت إلى الجماعات المقربة من إيران.

ميدل ايست نيوز: جرت الجمعة الماضية مفاوضات على مستوى المديرين ونواب وزراء الخارجية الإيرانية وثلاث دول أوروبية في جنيف. كانت هذه الجولة الأولى من نوعها منذ تولي الحكومة الإيرانية الجديدة وبعد التفاهمات الأولية في نيويورك. يعد الاتفاق على إجراء هذه المفاوضات في وقت لم يمضِ عليه سوى أيام قليلة من اعتماد “مشروع قرار” آخر بمبادرة من نفس الدول الأوروبية الثلاث ضد إيران يعد أمرًا مهمًا. إن موافقة إيران على هذه المفاوضات لافتة للإنتباه وتستحق الثناء. حيث يتضح أن هذه المفاوضات لم تكن لها أجندة محددة، بل كان هدفها تبادل الآراء والحوار من أجل إعداد خطة وإعداد أجندة للمفاوضات الجادة في المستقبل. ومع ذلك، لا توجد أي إشارة تدل على تقدم العمل في جنيف أو تشكيل خارطة طريق. لكن تشير الأدلة إلى أن الجانب الإيراني مستعد لمواصلة الاتصال والمفاوضات الجادة لإيجاد بيئة مواتية قبل تغيير السلطة في الولايات المتحدة. إذا حدث ذلك، بمعنى أن يتم تشكيل جدول زمني وإطار مفهومي في الأسابيع المقبلة، فقد يكون له تأثير على قرارات الحكومة الأمريكية الجديدة. ما يبعث على التفاؤل هو أن المفاوضات الدبلوماسية ستستمر في المستقبل.
مع ذلك، تشير جميع الأدلة إلى تعقيد الأوضاع. هناك مسائل حادة بين إيران وأوروبا لم تكن موجودة في أي فترة سابقة، سواء في الماضي البعيد أو القريب. ربما يكون ادعاء دعم إيران لروسيا في حرب أوكرانيا هو الموضوع الأبرز في هذه القضايا. كما أن الأجواء الإعلامية والرأي العام والبرلماني في أوروبا، التي أصبحت شديدة العدائية تجاه طهران منذ عام 2022، قد أثرت بشكل كبير على الحكومات الأوروبية. على الرغم من أن القضايا الإقليمية كانت دائمًا محل اهتمام في العلاقات بين أوروبا وإيران، إلا أن دور هذه القضايا أصبح أكثر وضوحًا وتأثيرًا بعد السابع من أكتوبر. ومع ذلك، يبدو أن البرنامج النووي الإيراني قد عاد مؤخرًا إلى قمة أولويات أوروبا.
في هذا السياق، فإن اجتماع رؤساء أجهزة الاستخبارات الخارجية البريطانية والفرنسية في باريس “بهدف التنسيق الاستراتيجي”، الذي جرى بالتزامن مع الاجتماع بين إيران وثلاث دول أوروبية، وتصريحاتهم العلنية وغير المعتادة، تعتبر لافتة للغاية. فقد تحدث رئيس جهاز MI6 عن البرنامج النووي الإيراني باعتباره “تهديدًا أمنيًا عالميًا كبيرًا”، بينما ادعى نظيره الفرنسي أن “انتشار الأسلحة النووية في إيران… ربما يكون واحدًا من التهديدات الخطيرة، إن لم يكن أخطر تهديد، في الأشهر القادمة”.
في الواقع، الفترة القادمة هي واحدة من أصعب الفترات التي مرت بها إيران في السنوات الأخيرة. بداية هذه الفترة جاءت من التحولات الضخمة في الشرق الأوسط والضربات التي وجهت إلى الجماعات المقربة من إيران. ناهيك عن أن تورط سوريا في أزمة جديدة في أسوأ وقت ممكن يعد مشكلة كبيرة. هذه الأزمة، إذا لم تشكل تهديدًا وجوديًا لبشار الأسد، فستكون على الأقل مشكلة مالية وعسكرية وإدارية كبيرة لسوريا وأصدقائها لعدة أشهر. بلا شك، هناك العديد من التهديدات التي تواجه إيران في هذه الفترة. بالإضافة إلى التصريحات غير المعتادة لرؤساء الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية والبريطانية، هدد نتنياهو يوم الخميس الماضي مرة أخرى بأن إسرائيل جاهزة للقيام بأي عمل لمنع تحول إيران إلى دولة نووية. كما أن ترامب، الذي سيتولى منصبه في البيت الأبيض في الأول من فبراير، كان قد صرح في وقت سابق بموافقته على اتخاذ إسرائيل إجراءات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
تتطلب هذه الأوضاع أن تبذل إيران أقصى جهدها في المجال الدبلوماسي لتقليل التوتر وتوفير الأسس للمفاوضات الجادة. كانت إيران وأوروبا تتمتعان بعلاقات سياسية جيدة قبل عام 2022. وعلى الرغم من أن أوروبا لم تتمكن من منع العقوبات الأمريكية، إلا أنها اعترضت سياسيًا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفي عام 2020 منعت صراحةً تفعيل آلية الزناد من قبل إدارة ترامب. إذا لم يتم إصلاح العلاقة بين إيران وأوروبا بشكل جزئي في المرحلة الجديدة، فهناك خطر من أن تصبح إيران أحد النقاط المشتركة القليلة بين ترامب وأوروبا، وأن تسعى أوروبا للاستفادة من ورقة إيران في مجالات أخرى للحصول على تنازلات من ترامب.
من ناحية أخرى، يمكن أن يشكل اتفاق بين إيران وأوروبا عقبة أمام إدارة ترامب. تكمن صعوبة الأمر في أننا نواجه جدولًا زمنيًا ضيقًا للغاية، فمع وجود مهلة لتفعيل آلية الزناد حتى منتصف الصيف المقبل، لم يتبقَّ لدينا وقت طويل للتوصل إلى اتفاق وتنفيذه. قد تكون الخطوة الأولى نحو تقليل التوتر هي الامتناع عن التصريحات الحادة من قبل المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك الحديث عن تغيير العقيدة النووية، والامتناع عن زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم. لقد أظهرت تجربة السنوات الماضية أن هذا النهج لم يؤدي إلا إلى تصعيد الأزمة.
كوروش أحمدي
دبوماسي إيراني سابق