من الصحافة الإيرانية: هل تغيرت نظرة الغرب تجاه المفاوضات مع طهران؟

لم تكن محادثات يوم الجمعة 29 نوفمبر بين الوفود من الدول الأوروبية الثلاث وإيران إيجابية ومبشّرة كما كان متوقعاً.

ميدل ايست نيوز: لم تكن محادثات يوم الجمعة 29 نوفمبر بين الوفود من الدول الأوروبية الثلاث وإيران إيجابية ومبشّرة كما كان متوقعاً. فالتصريحات التي صدرت بعد المحادثات تكشف عن ذلك تقريبًا. والأهم من ذلك أن الوقت المحدد للجولة القادمة من المحادثات لم يُحدد، إذ اكتفى غريب‌آبادي، مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، بالقول إن المحادثات ستستمر.

ما سلف يظهر أن الخلافات بين الطرفين ما زالت كبيرة، وهو ما ليس بالأمر الغريب. كما وصف وزير الخارجية الإيراني قبل الاجتماع يوم الجمعة، بأنه كان بمثابة عاصفة فكرية بين الطرفين الإيراني والأوروبي. أحد المسؤولين الأوروبيين قال أيضًا إن الأوروبيين يضعون مسألة الحرب في أوكرانيا في الأولوية، مشيرين إلى أن العديد من القضايا تعتمد على موقف إيران من هذه الحرب.

بالمجمل، يبدو أن هذه الجولة من المحادثات لم تكن إيجابية كما كان متوقعًا، وهو أمر غير مفاجئ في الواقع، لأن الأجواء الحالية في العلاقات بين إيران وأوروبا ليست مريحة. يعني لو كانت نتيجة المحادثات إيجابية، لكان من المفترض أن نتفاجأ أكثر. لذلك يجب أن ننتظر الجولة القادمة من المحادثات.

كذلك، تعاني أوروبا اليوم من وضع صعب، حيث يمكن القول إن مكانتها قد ضعفت. فمن جهة، جاء دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، وأتباعه وهو نفسه لا يؤمنون بالدعم المالي لأوكرانيا، وهو أمر مؤلم جدًا للأوروبيين. ومن جهة أخرى، في ألمانيا، نشهد انهيار الائتلاف “إشارة المرور”، وقد أعلن أولاف شولتز عن انتخابات مبكرة، وهناك احتمال ضئيل جدًا بفوز هذا الائتلاف مرة أخرى في الانتخابات.

في فرنسا أيضًا، تزايدت قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة، لذلك فإن القادة السياسيين في فرنسا وألمانيا، اللذين يعدان محركي الاتحاد الأوروبي، ليس لديهم موقف قوي.

لذلك، أوروبا، سواء من الناحية الداخلية أو من حيث علاقاتها مع حكومة ترامب أو مكانتها في السياسة الدولية في المستقبل، تواجه ظروفًا صعبة، وهذا يعني أن ثقة إيران في وعود أوروبا ستكون أقل من السابق.

ربما كما يقول بعض الدبلوماسيين، يمكن القول إن أوروبا لم تعد قادرة على التوسط بين إيران وأمريكا كما كانت في السابق.

في الختام، يمكن القول إن إيران تواجه ظروفًا صعبة في المنطقة، وأوروبا تواجه تفتتًا داخليًا، ومع قدوم ترامب، فإن وضع أوروبا في النظام الدولي سيواجه مزيدًا من عدم اليقين.

حتى أن بعض الدبلوماسيين السابقين قالوا إن إيران يجب ألا تتفاوض مع الأوروبيين، بل يجب أن تتجه مباشرة إلى أمريكا.

كما أن بعض المسؤولين في طهران قد تحدثوا مؤخرًا عن احتمال التفاوض مع أمريكا في ظل شروط محددة. وهنا يطرح السؤال: إذا دخلت إيران في مفاوضات مع أمريكا، ما هو دور أوروبا؟ في الواقع، الآن الأوروبيون في انتظار معرفة ما سيقرره ترامب بشأن الناتو وأوكرانيا والرسوم التجارية مع أوروبا، وهذه هي أولوياتهم واهتماماتهم الرئيسية الآن. بعد وضوح هذه الأمور، يمكن أن نعرف مدى قدرة أوروبا على تخصيص وقت وموارد للتفاوض مع إيران.

وفيما يتعلق بالمفاوضات المحتملة بين طهران وواشنطن، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الظروف أصبحت أسوأ بالنسبة للطرفين. الغربيون يرون أنهم لا يستطيعون الدخول في شراكة استراتيجية مع إيران وحل قضاياهم. لذلك، تؤكد التحليلات الأوروبية والأمريكية على ضرورة أن يتابع ترامب سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران بهدفين: إما التوصل إلى اتفاق مع إيران أو تغيير سلوك إيران.

بالتالي، المسألة اليوم ليست المضي قدمًا نحو التعاون الاستراتيجي أو حل الخلافات، بل أن واشنطن وبروكسل يسعيان أكثر لخلق ردع ضد إيران ووفقًا لرؤيتهما، دفع ما يسمونه تهديدًا من إيران.

في النهاية، يجب القول إنه اليوم، على عكس الوقت الذي تم فيه توقيع الاتفاق النووي، نادرًا ما نسمع عن التعاون بين إيران وأوروبا أو استثمارات الأوروبيين أو الأمريكيين في إيران.

الفكر السائد لدى صانعي السياسات الرئيسيين في أوروبا هو أن أي اتفاق مع إيران يجب أن يؤدي إلى ردع إيران، وأن يشعر الغرب بالاطمئنان من هذا الجانب.

رحمن قهرمان بور
خبير كبير في قضايا العلاقات الدولية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى