العلاقات العراقية السورية بعد الأسد… تعايش مع الأمر الواقع
يتصدر الحديث عن مستقبل العلاقات العراقية السورية بعدما أوصلت الإدارة الجديدة في سورية أخيراً أكثر من رسالة إيجابية تجاه العراق على لسان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
ميدل ايست نيوز: في العراق المُنقسم سياسياً على حدث إسقاط نظام بشار الأسد في سورية، بعدما شاركت أطراف عراقية فاعلة في دعم هذا النظام عسكرياً واقتصادياً طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية، يتصدر الحديث عن مستقبل العلاقات العراقية السورية بعدما أوصلت الإدارة الجديدة في سورية أخيراً أكثر من رسالة إيجابية تجاه العراق على لسان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
وتصدرت خلال الأيام التي سبقت إسقاط نظام الأسد، مواقف أقرب إلى أن تكون “حربية” لمسؤولين عراقيين في بغداد، حمل بعضها التهديد بالتدخّل العسكري “استباقياً” ضد من تم اعتبارهم “إرهابيين”، وهو الموقف الذي تبناه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالقول إنهم “لن يبقوا متفرجين”، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، إلى جانب رئيس أركان الجيش عبد الأمير يار الله، والمتحدث العسكري باسم الحكومة يحيى رسول، الذي قال إن أبو محمد الجولاني (الشرع) مطلوب للعراق، ولا يمكن التعامل مع إرهابي.
في موازاة ذلك، اعتبر قادة بارزون في تحالف “الإطار التنسيقي” الحاكم في العراق، عملية “ردع العدوان” لفصائل المعارضة السورية، في الساعات الأولى منها بأنها “مؤامرة صهيونية”، تتزامن مع الهدنة ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودعوا إلى الاستعداد للدفاع عن المراقد المقدسة في سورية، وعادة ما يُقصد بذلك مرقد السيدة زينب في ضواحي دمشق.
غير أن لغة التصعيد تبدلت تماماً مع سقوط نظام الأسد الذي سبقته عملية انسحاب سريعة من الجغرافيا السورية إلى داخل العراق، وكانت مُفاجئة حتى لأعضاء الفصائل المسلحة في العراق، الذي قال أحدهم إنهم ما زالوا يحاولون معرفة “من أعطى أوامر هذا الانسحاب”. وبالتزامن مع اتصالات وزيارات مكوكية جرت في بغداد والنجف لمسؤولين غربيين وأمميين، في الأيام الأولى من الإعلان عن فرار الأسد وسيطرة المعارضة على دمشق، تبدلت بشكل تدريجي مواقف بغداد، التي سمحت برفع علم الثورة السورية على مبنى سفارة دمشق وسط بغداد يوم الخميس الماضي.
وفي بيانات رسمية أعقبت لقاءات واتصالات هاتفية متسلسلة جرت الأسبوع الماضي، مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، الذي زار أيضاً المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيستاني في النجف، أكد العراق “وحدة الأراضي السورية”، و”مساعدة السوريين على تخطي المرحلة الحالية وبناء بلدهم”، و”عدم التدخل في شؤون سورية”، و”الحفاظ على حقوق الأقليات”. وهي عبارات تكررت على لسان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الذي أجرى بدوره اتصالات هاتفية ولقاءات مع مسؤولين عرب وغربيين كان أبرزهم وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ.
مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، الذي كان الأكثر عدائية في التصريحات من التطورات السورية قبيل سقوط نظام الأسد، رافعاً شعارات دينية خلال تعليق له على منصة إكس، قال في بيان له يوم الأحد الماضي، إن “عودة الحياة الطبيعية وفتح المدارس أبوابها والدوائر الحكومية وارتفاع قيمة الليرة السورية، مؤشرات إيجابية نحو الاستقرار. نأمل للشعب السوري الشقيق الأمن والأمان والازدهار بسواعد أبنائه”.
إقرار بالتغير في العلاقات العراقية السورية
عن تغير المواقف بشأن العلاقات العراقية السورية تحدث عضو بارز ضمن ائتلاف “إدارة الدولة”، الذي يضم القوى العربية الشيعية والسنّية والكردية المشاركة بالحكومة، عن أنه “إقرار بالأمر الواقع وضرورة التعايش معه”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”، أن الرسائل الغربية في هذا السياق كانت واضحة ومباشرة للعراق، بشأن وقف أي تدخّل إيراني بالشأن السوري من خلال العراق، وعدم التعامل بسلبية مع التطورات السورية.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق “تلقت ضمانات حيال عدم وجود أي ارتدادات أمنية أو سياسية على المشهد العراقي جراء ما حدث في سورية”، وكذلك أن عليها “المساهمة بشكل إيجابي في دعم سورية الجديدة”.