من الصحافة الإيرانية: ما هي أهداف تركيا من إطلاق قناة تي آر تي الفارسية؟

بدأ قسم اللغة الفارسية في القناة التلفزيونية الحكومية التركية (تي آر تي)نشاطه مؤخرًا خلال حفل رسمي حضره مسؤولون وبعض الشخصيات المعادية لإيران، مع بث إعلان تشويقي يركز على المجموعات العرقية الإيرانية.

ميدل ايست نيوز: بعد نحو عشر سنوات من النقاش داخل تركيا حول إطلاق قسم باللغة الفارسية في القناة التلفزيونية الحكومية التركية (تي آر تي)، بدأ القسم نشاطه مؤخرًا خلال حفل رسمي حضره مسؤولون وبعض الشخصيات المعادية لإيران، مع بث إعلان تشويقي يركز على المجموعات العرقية الإيرانية.

وأشار مسؤولون في “تي آر تي” إلى أنهم تفاجأوا من الانتقادات التي واجهوها في تركيا حول تصريحات زاهد سوباجي، مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحكومية التركية، الذي اعتمد على أسلوب الدعاية العثماني وصرح بشكل واضح ودون مقدمات أن الهدف من إطلاق “تي آر تي الفارسية” هو مضايقة إيران. لكن المسؤولين في هذه القناة أكدوا أن الهدف من إنشاء القناة هو استقرار المنطقة وتعزيز الروابط الثقافية.

وفيما يتعلق بالتحركات التركية الأخيرة تجاه إيران، بما في ذلك إطلاق “تي آر تي الفارسية” وما تفعله في سوريا، هناك عدة نقاط يمكن تقييمها:

أولا: تركيا، التي لديها تاريخ يمتد لحوالي 600 سنة من التوسع في الأراضي، لا تمتلك محتوى حضاري وتاريخي وثقافي وفني وأدبي يمكن تقديمه لإيران التي لديها حضارة تمتد لآلاف السنين. يعترف بعض المفكرين الأتراك بأن العثمانيين لم يتمكنوا من ترك أي أثر كبير في الأدب والفن. ربما يكون هذا السبب في انتشار اللغة الفارسية في البلاط العثماني. وبالتالي، إذا كان لـ “تي آر تي الفارسية” أهداف ثقافية فعلا، فإن احترام الثقافة والحضارة الإيرانية يجب أن يكون محور نشاط القناة، لكن تدمير وتحريف الثقافة الإيرانية في المسلسلات التاريخية التي تنتجها القناة يظهر أن القناة بعيدة جدًا عن هذا النهج.

ثانيا: يجب تقييم الهدف الحقيقي من إطلاق “تي آر تي الفارسية” في إطار الدور الثلاثي الذي تلعبه تركيا في التطورات الإقليمية. هذه الأدوار هي: تمثيل الناتو في غرب آسيا، التعاقد لتنفيذ مشاريع المملكة المتحدة، وتبني النهج العثماني الجديد.

ثالثا: يجب تقييم أهداف تأسيس “تي آر تي الفارسية” كجزء من مزيج من دور تركيا الثلاثي في المنطقة، لكن المشكلة تكمن في أن حسابات أنقرة خاطئة، حيث إنها تلعب دور الجندي في “فتنة كبيرة” يتم فيها التخطيط لتقسيم تركيا. في جميع خطط الناتو التي تقودها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، مثل الشرق الأوسط الكبير، الشرق الأوسط الجديد، وإسرائيل الكبرى، توجد تركيا في صميم هذه الخطط التقسيمية. السبب في عدم تعاون الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مع تركيا في قضية الأكراد، رغم إلحاح أنقرة، هو نفس هذا الموضوع.

رابعا: بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بشكل عام وبعد الانقلاب عام 2016 بشكل خاص، أصبحت تركيا وفقًا للتقارير الدولية “سجنًا للإعلام”، حيث تم إغلاق مئات من وسائل الإعلام المنتقدة والمعارضة للحكومة وصودرت لصالح الحكومة. في ظل هذه الظروف، فإن عرض تأسيس “تي آر تي الفارسية” في إطار المبادئ والقيم الدولية للعمل الإعلامي هو نوع من السخرية. تشير بعض الدلائل إلى أن أحد أهداف “تي آر تي الفارسية” هو استكمال سياسات أنقرة وباكو في إثارة الفتن القومية والطائفية في إيران. ويقال إن أذربيجان، التي تعرضت لهزيمتين قاسيتين في محاولة إنشاء شبكة تلفزيونية ناطقة بالفارسية، قد ظهرت هذه المرة في دور الداعم المالي لـ “تي آر تي الفارسية” بهدف إشعال القضايا القومية في إيران.

خامسا: تأسيس وسائل الإعلام الدولية، أو ما يعرف بالإعلام الخارجي، هو مجال تتفوق فيه إيران، حيث تمتلك العديد من القنوات التلفزيونية والإذاعية التي تبث بأكثر من 30 لغة. قبل حوالي ثلاثة عقود، عندما كانت “تي آر تي” تُعتبر وسيلة إعلام محلية في تركيا، أسست إيران قناة “سيماي ترکي استانبولي” عبر شبكة “سحر” في عام 1997. وقد أدت تأثيراتها إلى ردود فعل سريعة من أنقرة. في النهاية، وبعد سنوات من العمل، تم إغلاق القناة في إيران بعد تبادل رسائل بين الطرفين، وقررت الجهات المسؤولة عن الإعلام الخارجي في إيران إغلاقها بنهج إيجابي. والآن، من خلال إطلاق “تي آر تي الفارسية”، انتهكت أنقرة الاتفاقات السابقة. لذلك، إذا لم تتمكن “تي آر تي الفارسية” من كبح “أوهام تركيا الملونة” في هذه القناة، فإن تأسيس قناة “تركي استانبولي” في إيران بناءً على الخبرات السابقة سيكون خيارًا محتملًا ومفيدًا لإيران.

 

أحمد كاظمي
أستاذ في القانون الدولي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى