من الصحافة الإيرانية: أصفهان التاريخية تخسر سياحها الأجانب.. هل يعيد التسويق الدولي الأمل؟
تعتبر أصفهان بتاريخها الغني وتراثها الثقافي الفريد واحدة من الوجهات السياحية الرئيسية في إيران والعالم.

ميدل ايست نيوز: تعتبر أصفهان بتاريخها الغني وتراثها الثقافي الفريد واحدة من الوجهات السياحية الرئيسية في إيران والعالم. هذه المدينة التي تضم أكثر من 22 ألف أثر تاريخي ومعالم بارزة مثل ميدان نقش جهان ومسجد الإمام وقصر جهل ستون وجسر سي و سه بل، تحظى بجاذبية كبيرة للسياح المحليين والأجانب. كما تتمتع هذه المحافظة بمكانة مميزة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث تضم العديد من المعالم المسجلة التي يمكن أن تجعل من أصفهان أحد المراكز السياحية الرئيسية في المنطقة. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، ورغم هذه الإمكانيات، شهدت انخفاضاً كبيراً في عدد السياح الأجانب.
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فقد دخل 103 آلاف سائح أجنبي إلى أصفهان في الأشهر التسعة الماضية، بينما كانت هذا الرقم في نفس الفترة من العام الماضي يزيد عن 150 ألف شخص. هذا الانخفاض الذي يزيد عن 30٪، لا يعكس فقط أزمة في صناعة السياحة في هذه المحافظة، بل يثير أيضاً أسئلة جدية حول الأسباب الكامنة وراءه.
محمدرضا جمشيدي، أحد نشطاء السياحة في محافظة أصفهان ومدير وكالة سفر، يقول في هذا السياق: انخفاض أعداد السياح الأجانب هو بالتأكيد نتيجة للظروف السياسية والاضطرابات الإقليمية، لكن لا يمكن إلقاء اللوم على هذه العوامل فقط. أصفهان، رغم الإمكانيات الكبيرة، لا تزال تعاني من بعض النواقص في البنية التحتية والترويج الذي يعيق استقطاب السياح. على الرغم من أن بعض المحافظات حققت نجاحاً كبيراً في مجال الدعاية والتسويق الدولي، إلا أن أصفهان لم تتمكن بعد من تقديم نفسها على مستوى عالمي.
ويؤكد جمشيدي على أهمية المشاركة المستمرة في المعارض السياحية الدولية قائلاً: يجب أن نكون كقطاع خاص حاضرين بشكل قوي في المعارض الدولية. للأسف، أصفهان غافلة إلى حد كبير عن هذا الجانب، وبدون هذا التواجد الفعّال، سيكون جذب السياح الدوليين شبه مستحيل. في الوقت نفسه، يجب تحسين الظروف لتوفير تجربة أفضل للسياح، حيث أن الخدمات، خصوصاً في أماكن الإقامة ووسائل النقل، لم تصل بعد إلى المعايير الدولية.
من جانبها، راضية سيدي، خبيرة في مجال السياحة وأستاذة جامعية، تناولت هذه القضية من منظور علمي، وفي حديثها مع وكالة مهر، قامت بتحليل أسباب انخفاض أعداد السياح.
قالت: أصفهان هي واحدة من المدن القليلة التي يمكن أن تنافس في مجال السياحة التاريخية والثقافية والطبيعية مع المدن الكبرى في العالم. لكن المشكلة الرئيسية هي أن بنية أصفهان التحتية ليست كافية لاستقبال السياح الأجانب. مطار أصفهان الدولي لا يزال يفتقر إلى القدرة على المنافسة مع مطارات مثل دبي أو إسطنبول. كما أن فنادقنا الخمس نجوم ليست كافية، وخدمات السياحة البيئية ليست قريبة من المعايير الدولية.
وأضافت سيدي أن هناك أيضاً نقصاً في التسويق الموجه، قائلة: لقد أضعنا الكثير من الفرص في مجال التسويق. البلدان الناجحة في السياحة تنظم حملات دعائية واسعة في وسائل الإعلام الدولية ووسائل التواصل الاجتماعي، بينما لا زلنا نعتمد على الطرق التقليدية. حتى أن العديد من السياح الأجانب لا يعلمون أن أصفهان تحتوي على مثل هذه الكنوز.
وتظل أصفهان، بتاريخها وثقافتها الفريدة، قادرة على أن تكون واحدة من الوجهات السياحية الرائدة في العالم، لكن هذا يتطلب إجراءات سريعة وهادفة. فهل سيتمكن المسؤولون ونشطاء السياحة من إحياء هذا التراث؟ فمستقبل السياحة في أصفهان مرتبط بشكل وثيق بالقرارات التي يتم اتخاذها اليوم.