ماذا نعرف عن الاتفاقية الشاملة بين إيران وروسيا التي سيوقعها بزشكيان وبوتين في موسكو؟
بعد أربعة عقود من العقوبات التكنولوجية، حققت إيران إنجازات ملحوظة في العديد من التقنيات الحديثة، ووجود روسيا كحليف يمكن أن يُسهم في تحسين هذه التقنيات.
ميدل ايست نيوز: في 11 أكتوبر من العام الماضي التقى مسعود بزشکیان وفلاديمير بوتين لأول مرة في عشق آباد، تركمانستان، ومن المقرر أن يلتقيا مجددًا في موسكو في 17 يناير الجاري. حيث سيتم توقيع اتفاقية شاملة بين البلدين والمعروفة باسم “اتفاقية التعاون الاستراتيجي الشامل” وهي اتفاقية مدتها 25 سنة بين إيران وروسيا، والتي يعتقد البلدان أنها ستساهم في تعزيز العلاقات بينهما.
وقالت وكالة إرنا الحكومية في تقرير لها، إن إيران وروسيا اليوم تتعاونا في ثلاث مجالات رئيسية: العلاقات الثنائية، التفاعلات الإقليمية، ودورهما في الساحة الدولية. أما الطاقة، والتقنيات الحديثة، والاقتصاد، والصناعات العسكرية والدفاعية، فهي محاور رئيسية للعلاقات بين موسكو وطهران. إذ أن كلا البلدين يملكان مصادر ضخمة من الغاز، ويحتاجان إلى استخدام التكنولوجيا النووية لتلبية احتياجاتهما، ما يتيح لهما التعاون في إطار قطب جديد ومؤثر في الساحة الدولية.
بعد أربعة عقود من العقوبات التكنولوجية، حققت إيران إنجازات ملحوظة في العديد من التقنيات الحديثة، ووجود روسيا كحليف يمكن أن يُسهم في تحسين هذه التقنيات، إذ سيرسم آفاقًا جديدة للعلاقات بين البلدين. في النصف الأول من عام 2024، تم تصدير مليون و300 ألف طن من السلع إلى روسيا بقيمة 494 مليون دولار، في حين تم استيراد 1.1 مليون طن من السلع من روسيا بقيمة 797 مليون دولار. وكان أبرز السلع المستوردة من روسيا هي الذهب الخام، الذي يمثل 22% من إجمالي واردات إيران، وهو ما يُعتبر تحذيرًا مهمًا في التعاملات التجارية، إذ يجب أن لا تقتصر على المواد الخام فقط.
ما نعرفه عن الاتفاقية الشاملة بين إيران وروسيا
كان تنظيم العلاقات والتعاون بين البلدين، نظرًا لتعدد المواضيع المطروحة في الاتفاقية، بحاجة إلى اتفاقات شاملة، وهي ضرورة تم التركيز عليها منذ عام 2001. وفي العقدين الماضيين، تم صياغة وتطوير عدة نصوص تتعلق بهذا الموضوع، ومن المتوقع أن يكون الاتفاق الذي سيتم توقيعه في الأيام المقبلة هو الأكثر شمولًا وتوسيعًا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وقد وصفته ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، بأنه “معاهدة كبيرة وغير مسبوقة” مع إيران.
اتفاق التعاون الاستراتيجي الشامل بين روسيا وإيران، الذي بدأ العمل عليه منذ فبراير 2021 بعد زيارة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وُضع على جدول أعمال الوزراء والمساعدين، وفقًا لما ذكره إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية. وهو الآن في المراحل النهائية من التفاوض ومن المتوقع أن يتم توقيعه في اجتماع رسمي بين الرئيسين في موسكو.
تفاصيل الاتفاقية
لم تُعلن بعد تفاصيل دقيقة عن مواد الاتفاقية، لكن وفقًا لما صرحت به زاخاروفا ومسؤولين روس آخرين، يتضمن الاتفاق التعاون في مجالات الطاقة، والنقل، والصناعة، والزراعة، والثقافة، ويُحتمل أن يكون نقطة تحول في العلاقات بين البلدين. علاوة على المحاور الرئيسية الواضحة، سيتضمن الاتفاق أيضًا التعاون في مجالات الإعلام، والتعليم، واستكشاف الفضاء، ونظام الدفع المشترك بين البنوك، وهي مجالات تواجه فيها كلا الدولتين ضغوطًا بسبب العقوبات.
ويعتبر الاستثمار الروسي في مجالي الطاقة والنقل في إيران هو المحور الأهم في هذا الاتفاق الاستراتيجي. يشمل هذا بناء وتحديث خطوط نقل الغاز الكبيرة، والاتفاقات المتعلقة بتبادل الغاز والنفط، بالإضافة إلى بناء وتطوير مصافي النفط الإيرانية ضمن التعاون في قطاع الطاقة.
ورغم أن الاتفاق يُعرف بأنه استراتيجي ومؤثر، فإن التركيز المفرط على بعض بنوده قد يساهم في تعزيز التدخلات من أطراف ثالثة تسعى إلى ربط الاتفاق بالبُعد العسكري والأمني، مما قد يزيد من حدة التوترات. وفي ظل الظروف العالمية الحالية، فإن التركيز على بعض البنود قد لا يكون في صالح روسيا ولا إيران.
عقب اندلاع حرب أوكرانيا، عمدت روسياورغماً عن إرادتها إلى إظهار دور الطائرات المسيرة الإيرانية في الإعلام بشكل بارز، كما امتنعت عن الرد على الاتهامات الموجهة إلى طهران من قبل أوروبا بشأن مساعدتها لروسيا في تأمين المعدات العسكرية اللازمة للحرب. وبذلك، أدخلت طهران نفسها في هذا الصراع كـ “شريك في الحرب”. في الوقت نفسه، لم تكن لا مصالح إيران ولا عقيدتها الدبلوماسية-العسكرية تميل إلى مثل هذه الشراكة، حيث أكدت طهران، سواء في عهد الحكومة الثانية عشرة أو الحالية، مرارًا وتكرارًا أن إرسال الطائرات المسيرة إلى روسيا كان قبل اندلاع حرب أوكرانيا، وأن إيران لم تزود موسكو بأي صواريخ.