أين تقع مكران وهل يمكن تغيير عاصمة إيران؟

طرحت جميع الحكومات الإيرانية التي تلت فترة الثورة الإسلامية فكرة نقل عاصمة إيران من طهران إلى مكان آخر.

ميدل ايست نيوز: طرحت جميع الحكومات الإيرانية التي تلت فترة الثورة الإسلامية فكرة نقل عاصمة إيران من طهران إلى مكان آخر، وقد أُثيرت العديد من النقاشات حولها بين المسؤولين والإداريين والخبراء، لكن بسبب بعض المشكلات والعجز والأمور التي يترتب عليها هذا النقل بالنسبة للحكومة، لم يتم تنفيذ هذه الفكرة حتى الآن.

وتعتبر التكلفة الباهظة لهذه الخطوة دائمًا العامل الأهم الذي حال دون تنفيذ هذا المشروع. ومن غير الواضح ما هو الهدف من طرح هذه الفكرة في وقت تواجه فيه إيران أزمة في توفير الطاقة ومن ضغوطات العقوبات الدولية وما ترتب عليها من مشاكل مالية.

ومع ذلك، يقول مؤيدو هذه الفكرة إن الأزمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية الموجودة في طهران قد جعلت ضرورة اتخاذ إجراءات جذرية أكثر وضوحًا.

في المقابل، يصف المعارضون، بالنظر إلى الأزمات المتعددة التي تواجه الحكومة وعجزها عن تنفيذ مشاريع عمرانية أصغر بكثير في البلاد، فكرة تغيير العاصمة بأنها “غير حكيمة”.

كما أن مسعود بزشکیان، رئيس الحكومة الرابعة عشرة، قد أكد مرارًا منذ بداية ولايته على ضرورة نقل العاصمة إلى مكان آخر.

هل يجب تغيير العاصمة؟

طهران هي مدينة كبيرة يقطنها أكثر من 9 مليون نسمة. يعتقد بعض الخبراء أنه بسبب حركة التنقل اليومية للأشخاص من المدن المجاورة، فإن عدد سكان العاصمة في ساعات النهار قد يصل إلى ما يقارب 15 مليون نسمة.

هذه الزيادة المفاجئة في عدد السكان تضع ضغطًا هائلًا على البنية التحتية في المدينة والنقل وخاصة على الموارد الحيوية مثل المياه والكهرباء.

وقد اعتبر رئيس الحكومة الرابعة عشرة أن التحدي الأكبر في طهران هو المياه، ناهيك عن مستوى تلوث الهواء في طهران الذي يتجاوز بشكل مستمر المستويات العالمية المسموح بها، مما يهدد الصحة العامة.

إضافة إلى ذلك، تقع طهران في مسار فالق زلزالي، ويحذر الخبراء دائمًا من هذه المسألة.

وبالإضافة إلى التحديات البيئية، فإن الكثافة السكانية المفرطة في طهران والمشاكل الكبيرة في مجال النقل العام والازدحام المروري وتلوث الهواء قد أسهمت جميعها في تفاقم الأوضاع.

وترتبط المشاكل الاقتصادية أيضًا بشكل وثيق بالكثافة السكانية المفرطة في طهران. فوفقًا لدراسة نشرتها فصلية الجيوسياسية، فإن 23% من الناتج المحلي الإجمالي لإيران مرتبط بطهران. هذه التركيز الاقتصادي في منطقة واحدة يشكل مخاطر كبيرة على البلاد كلها؛ حيث أن حدوث أزمات طبيعية مثل الزلازل، أو الأزمات الاقتصادية، قد يترتب عليها عواقب كبيرة على مستوى الدولة.

وفي نفس الوقت، تقدر بعض الدراسات التي أُجريت في داخل إيران أن نقل العاصمة إلى “مكران” جنوب البلاد هو أمر خطير وغير قابل للتنفيذ. وقد أشار الخبراء إلى المخاوف الأمنية الناتجة عن وجود القوات الأمريكية في مياه الخليج، والقرب من حدود باكستان وأفغانستان، وعدم الأمان في المنطقة. كما تم الإشارة إلى عدم وجود البنية التحتية المناسبة وقلة المياه كعوامل أخرى تجعل هذا المشروع صعب التنفيذ.

لماذا الجنوب؟

مؤخرا تحدث محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية، وفاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، عن ضرورة تغيير العاصمة الإيرانية. وأشارا إلى منطقة مكران، لكنهما لم يحددا مكانًا معينًا في هذه المنطقة.

وقد قال عارف: إحدى المناطق التي يتم طرحها بجدية هي مكران. هذه المنطقة مناسبة ولا تقتصر على حدود معينة. كانت هناك مناطق أخرى مطروحة في الماضي،ولكن كل واحدة منها كانت تواجه مشكلات معينة، مثل مشكلة توفير المياه أو مشاكل أخرى.

كما قالت مهاجراني إن “المكان الذي يتم النظر فيه هو منطقة مكران”، وأضافت حول الإجراءات المتخذة لتغيير العاصمة: تم تشكيل مجلسين، أحدهما يقوم بحصر مشاكل العاصمة، والآخر يعمل على “الاقتصاد البحري” ويدرس القدرات المطلوبة في منطقة مكران. لكنها لم تذكر من هم أعضاء هذه المجالس أو الجهة التي تشرف عليها.

وسبق أن قال مسعود بزشکیان منذ عدة أشهر: لا خيار أمامنا سوى نقل المركز الاقتصادي والسياسي للبلاد إلى الجنوب، بالقرب من البحر.

أين تقع مكران؟

مَكران هو اسم منطقة جغرافية تمتد من كرمان إلى نهر السند في العهد الذي تلا الإسلام. في العديد من المصادر التاريخية، كان يُطلق على بحر عمان اسم بحر مكران.

تبلغ سواحل مكران في إيران حوالي 900 كيلومتر، وتمتد من بلوشستان في باكستان غربًا إلى هرمزغان. تُعتبر هذه المنطقة استراتيجية للغاية في جنوب شرق إيران، حيث تصل بحر عمان بالمحيط الهندي، ويقع فيها ميناء چابهار، الذي يُعد الميناء الوحيد الإيراني المطل على المحيط.

تتمتع مكران بثروات نفطية وغازية كبيرة، وبفضل موقعها الجغرافي المميز بالقرب من المياه الدولية وبُعدها عن منطقة الخليج المتوترة، فإن لها أهمية جيوسياسية خاصة.

في السنوات الأخيرة، تم تنفيذ عدة مشاريع في محافظة سيستان وبلوشستان من أبرزها “مخطط تطوير سواحل مكران”، الذي يُعد واحدًا من أكبر المشاريع التنموية في المنطقة.

الغالبية العظمى من سكان منطقة مكران هم من البلوش والسنة، وتثار مخاوف عديدة بشأن تأثير تلك الخطوة على التركيبة السكانية للمنطقة مع احتمال أن تصبح مكران عاصمة إيران المستقبلية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى