إيران.. هبوط أجور العمال إلى 138 دولارا في الشهر
قال باحث اقتصادي إن الأجر الأدنى الشهري للعمال في إيران كان يعادل 1.2 جرام من الذهب في ديسمبر 2024، وهو أدنى مستوى تاريخي له.
ميدل ايست نيوز: باتت فجوة الأجور (حتى الأجور المتوسطة وليس فقط الحد الأدنى) مع تكاليف الحياة الأساسية في إيران كبيرة للغاية لدرجة أن بدء المفاوضات بشأن الأجور أو زيادة النسبة المئوية للأجر الأساسي لم تعد تثير أي اهتمام. عندما تصبح الأسعار “دولارية” والإنفاق المعيشي يزيد عن ثلاثة أضعاف أجر العامل، فإن زيادة بنسبة قليلة على الأجر الأساسي البالغ حوالي سبعة ملايين تومان لن تكون قادرة على حل الأزمة من فرعها.
وأفادت وكالة إيلنا العمالية، أنه من المتوقع أن تبدأ المفاوضات حول الأجور للعام القادم (يبدأ في 20 مارس 2025) في الأيام المقبلة، وكالعادة، سيكون معدل التضخم الرسمي هو العامل الأول الذي يُؤخذ بعين الاعتبار في مفاوضات الأجور في المجلس الأعلى للعمل. لكن في هذا السياق، لا تزال “التناقضات بين الإحصاءات والواقع الملموس” مستمرة.
بين البيانات الإحصائية والواقع
تشير آخر الإحصائيات الرسمية من مركز الإحصاء الإيراني إلى أن معدل التضخم السنوي في ديسمبر 2024 قد انخفض بنسبة 0.6% ليصل إلى 32.5%. ووفقًا للتقرير نفسه، بلغ معدل التضخم النقطي في جميع أنحاء البلاد في ديسمبر 2024 حوالي 31.4%، وهو ما يمثل انخفاضا مقارنة بالشهر السابق (نوفمبر 2024).
ورغم أن هذه الانخفاضات الإحصائية صغيرة، فإنها لا تتوافق مع الواقع العملي؛ حيث لا تزال أسعار الدولار والذهب والعملات المعدنية في حالة ارتفاع مستمر بينما يتخلف الأجر عن هذه الزيادات. لقد وصلت فجوة الأجور في إيران إلى مستويات غير قابلة للتصديق.
وتوصل احسان سلطاني، الباحث الاقتصادي، في حساباته للأجر الشهري الأدنى للعمال في إيران بناءً على القوة الشرائية للذهب في ديسمبر الماضي، توصل إلى نتائج مثيرة للاهتمام، فقال: كان الأجر الأدنى الشهري للعمال يعادل 1.2 جرام من الذهب في ديسمبر 2024، وهو أدنى مستوى تاريخي له.
يقول سلطاني: إن قياس قيمة الأجور بناءً على سعر الذهب مهم لأن سعر الذهب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأسعار الأصول مثل الأراضي والعقارات، وكذلك المواد الخام والنفط والمعادن (السلع الرئيسية المصدرة من إيران). إن صدمات أسعار الدولار أدت إلى انهيار قيمة الأجور. في هذه الأثناء، تقوم الحكومة بتفريغ جيوب الإيرانيين مستغلة صدمات أسعار الصرف وقمع الأجور من أجل تأمين مصالحها ومصالح المقربين منها.
وبمقارنة الأجور مع سعر الدولار سنصل إلى نتائج مشابهة. في الأمس انخفض سعر الدولار الأمريكي بنسبة 0.44% مقارنة باليوم السابق ليصل إلى 791,950 ريال. فإذا أخذنا الأجر المتوسط للعمال الحد الأدنى بمقدار 11 مليون تومان، فإن الأجر يساوي فقط 138.89 دولارًا.
يعمل العامل لمدة شهر، لكن الأجر الذي يتلقاه يكاد يكون أكثر قليلاً من سعر جرام واحد من الذهب في السوق وأقل من 150 دولارًا أمريكيًا. فكيف يمكن أن تكون القوة الشرائية لهذا الأجر في “الواقع” وفي سوق الاقتصاد؟ عندما يكون الأجر الكلي للعامل أقل من إيجار المنزل، فإن الحديث عن القوة الشرائية للأجر يصبح بلا معنى. وفقا لأحد الخبراء الاقتصاديين.
بهرام حسني نجاد، الناشط العمالي، يؤكد أيضًا أنه في ظل هذه الظروف، فإن زيادة النسبة المئوية للأجور بناءً على معدل التضخم الذي يبدو ثابتًا ولا يعكس تدهور القوة الشرائية، لن يكون له فائدة. ويقول: الطريقة الفعالة الوحيدة هي أن تُستند المفاوضات العمالية إلى قاعدة العمال وبمقارنة حقيقية للأجور مع العناصر الرئيسية وسلة الإنفاق المعيشي الحقيقية. لكننا لا نتوقع القيام بهذه الخطوة من قبل الهيكل الحالي للمجلس الأعلى للعمل.
منذ منتصف 2011 ومع تزايد صدمات سياسات الصرف في إيران، تدهورت الأجور بشكل كبير وفقد الريال قيمته الحقيقية. ويبدو أن هذا التدهور قد وصل اليوم إلى أعلى مستوى ولا يبدو أنه سيتوقف. لكن السؤال هنا هو: إلى أين يمكن أن يستمر هذا الانخفاض السريع؟