من الصحافة الإيرانية: كيف تخطط أذربيجان وتركيا لمحاصرة إيران جيوسياسيًا بعد سقوط الأسد؟
أدلى رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف يوم الثلاثاء الماضي بتصريحات حادة وغير مسبوقة ضد إيران خلال مقابلة مع قنوات تلفزيونية محلية.

ميدل ايست نيوز: أدلى رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف يوم الثلاثاء الماضي بتصريحات حادة وغير مسبوقة ضد إيران خلال مقابلة مع قنوات تلفزيونية محلية.
وفي حديثه عن التحولات الإقليمية والدولية، ركز علييف بشكل كبير على ممر زنغزور وذلك في وقت حساس في ظل تطورات المشهد السوري وبعد شهر من سقوط نظام الأسد. وأثارت تصريحاته مخاوف بشأن إمكانية أن تصبح هذه التحولات تحدياً يهدد الحدود بين إيران وأرمينيا.
وقد قال علييف بوضوح: على أرمينيا أن تتذكر أن حليفها المقرب في الشرق الأوسط، أي دكتاتورية الأسد، قد انتهى أمرها، وهذا الاتجاه سيستمر. لذا، عليهم اتخاذ الخطوات الصحيحة.
وواصل علييف حديثه بنبرة تهديدية قائلاً: ممر زنغزور يجب أن يُفتح، وسيفتح. كلما أدركت أرمينيا ذلك بشكل أسرع، كان أفضل لهم. لأننا بحاجة إلى الاتصال المباشر مع ناخيتشيفان، ولن يضر هذا الاتصال بسيادة أرمينيا
وأضاف: من الأفضل لأرمينيا ألا تُغضبنا وأن تفهم أن الحق هنا معنا.
جاءت هذه التصريحات رغم أن طهران أكدت مسبقاً أنها لن تعترف بهذا الممر، مشددة على تمسكها بموقفها الرافض له.
وفي جزء آخر من الحوار، تطرق علييف إلى العلاقات بين أذربيجان وإيران، معلقاً بحذر على سياسة الحكومة الإيرانية الجديدة قائلاً: ما زال الوقت مبكراً للحديث عن هذا الموضوع، لأننا لم نجرِ اتصالات جادة مع الحكومة الحالية في إيران. كانت هناك اتصالات محدودة بين أعضاء الحكومة، وركزت بالأساس على القضايا الاقتصادية والنقل.
كما أشار علييف إلى تدهور العلاقات مع الحكومة الإيرانية السابقة، وكرر مزاعم وصف الهجوم المسلح على سفارة أذربيجان في طهران في 27 يناير 2023 بأنه “هجوم إرهابي مخطط له مسبقاً. وذلك رغم تأكيد السلطات الإيرانية حينها أن الهجوم كان بدوافع شخصية.
وفي هذا السياق، يرى الخبير البارز في قضايا القوقاز شعيب بهمن، في حوار مع صحيفة شرق، أن “لا يمكن فصل التحولات في الشرق الأوسط عن تلك التي تحدث في القوقاز”. ويعتقد أن سقوط حكومة الأسد أعطى باكو وأنقرة فرصة لتعزيز مشروع ممر زنغزور الإقليمي.
وأشار إلى أن “اللاعبين الرئيسيين في سوريا، مثل تركيا وإسرائيل والجماعات التكفيرية، هم نفس اللاعبين الذين شاركوا بقوة في حرب قره باغ الثانية عام 2020”.
واعتبر بهمن أن تركيا وأذربيجان قد وقعتا في “خطأ استراتيجي” عندما استنتجتا أن تأثير إيران في المنطقة قد ضعف بعد التطورات الأخيرة في فلسطين ولبنان وسوريا. وقال: إذا اعتقدت باكو وأنقرة أن إيران أصبحت أضعف، فإنهما ستحاولان تنفيذ مشروع ممر زنغزور دون مواجهة معارضة جادة من طهران.
ووفقًا لما قاله هذا المحلل البارز في قضايا القوقاز: صرح رجب طيب أردوغان العام الماضي بشكل واضح أن أكبر عقبة أمام إنشاء ممر زنغزور هي فقط الجمهورية الإسلامية الإيرانية. مبينا أن “باكو وأنقرة تبحثان عن الفرصة المناسبة، وإذا اعتقدتا أن إيران قد أُضعفت بعد تطورات منطقة الشرق الأوسط ولم تعد قادرة على لعب دور في المعادلات المحيطة بها، فسوف يشرعان في تنفيذ مشروع الممر”.
ويرى هذا المحلل في الشؤون الدولية أن “زنغزور يُعد مشروعًا سياسيًا-أمنيًا كبيرًا، حيث تتصدر جمهورية أذربيجان وتركيا واجهة هذا المشروع في مرحلته الأولى، بينما تشارك في المراحل اللاحقة أطراف أخرى مثل إسرائيل، المملكة المتحدة، الناتو، والولايات المتحدة الأمريكية”.
ويشير شعيب بهمن إلى قضية أكبر أنه “كما أن كان ارتباط تطورات جنوب القوقاز وقضية زنغزور أكثر بتطورات غرب آسيا، فمن الضروري أن نربط بين تحولات الشرق الأوسط والقوقاز، وكذلك معادلات أفغانستان وباكستان عند الحدود الشرقية لإيران، بالتوازي مع الادعاءات حول الجزر الإيرانية الثلاث.” ويرى بهمن أن “هذا يتم في إطار مشروع كبير يهدف إلى محاصرة إيران جيوسياسيًا، وفي نهاية المطاف إضعاف مكانتها ونفوذها الإقليمي.”
ولشرح هذه النقطة بشكل أوسع، يشير المحلل البارز في السياسة الخارجية إلى الدور المحوري لتركيا، موضحًا: بما أن أنقرة كانت الموجه الرئيسي لممر لاجورد الذي يهدف إلى ربط باكستان وأفغانستان ببحر قزوين والقوقاز وتجاوز إيران، وكذلك ممر ‘التنمية’ الذي يهدف إلى ربط الكويت والعراق بتركيا وأوروبا، فإن أردوغان يسعى أيضًا إلى إطلاق ممر زنغزور لمحاصرة إيران جيوسياسيًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا تقوم الآن بتنفيذ مشاريع ضخمة لبناء السدود في أفغانستان بهدف منع إيران من الحصول على حصتها المائية.”