من الصحافة الإيرانية: كيف أصبحت “إيرانوفوبيا” مشكلة رئيسية تؤثر على صناعة السياحة في إيران؟

خلق الموقع الاستراتيجي لإيران بين الشرق والغرب عبر التاريخ حالة خاصة واستثنائية لهذا البلد، إذ وفر هذا الموقع فرصًا وتهديدات في الوقت ذاته على مختلف الأصعدة.

ميدل ايست نيوز: في الآونة الأخيرة تحدث محمد رضا عارف النائب الأول للرئيس الإيراني في تصريحات له حول معدلات السياحة ووضع هذا القطاع قائلا إن “هناك موجة من إيرانوفوبيا منتشرة في العالم، لا علاقة لها بحقيقة إيران. نحن مقصرون أيضا، إذ واجهنا هذه الظاهرة بضعف وعاطفية ولم تقم الشخصيات الثقافية بدورها، لتكون النتيجة بأن يعتقد الذين لا يعرفون إيران أنهم إذا دخلوا بلادنا، كأنهم دخلوا الجحيم، لكن نظرتهم تتغير بعد أيام قليلة من زيارتهم لإيران.” كما أكد عارف في جزء آخر من تصريحاته أنه إذا تم التعاطي جيدا مع السياحة يمكن أن تكون المصدر الثاني للدخل بعد النفط في إيران.

وتشير إحصائيات منظمة السياحة العالمية لعام 2023 إلى أن تركيا جذبت عددًا من السياح يزيد عن تسعة أضعاف إيران، في حين أن الإمارات حققت إيرادات سياحية تزيد عن سبعة أضعاف ما حققته إيران.

وتثير هذه الأرقام، إلى جانب تصريحات النائب الأول للرئيس الإيراني، تساؤلات حول سبب انتشار “إيرانوفوبيا” وتأثير ذلك على قطاع السياحة ودور الجهات الرسمية والحكومية في تحسين الوضع.

في هذا السياق، قال سعيد معيد فر، عالم الاجتماع وعضو جمعية علم الاجتماع الإيرانية، في حديث مع موقع فرارو: السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو لماذا يبدو انخفاض أعداد السياح أو ظاهرة إيرانوفوبيا أمراً مفاجئاً للسيد عارف ؟ في الواقع، هناك أسباب كثيرة لهذه الظاهرة. من أهمها الاستراتيجيات التي اعتمدتها السلطة في إيران. فالأخيرة، بسبب موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب، كانت دائمًا تتمتع بوضع خاص عبر التاريخ، وقد وفر هذا الموقع فرصًا وواجه تهديدات عديدة.

وأضاف: مع مرور الوقت، ومع التغير في الاستراتيجيات والأيديولوجيات والمعتقدات غير المتناغمة، انتهى بنا الأمر إلى الانكماش، وفقدنا موقعنا المميز السابق، وتدهورت علاقاتنا مع العالم ومع شعوب الدول الأخرى. والنتيجة هي أننا وصلنا إلى هذه الحالة حيث نواجه مشكلات في مجالات مثل السياحة، ودخلنا في طريق مسدود حيث قطعت علاقاتنا مع أجزاء كبيرة من العالم.

ويرى الخبير الإيراني أن “بلاده خلقت نوعاً من التوازن المطلق مع العالم بمعنى أننا أصبحنا على خلاف مع الشرق والغرب معًا. بالتالي، لم نعد في وضع مقبول عالميًا، وخسرنا جميع مزايانا. حتى الصينيون لم يعودوا ينظرون إلينا كدولة ذات ميزة. لقد حاولنا اختيار الصين وروسيا كدول صديقة، لكن هاتين الدولتين أيضًا تربطهما علاقات واسعة مع معظم دول العالم ولا ترغبان في التضحية بهذه العلاقات من أجل إيران. للأسف، لم ننجح حتى في إقامة علاقة سليمة مع الشرق”.

وأوضح أستاذ علم الاجتماع: عندما قطعنا علاقاتنا مع الغرب، فمن الطبيعي أن تضعف علاقتنا مع الشرق أو حتى تنقطع، لأن قيمة إيران بالنسبة للشرق تكمن في قدرتها على تسهيل التواصل مع الغرب. يترابط العالم من الشرق إلى الغرب ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. وعندما قطعنا علاقتنا مع جزء من العالم، فمن الطبيعي أن باقي الأجزاء لن تعطي لنا أهمية.

وتابع: قبل فترة، تحدث وزير السياحة عن أن قرارات مثل قانون العفاف والحجاب (بالشكل الذي تم تعريفه) قد تؤثر على استقبال السياح. هذه القضية بالتحديد تعكس الحاجة إلى انفتاحنا على العالم في جميع الجوانب. صحيح أننا نواجه مشكلات مع الغرب في ملف مثل غزة، لكن ماذا عن انفتاحنا في المجالات الأخرى؟ نحن بحاجة إلى حلول تمكّننا من الاستفادة من ميزاتنا الاستراتيجية كدولة.

واختتم قائلاً: طالما أن انغلاقنا السياسي مع الغرب ينعكس على المجالات الثقافية والاجتماعية وغيرها، فسيبقى الوضع على ما هو عليه.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 + 14 =

زر الذهاب إلى الأعلى