صحفي مقرب من مكتب المرشد الأعلى الإيراني: التفاوض مع أمريكا خسارة استراتيجية لإيران

كتب مهدي فضائلي، عضو الإعلام في مكتب نشر أعمال المرشد الأعلى الإيراني، مقالا في صحيفة همشهري الإيرانية أكد فيه أن التفاوض مع الولايات المتحدة يتعارض مع المصالح الوطنية الإيرانية.

ميدل ايست نيوز: كتب مهدي فضائلي، عضو الإعلام في مكتب نشر أعمال المرشد الأعلى الإيراني، مقالا في صحيفة همشهري الإيرانية أكد فيه أن التفاوض مع الولايات المتحدة يتعارض مع المصالح الوطنية الإيرانية.

وكتب فضائلي: يمكن اعتبار  قضية تفاوض إيران مع الولايات المتحدة واحدة من أقدم وأكثر القضايا تكرارًا في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال حقبة النظام الحالي؛ وهي قضية تتجدد من حين لآخر، كما هو الحال في هذه الأيام.

ويتمثل أهم ادعاء لدى مؤيدي التفاوض مع الولايات المتحدة في حل مشكلات البلاد، بما في ذلك المشكلات الاقتصادية ورفع الضغوط، بينما يرى معارضو التفاوض أن المفاوضات لن تحل المشكلات الاقتصادية أو غيرها، بل ستزيد من الأعباء وتسبب خسائر وأضرارًا.

وفيما يلي أستعرض باختصار بعض الأسباب التي تجعل التفاوض مع الولايات المتحدة، لا سيما في الظروف الحالية، يتعارض مع المصالح الوطنية.

وقبل الدخول في التفاصيل، أشير إلى أن هذه الأسباب مستقلة عن النظرة العقائدية والأيديولوجية، رغم أن الأيديولوجيا بحد ذاتها تشكل أساسًا مهمًا وجوهريًا.

أولًا، أحد الأسس الجوهرية للثورة والنظام الإسلامي، وهو مبدأ تتبناه أي دولة مستقلة، يتمثل في “عدم الظلم وعدم الخضوع للظلم”. هذا المبدأ يتوافق تمامًا مع الشعار الأساسي للشعب الإيراني عند انتصار الثورة، وهو “الاستقلال”. بناءً على هذا المبدأ، لا يمكن التعامل مع نظام أو دولة تستند في أسسها إلى الاستكبار والظلم، ولا يمكن إجراء مفاوضات عادلة دون الخضوع.

ثانيًا، بعيدًا عن التجارب قبل الثورة الإسلامية وتجارب الشعوب الأخرى، فإن التجارب العديدة التي مررنا بها منذ انتصار الثورة الإسلامية في التعامل والتفاوض مع الولايات المتحدة لم تقدم أي نتائج إيجابية أو واعدة.

ثالثًا، أحد الأسباب التي تدفع بعض مؤيدي التفاوض مع الولايات المتحدة، وإن كانوا لا يقرون بذلك صراحة، هو الانبهار بهيمنة وعظمة الولايات المتحدة. في نظر هؤلاء، لا تزال الولايات المتحدة تمتلك الهيمنة والقدرة على فرض إرادتها. ومع ذلك، من الواضح أن الولايات المتحدة اليوم ليست كما كانت في القرن العشرين، وأن تراجع مكانتها كقوة عظمى أصبح شبه متفق عليه.

الأخطاء الحسابية العديدة التي ارتكبتها الولايات المتحدة في مواجهتها مع إيران وفشلها في خططها للإطاحة بالنظام الإسلامي وعدم تحقيق أهدافها في العراق وأفغانستان واليمن على مدار العقدين الماضيين، فضلًا عن إخفاقاتها في حماية الكيان الصهيوني، كلها أمور أضعفت هيمنتها. وقد خلص المحللون الاستراتيجيون حول العالم إلى أن مواجهة الولايات المتحدة وإلحاق الهزيمة بها أمر ممكن. وهنا أوضح أن التفاوض بين إيران والولايات المتحدة سيؤدي دورًا كبيرًا في إحياء هيمنة الولايات المتحدة، مما يشكل خيانة للعالم بأسره.

رابعًا، يمكن ملاحظة أوضاع العديد من الدول التي ترتبط بعلاقات سياسية وثيقة مع الولايات المتحدة، ومع ذلك لم تُحل مشكلاتها الاقتصادية، ولا يزال شعبها يعاني الفقر وضيق المعيشة. إيران في حقبة الشاه ومصر والعراق والأردن وأفغانستان وعشرات الدول الأخرى في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية والجنوبية، تمثل أمثلة واضحة على ذلك. بالتالي، الاعتقاد بأن المصافحة والابتسام للولايات المتحدة سيؤديان فجأة إلى حل المشكلات هو تصور خيالي وغير واقعي.

التكاليف التي تحملتها بعض الدول الخليجية للتطبيع مع الولايات المتحدة، رغم أنها ليست واضحة تمامًا، إلا أن فقدان الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي والخضوع للسياسات الأمريكية أمر جلي. يكفي النظر إلى القواعد العسكرية الأمريكية في تلك الدول لتتضح الصورة.

خامسًا، يتعلق الأمر بالظروف الراهنة. بعد ما حدث في سوريا، ترى الولايات المتحدة نفسها في موقف متفوق، بينما تعتبر إيران ضعيفة. وقد تزامن هذا مع تولي رئيس ذي صفات شبيهة بترامب منصبه. فهل إبداء الرغبة في التفاوض في ظل هذه الظروف يعزز تصورات القادة الأمريكيين بأنهم في موقف أقوى؟ وهل يمكن تأمين المصالح الوطنية الإيرانية في ظل هذه الظروف؟ مع الوضع الحالي للولايات المتحدة وحرص بعض الأطراف على التفاوض، من الواضح أن واشنطن لن تمنح أي امتيازات ذات قيمة لحل مشكلات إيران. هذا مجرد وهم!

ختامًا، نحن ندرك أن مواجهة الولايات المتحدة تحمل تكاليف، لكننا ندرك أيضًا أن التفاوض مع الولايات المتحدة، بعد 46 عامًا من الصمود بعزة وخصوصًا في هذه الظروف سيكون خسارة محققة.

لذلك، نقول بكل يقين وبصوت عالٍ إن التفاوض مع الولايات المتحدة لا يخدم مصالحنا الوطنية. ومع ذلك، إذا وصلنا إلى ظروف يتم فيها تأمين مصالحنا الوطنية من خلال التفاوض، فلن يتردد أي شخص عاقل ومخلص في القيام بذلك.

مهدي فضائلي
صحفي في مكتب نشر أعمال المرشد الأعلى 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى