من الصحافة الإيرانية: إيران والقوى الإقليمية الفاعلة على الحدود الشرقية

لطالما كانت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجيرانها مليئة بالتقلبات، حيث لا تقتصر على التحديات الاقتصادية فحسب، بل أيضًا على القضايا الأمنية.

ميدل ايست نيوز: لطالما كانت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجيرانها مليئة بالتقلبات، حيث لا تقتصر على التحديات الاقتصادية فحسب، بل أيضًا على القضايا الأمنية التي تظل تمثل هاجسًا دائمًا في هذه المنطقة.

التجاور مع دول مثل باكستان وأفغانستان شكل دائمًا تهديدات لإيران. من الأمثلة على ذلك وجود ميليشيات مسلحة راديكالية على الحدود المشتركة مع باكستان، إضافة إلى التهديدات البيئية والأمنية، وكذلك وجود المهاجرين الذين يدخلون الحدود الإيرانية من أفغانستان. رغم هذه التحديات، هناك أيضًا الكثير من القواسم المشتركة. من بينها القرب الثقافي والتاريخي والديني واللغوي وغيرها، التي تتواجد بين المواطنين بعيدًا عن تدخل الحكومات. كما يجب أن نذكر أن جميع هذه الدول تحمل لقب “الجمهورية الإسلامية”، وهو ما قد يخلق ظروفًا خاصة تستدعي نقاشات تاريخية. غالبًا ما يتم الحديث عن مستقبل العلاقات بين هذه الدول، ناهيك عن أن إيران تقوم بخطوات مثل إغلاق الحدود البرية مع هذه الدول.

دور القوى الإقليمية والدولية

يتحدث منصور حقيقت ‌بور، محلل القضايا الإقليمية والعضو السابق في لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، لصحيفة “أرمان ملي” عن سبب التوترات المستمرة بين إيران وجيرانها الشرقيين، قائلًا: لو كانت العلاقات بين إيران وجيرانها الشرقيين مبنية على حسن الجوار والتاريخ واللغة والدين، لما واجهنا مشاكل مع باكستان وأفغانستان. لكن عندما تقوم القوى الإقليمية بالتدخل في هذه الدول، من الطبيعي أن تتأثر العلاقات.

وأضاف: على سبيل المثال، جماعة ‘سباه سحابه’ في باكستان كانت تعمل لسنوات ضد إيران وضد الشيعة، يجب أن نسأل من كان يمول ويجهز هذه الجماعات، ومن أين كانت تأتِ برامجها التدريبية. يجب أن نعرف من يقف خلف هذه الجماعات المعادية للشيعة. الجواب واضح، إنهم الوهابيون المرتبطون بالسعودية، وكذلك الجماعات مثل داعش التي توجد حاليًا في أفغانستان، جميعهم ينتمون لنفس العائلة.

وأشار محلل القضايا الإقليمية إلى أن “الكثير من الأفغان يشتركون مع إيران في اللغة والعرق والدين، ومن المفترض ألا يكون هناك أي مشاكل بيننا. لكن كلما دخلت القوى مثل أمريكا وإسرائيل وداعش وما إلى ذلك إلى الساحة، فإنهم يتخذون إجراءات تُسبب انقسامًا أمنيًا وعسكريًا بين الجيران. وعندما يقل تدخل القوى الإقليمية والدولية، نلاحظ أن المشاكل مع هذه الدول الجارة تقل. اللغة الفارسية هي اللغة الثانية في باكستان، وهي لغة الأدباء والشعراء الباكستانيين. لو كانت العلاقات تسير في مسار طبيعي، لتمكنا من تحديد المصالح وتعزيز العلاقات الاقتصادية، لكن تدخل القوى الإقليمية والدولية دائمًا ما يُسبب تغييرا في الظروف.

وحول الجماعات الإرهابية التي تدخل من الحدود الجنوبية الشرقية من باكستان وتزعزع الوضع الأمني، قال حقيقت بور: مصدر هذه الجماعات يعود إلى نفس القوى الإقليمية والعناصر الوهابية التي كانت تمولها وتدعمها لسنوات. للتعامل مع هذه الجماعات الإرهابية، يجب أن يكون لدينا حوار مستمر مع الحكومة الباكستانية لإيجاد حل مناسب.

أما بشأن الحقوق المائية لإيران على الحدود الأفغانية وحضور المهاجرين الأفغان في المدن الإيرانية، فقد أضاف: المشاكل المتعلقة بالمياه والقضايا الأخرى التي هي الآن محل خلاف بين إيران وحكومة طالبان هي مسائل قانونية. كل نهر يجب أن يُحترم حقه في الحياة، وإذا كانت أفغانستان، بدعم من القوى الإقليمية والدولية، تسعى لتنفيذ أهداف مشبوهة، فيجب أن نتصرف معهم وفقًا للقانون الدولي، ونُلزمهم بالامتثال للقوانين. هذه الممارسات لن تكون في صالح حكومة طالبان.”

وأشار إلى أن سد “باشتدان” بعد سد “سلمى” يُعد ثاني أكبر حاجز على نهر “هلمند”، وهو يُغذي 13,000 هكتار من الأراضي الزراعية في أفغانستان. ومع ذلك، فإن هذه السدود، إذا تم إنشاؤها دون مراعاة حقوق المياه الإيرانية، قد تؤدي إلى تدمير النظام البيئي في منطقة أسفل النهر، وهو أمر لا يقتصر على سهل “سرخس” الإيراني فقط، فإذا لم يصل الماء إلى سد “دوستي”، فإن ذلك يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة للزراعة في تركمانستان. هذه التصرفات، التي تهدد البيئة والمناخ، قد تعرض الأمن البشري للخطر بشكل جدي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى