إيران.. الأصوليون المتشدون يبدأون حملة ضد المفاوضات مع أمريكا

يعتقد الراديكاليون أن المفاوضات مع أمريكا لن تؤدي إطلاقا إلى تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي في إيران، بل قد تسهم في إضعاف استقلال وعزة البلاد.

ميدل ايست نيوز: رغم أن تفاوض طهران مع واشنطن لم يقتصر سوى على التكهنات، إلا أن تنديدات المعارضين المتشددين في الداخل الإيراني ارتفعت لدرجة أن الأمر يبدو وكأن وفدي البلدين قد جلسا حول طاولة المفاوضات وانتهيا من توقيع الاتفاقية. ينتاب هؤلاء المعارضون دائما خشية بشأن البنود والتفاصيل المحتملة لأي اتفاقية تبرم بين إيران والولايات المتحدة.

يعتقد الراديكاليون أن المفاوضات مع أمريكا لن تؤدي إطلاقا إلى تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي في إيران، بل قد تسهم في إضعاف استقلال وعزة البلاد. فهم يرون أن أمريكا غير ملتزمة بتعهداتها، وأن التجارب السابقة أظهرت أن هذا البلد قد تراجع عدة مرات عن اتفاقياته.

على الجانب الآخر، فإن مؤيدي المفاوضات، أو بالأحرى مؤيدي الحلول الدبلوماسية لحل التحديات بين إيران والغرب، يرون أن الدبلوماسية هي الخيار الأفضل لتجاوز الأزمات التي تواجهها إيران. ومع تغيير الرئيس في أمريكا وعودة ترامب إلى البيت الأبيض، فإن المفاوضات التي كان قد بدأها بايدن مع الحكومة الإيرانية لم تصل إلى نتيجة، وإذا ظل الوضع على حاله وفرضت الولايات المتحدة عقوبات أحادية على إيران، فإن احتمال تفعيل آلية الزناد وفرض عقوبات أكثر قسوة على إيران ليس مستبعدًا. لذلك، تعتبر المفاوضات بشرط “التفاوض المشرف والمساوام المبني على الثقة” – الذي أكد عليه الرئيس بزشكيان في عدة مؤتمرات – أهم الحلول المتاحة أمام إيران.

مع كل حديث عن المفاوضات، خاصة مع أمريكا، يتصاعد هجوم من بعض الفاعلين السياسيين في الداخل الإيراني بشكل يبدو كأنه منظم نحو الفضاء الإعلامي والأخباري وتتحول منابر مثل منابر صلاة الجمعة إلى أماكن لهذه الهجمات. ففي وقت سابق، قال علم الهدى إمام جمعة مشهد، الذي يعارض المفاوضات مع الغرب، عكس موقفه بشأن المفاوضات في عهد رئيسي: هل تعلمون مع من ترغبون في التفاوض؟ مع أفراد فشلت ووقعت في هذا الذل؟

صحفي مقرب من مكتب المرشد الأعلى الإيراني: التفاوض مع أمريكا خسارة استراتيجية لإيران

واستغل أحمد خاتمي في خطبته في صلاة الجمعة في طهران الفرصة لمعارضة المفاوضات المحتملة بين إيران وأمريكا، قائلاً: العالم يجب أن يعلم، وخاصة الأمريكيين، أن موقف النظام الإيراني من أمريكا هو نفس موقف الإمام الخميني والمرشد الأعلى. الإمام قال إن أمريكا هي الشيطان الأكبر، والمرشد الأعلى كرّر هذا الموقف عدة مرات. ما أود قوله لمؤيدي المفاوضات الذين يتفاخرون الآن بالموافقة على التفاوض مع أمريكا، خلافًا لرأي الإمام والمرشد الأعلى، هو أن أمريكا إما أصبحت الشيطان الصغير أو الشيطان الأكبر. قوتها ولله الحمد قد تراجعت، لكن خبثها ازداد. أمريكا تريد التفاوض لمواجهة الثورة الإسلامية.

وأضاف: إذا كانت أمريكا تتحدث عن المفاوضات، فإن هدفها هو مواجهة النظام. كتب مهندس العقوبات في أمريكا مقالًا يتحدث عن ثلاث طرق لمواجهة النظام الإيراني؛ الطريقة الأولى هي الهجوم العسكري، لكن هذا لن ينجح لأن إيران اليوم ليست كما كانت في الماضي. الثانية هي قصف المنشآت النووية، وهذا أيضًا لن ينفع لأن المعرفة النووية أصبحت محلية ويمكن إعادة بناء المنشآت. الطريقة الثالثة والطريقة الوحيدة هي المفاوضات مع إيران. يجب على أولئك الذين يتحدثون عن المفاوضات أن يعلموا أن الأمريكيين يقولون بوضوح إن الطريق الوحيد لمواجهة إيران هو المفاوضات.

من ناحيته، قال أحمد مطهري أصل في خطبته في صلاة الجمعة في تبريز عن المفاوضات مع أمريكا: بعض الناس بعد 45 عامًا من المؤامرات والمكائد ضد إيران، لا يزالون يتطلعون إلى المفاوضات مع أمريكا. لا يمكن النظر إلى هذه الأفعى ذات الخطوط الجميلة بتفاؤل.

إلى جانب منابر صلاة الجمعة، سيطر مشهد انتقاد التفاوض أيضا على بعض النشطاء السياسيين من معسكر الأصوليين. وتستمر هذه المواجهات في الوقت الذي يشير فيه تقرير صحيفة “انتخاب” إلى أن رجل الدين علم الهدى وآخرين من أئمة الجمعة الذين ينتقدون المفاوضات قد صمتوا إزاء الاتفاق غير المكتوب بين حكومة رئيسي وحكومة أمريكا بشأن المنطقة. فوفقًا لاتفاق تم في مسقط في ديسمبر 2023 والذي كشفت عنه نيويورك تايمز في عام 2024 “وافقت إيران على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم سقف 60%، وأن تمنع الفصائل التابعة لها من مهاجمة القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وتعزيز تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وألا تبيع صواريخ باليستية إلى روسيا.”

يبدو أن المعركة الحادة التي يخوضها بعض الأفراد في إيران أو التيارات السياسية ضد المفاوضات، سواء من منابر صلاة الجمعة أو من المنابر السياسية، هي بعيدة عن احتياجات وضروريات البلاد التي أصبحت إصلاح العديد من السياسات، خاصة في المجال الدبلوماسي، أمرًا لا غنى عنه.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى