من الصحافة الإيرانية: تاريخ طويل من عدم وفاء روسيا بتعهداتها تجاه إيران

وقعت إيران وروسيا مؤخرا اتفاقية شاملة استراتيجية مشابهة للعديد من الاتفاقيات السابقة التي أُبرمت مع روسيا ولم تُحقق نتائج ملموسة.

ميدل ايست نيوز: وقعت إيران وروسيا مؤخرا اتفاقية شاملة استراتيجية مشابهة للعديد من الاتفاقيات السابقة التي أُبرمت مع روسيا ولم تُحقق نتائج ملموسة. كانت الدولتان قد أبرمتا اتفاقية شاملة لمدة 25 عامًا في الماضي تم تمديدها، ووقعت روسيا مرارًا اتفاقيات ومذكرات تفاهم لدخول قطاعات النقل والنفط والغاز في إيران، إلا أن أيًا منها لم يُنفذ بشكل فعلي.

وكتبت صحيفة شرق في تقرير لها، أنه بعد توقيع الاتفاق النووي (الاتفاقية الشاملة المشتركة) في يوليو 2015، كان الكثيرون يأملون في أن تدخل العلاقات الاقتصادية بين إيران والدول المختلفة، وخاصة روسيا، مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي. ينظر المسؤولون في إيران إلى روسيا باعتبارها واحدة من الأعضاء الرئيسيين في مجموعة 1+5 وأحد الشركاء الاستراتيجيين، إلا أن دراسة دقيقة لمسار هذه العلاقات تظهر أن العديد من وعود روسيا الاقتصادية في مجالات النفط والغاز والبنية التحتية لم تتحقق، بل قد تُعتبر في بعض الحالات إضاعة للفرص.

في السنوات الأولى بعد الاتفاق النووي، دخلت شركات روسية كبيرة مثل غازبروم ولوك أويل في مشاريع النفط والغاز في إيران. ووفقًا لتقرير وكالة “إرنا” الحكومية في فبراير 2017، عرضت روسيا آنذاك استثمار 50 مليار دولار في تطوير حقول النفط والغاز الإيرانية، بما في ذلك حقول بارس الشمالي وفرزاد B. هذه الوعود، التي تم التوقيع عليها في اتفاقيات في عامي 2017 و2018، كانت بمثابة إشارة لتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين. لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو 2018 وإعادة فرض عقوبات على طهران، أوقفت الشركات الروسية مشاريعها في إيران بسرعة كبيرة، الأمر الذي إلى أن يواجه قطاع الطاقة في إيران تحديات أكبر في فترة ما بعد العقوبات.

مشروع السكك الحديدية رشت – أستارا: تأخيرات متكررة

إحدى المشاريع الرئيسية للتعاون بين إيران وروسيا هي بناء خط سكة حديد يسمى رشت – أستارا، الذي يُعتبر جزءًا من الممر الدولي الشمال – الجنوب (INSTC). نظرًا لأهميته الاستراتيجية في تسهيل النقل بين آسيا وأوروبا، تم وضع هذا المشروع في أولويات التعاون بين إيران وروسيا. وفي مايو 2023، تعهدت روسيا باستثمار 1.6 مليار يورو لإكمال هذا المشروع. لكن تنفيذ هذا المشروع واجه تحديات عديدة. فعلى الرغم من تأكيد موسكو على جهوزيتها ودعمها، لا يزال الجزء الأكبر من التمويل المطلوب غير مُؤمّن. يأتي هذا في وقت تحتاج فيه إيران بشدة إلى تطوير بنيتها التحتية للنقل لمواجهة العقوبات وزيادة الإيرادات من قطاع الترانزيت.

اتفاقية الشراكة: وثيقة بلا ضمانات تنفيذ

في يناير 2025، تم توقيع اتفاقية تعاون لمدة 20 عامًا بين إيران وروسيا. وكانت هذه الوثيقة تهدف إلى تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية، ووصفت بأنها خطوة كبيرة نحو تعميق العلاقات الثنائية. ومع ذلك، تُظهر التجربة التاريخية أن روسيا في الأوقات الحساسة، بدلاً من مساعدة إيران، تفضل دائمًا وضع مصالحها الخاصة في المقام الأول.

التحديات الهيكلية في العلاقات الإيرانية – الروسية

  1. العقوبات: تعد العقوبات الاقتصادية والمصرفية المفروضة على إيران من الأسباب التي استخدمتها روسيا لتبرير عدم الوفاء بتعهداتها. في حين سعت إيران مرارًا إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا، نادرًا ما دعمت موسكو إيران في مواجهة الضغوط الدولية.
  2. التنافس في سوق الطاقة: روسيا وإيران هما منافسان رئيسيان في العديد من الأسواق العالمية، بما في ذلك أوروبا. هذا التنافس دفع روسيا، حتى في ظل التعاون، إلى تفضيل مصالحها الاقتصادية على العلاقات الاستراتيجية.
  3. الأولويات الجيوسياسية لروسيا: في السنوات الأخيرة، كثفت روسيا تركيزها على تعزيز علاقاتها مع الصين والهند. هذه الأولويات قللت بشكل غير مباشر من اهتمام روسيا بتعزيز التعاون الاقتصادي مع إيران.
  4. سجل روسيا في نقض العهود: في العقود الماضية، شهدت إيران مرارًا أن روسيا في الأوقات الحساسة تراجعت عن تنفيذ التزاماتها. هذا السلوك أدى إلى تراجع الثقة في روسيا بين بعض النخب السياسية والاقتصادية في إيران.

دروس من الماضي وآفاق المستقبل

على الرغم من أن العلاقات الإيرانية – الروسية تُعرض على أنها تعاون استراتيجي، فإن التجربة التاريخية والشواهد المتاحة تُظهر أن روسيا في الأوقات الحساسة دائمًا تفضل مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. إذ أدت الوعود الكبرى التي قدمتها روسيا في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية للنقل، دون ضمانات تنفيذ واضحة، أدت في النهاية إلى فقدان الثقة والرضا من جانب إيران. لكي تصل العلاقات الإيرانية – الروسية إلى مرحلة الاستدامة والفعالية، يجب على إيران تقليل اعتمادها على وعود روسيا، والعمل على تنويع سياستها الاقتصادية والدبلوماسية، بالإضافة إلى التفاعل مع دول أخرى في العالم لضمان مصالحها الوطنية. فإذا لم يحدث ذلك، فإن هذه العلاقات ستظل عالقة في دورة من الوعود والنتائج المحدودة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى