من الصحافة الإيرانية: هل ترامب حقًا رئيس معادي للحروب؟

رغم أن ترامب يدعي علنًا أنه ضد الحروب، إلا أن سجله في فترته الرئاسية الأولى يجعل احتمال اندلاع حروب جديدة أمرًا لا يمكن تجاهله.

ميدل ايست نيوز: بدأ دونالد ترامب ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة في ظل استمرار التوترات الشديدة بين إيران والغرب. بعض المحللين، استنادًا إلى تصريحاته بأنه لن يبدأ أي حرب جديدة خلال فترته، يستبعدون احتمال نشوب صراع عسكري بين إيران وأمريكا، لكن ادعاء ترامب بأنه معادٍ للحروب يستدعي تحليلًا أعمق.

في الواقع، الادعاء بأن ترامب لم يشن أي حرب جديدة خلال فترته الأولى ليس دقيقًا تمامًا. رغم أن ترامب لم يكن متحمسًا لإشعال حرب مباشرة، إلا أن المحللين يشيرون إلى أن العديد من المسؤولين الذين عينهم في مناصب عليا في الأمن القومي والسياسة الخارجية يحملون توجهات متشددة ويدعمون نهجًا تصعيديًا تجاه إيران. لكن القضية لا تقتصر على الدخول المباشر في حرب، بل تشمل أيضًا دعمه للحروب التي يشنها حلفاء الولايات المتحدة.

يتجلى هذا النهج بوضوح في دعم ترامب غير المشروط للحرب التي شنتها السعودية على اليمن، حيث ألغى جميع القيود التي فرضتها إدارة أوباما على مبيعات الأسلحة إلى الرياض. بناءً على هذا، هناك شكوك كثيرة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحجم عن تقديم الدعم لإسرائيل في حال اشتعال نزاع إقليمي جديد في الشرق الأوسط ووقوع مواجهة أخرى بين إيران وإسرائيل. رغم أنه لا يوجد فرق بين ترامب وبايدن فيما يتعلق بدعم أمريكا لإسرائيل، إلا أنه خلال الحملة الانتخابية، وبينما كانت إدارة بايدن تحاول ثني إسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية وغير العسكرية في إيران، صرح دونالد ترامب علنًا بأنه لو كان مكان إسرائيل، لكان قد استهدف المنشآت النفطية الإيرانية.

خلال حملته الانتخابية، كرر ترامب مرارًا أنه رئيس مناهض للحروب، زاعمًا أنه “أول رئيس أمريكي حديث لم يبدأ أي حرب جديدة”. لكن وسائل الإعلام الأمريكية شككت في هذا الادعاء، مشيرة إلى أن جيمي كارتر، الذي حكم بين عامي 1977 و1981، هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي لم يعلن الحرب على أي دولة ولم يطلب تفويضًا عسكريًا من الكونغرس.

وأطلق كارتر عملية عسكرية لإنقاذ الرهائن الأمريكيين في إيران، ما أدى إلى مقتل ثمانية جنود أمريكيين. في عهد ترامب، قُتل ما لا يقل عن 65 جنديًا أمريكيًا خلال عمليات عسكرية، حيث استخدم صلاحيات الحرب التي منحها الكونغرس لمحاربة “الإرهاب” في سوريا واليمن، بالإضافة إلى تنفيذ عملية اغتيال الجنزال قاسم سليماني.

على الرغم من أن ترامب لم يطلب هذه الصلاحيات الحربية من الكونغرس خلال فترته الرئاسية، فإن جميع الرؤساء الأمريكيين الأربعة منذ عام 2001، وهم جورج دبليو بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، قد نفذوا عمليات عسكرية حول العالم استنادًا إلى قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية (AUMF)، الذي أقره الكونغرس ردًا على هجمات 11 سبتمبر.

دونالد ترامب ليس الوحيد الذي يدعي معارضته للحروب. فالموقف السلبي للمواطنين الأمريكيين تجاه الحروب، بعد الخسائر البشرية والتكاليف الباهظة التي تكبدتها الولايات المتحدة دون نتائج ملموسة في أفغانستان والعراق منذ عام 2001، دفع السياسيين الأمريكيين إلى محاولة الظهور بمظهر المعارضين للحرب. فكما قدم ترامب نفسه على أنه مناهض لـ”حروب أمريكا التي لا نهاية لها”، تبنت إدارة بايدن موقفًا مشابهًا.

وقالت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي السابقة، خلال مناظرة انتخابية ضد ترامب: لأول مرة في هذا القرن، لم يعد هناك أي فرد من الجيش الأمريكي يخدم في أي من مناطق النزاع حول العالم”.

وفي الصيف الماضي، عندما أعلن جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، صرح قائلًا: أنا أول رئيس أمريكي في هذا القرن يمكنه أن يخبر الشعب الأمريكي بأن بلادنا ليست في حالة حرب في أي مكان من العالم”.

غير أن وسائل الإعلام الأمريكية شككت في هذه الادعاءات، مشيرة إلى التدخلات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وبحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى إرسال المعدات والقوات العسكرية إلى إسرائيل.

في النهاية، ورغم أن ترامب يدعي علنًا أنه ضد الحروب، إلا أن سجله في فترته الرئاسية الأولى، إلى جانب الشخصيات التي اختارها لمناصب الأمن القومي والسياسة الخارجية، يجعل احتمال اندلاع حروب جديدة أمرًا لا يمكن تجاهله.

شهاب شهسواري
صحفي في الشؤون الدولية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى