من الصحافة الإيرانية: مراقبة متبادلة وتصريحات متناقضة بين طهران وواشنطن

تنشغل طهران وواشنطن بمراقبة بعضهما البعض. إذ لا توجد تقريبا أي إشارات على إيجاد نافذة للتفاوض أو تحديد وقت لذلك.

ميدل ايست نيوز: تنشغل طهران وواشنطن بمراقبة بعضهما البعض. إذ لا توجد تقريبا أي إشارات على إيجاد نافذة للتفاوض أو تحديد وقت لذلك. كلا الطرفين يقيمان بعضهما البعض. تصريحات المسؤولين من الطرفين مليئة بالتناقضات؛ أحيانًا يظهرون الضوء الأخضر وأحيانًا الضوء الأحمر. لكن في الوقت نفسه، يتفق الطرفان على أن الحوار في النهاية – سواء كان مفاوضات أو صفقة – أمر لا مفر منه إذا كان الهدف هو تجنب التصعيد.

من الممكن الافتراض أن طهران وواشنطن قد دخلتا في لعبة نفسية، حيث يسعى كل طرف لقياس ردود الأفعال المتبادلة، ويريدان من خلال تقييم قدراتهما على اتخاذ قرارات تفضي إلى التحضير للجلوس على طاولة الحوار. من جانبها، تتجنب واشنطن التصريحات المتكررة التي كان يدلي بها “دونالد ترامب” وأعضاء حكومته المتطرفين ضد طهران وسياساتها في الماضي، بينما تقدم نفسها من خلال عرض “إرادة قائمة على القوة”. هذا العرض يشمل إرسال قنابل خارقة للتحصينات إلى إسرائيل ودعوة “بنيامين نتنياهو” إلى واشنطن لزيارة طويلة في العاصمة الأمريكية. من جهتها، تقدم طهران أحيانًا تصريحات ناعمة لإظهار استعدادها المشروط للتفاوض وحل الخلافات، وأحيانًا أخرى ترد على استعراضات القوة الأمريكية بإعلان استعدادها للرد الفوري على أي خطوة استفزازية أو هجومية.

والسؤال المطروح هنا: إلى متى سيستمر الوضع الراهن غير المستقر والمعلق، في وقت يزداد فيه الضغط مع مرور الوقت؟ في طهران، تنتشر قناعة راسخة بأن واشنطن تسعى إلى فرض “توازن غير متكافئ” على طاولة الحوار. بمعنى أن واشنطن ترغب في تنفيذ نموذج للمفاوضات “القائمة على القوة” حيث “من هو الأقوى، هو الأكثر استفادة”. بينما ترى طهران أن خلافاتها مع الولايات المتحدة، بل مع الغرب بشكل عام، تتنوع بين مسائل قانونية وسياسية وأمنية وكرامة. بالتالي، تتبنى طهران النهج الإيجابي نحو المفاوضات التي تهدف إلى “التسوية والانتصار” بدلًا من قبول نموذج “الانتصار والهزيمة”.

وفي هذا الإطار، يبرز الهدف الأساسي في اتخاذ قرارات مشتركة لحل النزاعات والتناقضات. ليس من الضروري أن تحل جميع الخلافات دفعة واحدة، لكن المرونة من الطرفين في الابتعاد عن هذا الهدف يمكن أن يوفر المجال لفتح نوافذ جديدة في الاتفاقات المستقبلية. كما يوفر أيضًا فرصة لتطوير أساليب منطقية للتعامل مع التناقضات المؤسسية في علاقات الطرفين.

قد ترى واشنطن على غرار طهران أن بقاء الخلافات دون تقديم حل قادر على خلق “نتيجة إيجابية” في “المفاوضات”، هو أداة لتجميد القوة الابتكارية البناءة. طهران ترى أن تعلل أو صمت ترامب وفريقه هو “تحرك على مدار عصبي”. التصعيد في ردود الفعل السلبية من طهران تجاه التفاوض يمكن تفسيره في هذا السياق. إذا كان هناك حديث عن مفاوضات أو صفقة بناءة، يجب أن يكون الطرفان في سعي للبحث عن الحلول بدلاً من التركيز على الخلافات.

والمهم أيضا هو أن تغير واشنطن استراتيجيتها تجاه طهران والمنطقة بشكل عام. اختيار نموذج تفاوضي يعتمد فقط على دعم إسرائيل يعني القضاء على أي جهود لتحقيق الاستقرار والهدوء في الشرق الأوسط. لكن هل يدرك ترامب هذه النقطة في محادثاته مع نتنياهو؟ أم أنه يسعى لتأجيج الوضع؟

طهران تراقب عن كثب سلوك ترامب وفريقه، كما تفعل واشنطن مع طهران.

جلال خوشجهره
صحفي إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى