من الصحافة الإيرانية: طهران واستخدام التنافس السياسي في الولاية الثانية لترامب
إن من أهم أسباب خروج دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران كان حساسية موقفه تجاه باراك أوباما، الرئيس السابق للولايات المتحدة، ووجود اسمه على الاتفاق.

ميدل ايست نيوز: يقولون “في السياسة، لا شيء يحدث مرتين” لكننا اليوم نشهد بدء الولاية الثانية لأكثر رئيس أمريكي مثير للجدل، دونالد ترامب. الطريقة الأكثر حكمة وعقلانية في التعامل مع المشهد اليوم هي إعادة تقييم معرفتن نحو الواقع.
لا شك أن أهم وأبرز ملف بين إيران ودونالد ترامب في فترة رئاسته الأولى كان الاتفاق النووي والانسحاب منه، ومن ثم السياسة المعروفة بـ “الضغط الأقصى”. بالنظر إلى السمات النفسية لترامب، يمكن القول إن من أهم أسباب خروجه من الاتفاق النووي مع إيران كان حساسية موقفه تجاه باراك أوباما، الرئيس السابق للولايات المتحدة، ووجود اسمه على الاتفاق. وحتى اليوم، أي في الولاية الثانية لترامب، يظهر بشكل أسبوعي منافسته مع أوباما وأساليبه التي تحتقر جو بايدن.
إذن، تقول لنا الروح التنافسية لترامب، إن أي إنجاز تاريخي ورثه من سلفه، من المحتمل أن يكون آخر شيء يهتم ترامب بالحفاظ عليه، خاصة إذا كان يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لا تجمعها معها علاقات كثيرة ومتكررة ولا سيما وأن الاتفاق النووي كان يُعتبر إلى حد كبير في صالح إيران.
الفرص المحتملة
ما يجب أن يتم التركيز عليه الآن هو أنه لا يوجد اتفاق حاليًا حول القضية النووية أو غيرها بين إيران والولايات المتحدة، وأي حدث سيحدث الآن سيعتبر إرثًا لترامب؛ إرثًا لن يتوانى عن الحفاظ عليه والترويج له، حتى وإن كان الاتفاق الجديد شكلاً مشابهًا للاتفاق السابق. وهذا يمثل فرصة مبدئية لتصميم استراتيجية تحرك غير معقدة من قبل طهران يمكنها من خلالها تجنب الشر المقبل على البلاد.
من الفرص التي يمكن ذكرها في هذا النوع من السياسة الخارجية هي أن الاتفاقات مع اليمين عادة ما تكون أكثر استقرارًا، لأنه إذا تم التوصل إلى اتفاق مع التوجه الأكثر تطرفًا، فإن التوجهات المعتدلة لا تكون لديها حوافز أو رغبة في تفكيك ذلك الاتفاق.
فإذا تم التوصل إلى الاتفاق النووي في عهد ترامب، فمن المحتمل أنه كان سيصفه بأكثر الاتفاقات تميزًا في تاريخ أمريكا. لذلك، بالنسبة لترامب، لا يهم النص بقدر ما يهمه ارتباطه به و”ترامبيته”. هذه النقطة بحد ذاتها تمثل فرصة، لأنه عندما يكون الطرف الآخر يهتم “بالخطوط العريضة” و”سرعة الوصول” إلى الاتفاق، يمكن الحصول على مزيد من التفاصيل.
أولوية ترامب
تتجسد أولوية ترامب في عدة أمور، خاصة في ملف إيران، في “تغيير الوضع الراهن”. هذا النهج يبرز بشكل واضح ضعف وعجز الرئيس السابق. عجز الرئيس السابق في ولايته الأولى كان بسبب إرث الاتفاق النووي وعدم قدرة إدارة أوباما على “الضغط على إيران”. بينما في الوقت الحالي، وبسبب غياب أي اتفاق، يُلاحظ عجز إدارة بايدن في “التوصل إلى اتفاق مرضٍ مع إيران”. وهذه النقطة هي الأهم التي يجب التركيز عليها. هناك إشارات واعدة مثل ضعف المعارضة الإيرانية وانتخابات ترامب، إلى جانب تحسين العلاقات مع دول المنطقة، وخاصة الدول العربية، التي يمكن أن تساعد في تحسين بيئة المفاوضات لإيران.
التهديدات المحتملة
أول تهديد هو افتراضاتنا وتصوراتنا. أنه بما أن ترامب تاجر ويُحتمل أن يتفق في النهاية، فهذا ليس صحيحًا تمامًا. التاريخ الدبلوماسي لإيران في عدة قرون يظهر أن الفرص غالبًا ما لا تُستغل وتُعتبر دائمة. هذا يسبب في زيادة توقعات صانعي القرار، وبالتالي يستمر هذا الدور لدرجة أن موسم الفرصة ينتهي، ويُغلق نافذة الفرصة. وعندها يبدأ السعي لاستعادة الفرص الضائعة.
الحقيقة هي أنه كما أظهر ترامب في ولايته الأولى، يمكن توقع منه أمرين: إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، يمكن للضغط الأقصى أن يحل محله، وسوف يدافع عنه بكل حماس كما فعل سابقًا. لا يجب السماح لإسرائيل والمعارضة أن تجعل الضغط على إيران مشروعًا أو إنجازًا له.
تهديد آخر قد يؤثر على أي اتفاق هو أن يكون الاتفاق عامًا وغير ذي تأثير، كما حدث في اتفاقه مع كوريا الشمالية. مثل هذا الاتفاق قد يؤدي في أفضل الأحوال إلى تخفيف الضغط قليلًا. لكن يجب تقديم الامتيازات الإعلامية والدبلوماسية بعناية، ويفضل أن يكون ذلك بعد الحصول على الامتيازات المرجوة، وليس قبله. لأن في حال كان الأمر عكس ذلك، فإن استمرار المسار بالنسبة لترامب يعني تحصيل الحاصل، ولن يكون له جاذبية كبيرة.
ساسان كريمي
محاضر في كلية الدراسات العالمية في جامعة طهران