“الضغوط القصوى” ضد إيران: ماذا يعني قرار ترامب؟
خلال 24 ساعة، تغيرت نبرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن التعامل مع الملف الإيراني، من التصعيد إلى التهدئة.
![](/ar/wp-content/uploads/2023/09/US.jpg)
ميدل ايست نيوز: خلال 24 ساعة، تغيرت نبرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن التعامل مع الملف الإيراني، من التصعيد إلى التهدئة.
ففي يوم الثلاثاء، وقع ترامب على أمر تنفيذي لإعادة تفعيل سياسة “الضغوط القصوى” ضد إيران، مستهدفا تقليص صادراتها النفطية إلى الصفر.
بينما ظهرت الأربعاء نبرة أكثر دبلوماسية في تصريحاته على منصة “تروث سوشيال”، حين أعرب عن رغبته في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يمنحها الفرصة للنمو والازدهار بشكل سلمي، لكنه شدد على ضرورة أن لا تمتلك سلاحًا نوويًا.
ويقول نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والمستشار الأول لمنظمة “متحدون ضد إيران النووية”، لقناة “الحرة” إن الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب يعكس “استعادة سياسة الضغوط القصوى”، ويحث على استخدام جميع الأدوات التي تمتلكها الولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف.
وأوضح رول أن هذا الأمر التنفيذي يركز بشكل خاص على ملف إيران النووي، ويهدف إلى منع طهران من مواصلة دعم الإرهاب، بالإضافة إلى معالجة برنامجها للصواريخ الباليستية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في إيران.
وأشار إلى أن سياسة “الضغوط القصوى” هي جزء من استراتيجية ترامب لمواجهة التهديد الإيراني.
على الجانب الإيراني، كان الرد على تهديدات الرئيس ترامب متعدد الأوجه، فقد قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده تمتلك الموارد اللازمة ولديها طرق لتجاوز العقوبات الأميركية.
بينما أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى استعداد إيران لإعطاء الفرصة للولايات المتحدة لتسوية الخلافات، مع التأكيد على أن القلق بشأن السلاح النووي ليس قضية صعبة الحل، بالنظر إلى معارضة طهران لأسلحة الدمار الشامل، حسب تعبيره.
إيران عند مفترق الطرق
أضاف نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية أن إيران، التي تسعى لشراء الوقت بهدف تعزيز قدرات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها في العديد من الجبهات، تسعى كذلك إلى تجنب العقوبات الدولية، وهو ما يعد جزءًا من سعيها للحفاظ على بقاء النظام.
من جانبها، تسعى الولايات المتحدة إلى التحرك بسرعة لمواجهة التهديد الإيراني بشكل حاسم، سواء عبر وقف تطوير برنامج إيران النووي أو من خلال الحد من دعم طهران للميليشيات المدعومة من قبلها في المنطقة.
واعتبر رول أن واشنطن تهدف إلى إنهاء هذه التهديدات التي تطال الاستقرار الإقليمي والدولي، وأن إيران تقف الآن عند مفترق طرق في ظل الضغوط الأميركية المتزايدة.
وإذا كانت طهران ترغب في الموافقة على الصفقة التي عرضها الرئيس ترامب، فإن ذلك يتطلب منها أن تتخذ قرارات سريعة وتعيد حساباتها بشكل جذري.
وأشار المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والمستشار الأول لمنظمة “متحدون ضد إيران النووية”، إلى أن الوقت قد حان لطهران لتتفاعل مع هذه التغيرات في السياسة الأمريكية إذا أرادت تجنب المزيد من التصعيد.
هل ستتمكن إيران من تجنب العقوبات الأميركية؟
الرئيس ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015 التي تفاوضت عليها إيران مع إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، دعا بشكل فعال إلى إعادة المحاولة عندما قال إنه يريد تجنب حدوث صراع عسكري من خلال التوصل إلى اتفاق يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي.
تقول صحيفة نيويورك تايمز أن رغبة ترامب في الانخراط في المفاوضات هي تحول عن فترته الأولى، حيث كان يسخر كثيرًا من الرئيس السابق باراك أوباما لموافقته على اتفاق نووي مع إيران. بموجب هذا الاتفاق، سلمت إيران 97% من موادها النووية وقلصت أبحاثها وتطويرها، لكنها لم تفكك جميع منشآتها.
ووصف الرئيس ترامب الاتفاق الذي تفاوض عليه أوباما بأنه “معيب في جوهره” وقال إنه كان “مروعًا” و”أسوأ” اتفاق تم التوصل إليه.
الأكاديمي والباحث السياسي الإيراني حسن هاشميان قال في حديثه لـ “الحرة” إن طهران تدرك تماماً خطورة المرحلة الحالية، وكيف يمكن أن تؤثر الأوامر التنفيذية للرئيس ترامب على وضع البلاد الداخلي والإقليمي.
وأشار هاشميان إلى أن طهران، بعيداً عن التصريحات المتطرفة لبعض المسؤولين الإيرانيين، ترغب في الانخراط في مفاوضات مع واشنطن بشرط أن تحقق بعض المكاسب السياسية والاقتصادية.
وأضاف أن الرئيس ترامب سيواصل الضغط بشكل كبير على ملف تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى قلقه المستمر بشأن سعي إيران لامتلاك السلاح النووي.
تجاوب مع الضغوط الأميركية وتغيير في الحسابات
واتهم ترامب إدارة الرئيس السابق جو بايدن بتجاهل التدابير الردعية الحالية بينما كانت تسعى لإحياء الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس أوباما، والذي تراجع عنه الرئيس الجمهوري خلال ولايته الأولى.
في ولايته الأولى، فرض ترامب ما وصفه بـ “حملة أقصى الضغط” على إيران، وقال إنه يعتقد أن بايدن قد أضعف هذه الحملة من خلال تطبيق غير صارم للعقوبات.
وأوضح الأكاديمي والباحث السياسي الإيراني حسن هاشميان أن الرئيس ترامب لا يعتزم الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن طهران لا تولي اهتماماً للغة الحوار ولا تعرف سوى منطق القوة.
هذا النهج، بحسب هاشميان، سيجبر إيران على التجاوب بشكل أسرع مع التهديدات الأميركية مقارنة بالسياسة الدبلوماسية التي انتهجتها إدارة الرئيس بايدن والتي لم تجد آذاناً صاغية في طهران.
وفيما يخص العقوبات، أشار هاشميان إلى أن إيران قد اختبرت من قبل العقوبات التي فرضها ترامب خلال ولايته الأولى، وتجنب العودة إلى تلك المرحلة سيكون من أولويات طهران، خصوصاً في ظل المخاوف من انفجار استياء شعبي داخلي قد يحدث في أي لحظة.
وأختتم الباحث بالقول إن النظام الإيراني في وضع حرج من الناحية السياسية والاقتصادية. حيث فقد الكثير من قوته في المنطقة، وحتى أصبح يواجه تحديات كبيرة في بعض المناطق داخل إيران. وما يحدث الآن ليس في صالح النظام الإيراني بأي حال من الأحوال.
وأساءت طهران تقدير العواقب طويلة الأمد لهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ورد إسرائيل اللاحق، ولكن حتى مع تراجع قدرات إيران، لكن بأمكانها أن تضر بالمصالح الأميركية وتجبرها على تخصيص موارد كبيرة لإدارة أزمة جديدة في المنطقة، بحسب نيويورك تايمز.
وبينما كان التركيز مؤخراً على الأنشطة الإقليمية لإيران على حساب القضية النووية، فإن العكس هو الصحيح، ومن المؤكد أنه في وقت ما ستعود مشكلة النووي لتتصدر العناوين مرة أخرى.
في سياق متصل، قال مسؤول إيراني كبير لرويترز، الأربعاء، إن طهران مستعدة لمنح الولايات المتحدة فرصة لحل الخلافات بين البلدين، مشيرا إلى أن طهران تريد من الولايات المتحدة “كبح جماح إسرائيل إذا كانت واشنطن تسعى إلى التوصل إلى اتفاق” مع إيران.
ويضيف مراقبون أن لدى إدارة ترامب فرصة لإعادة ضبط التوازن، من خلال إدارة القضية النووية دون منح إيران مساحة لإعادة تسلسح شبكة وكلائها الإقليمية وانزلاق المنطقة إلى مزيد من الفوضى.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في جلسة تأكيد تعيينه إنه يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تظل “منفتحة على أي ترتيب” يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
لكنه حذر قائلاً: “أي تنازلات نقدمها للنظام الإيراني يجب أن نتوقع أنهم سيستخدمونها، كما فعلوا في الماضي، لبناء أنظمتهم للأسلحة ومحاولة إعادة بدء دعمهم لحزب الله وغيره من الكيانات المرتبطة بهم في المنطقة.”