محادثة سرية بين روحاني وبوتين تكشف: متى بدأت روسيا التفكير في التخلي عن الأسد؟

نشرت وسائل إعلام إيرانية للمرة الأولى نص لمحادثة سرية حول سوريا جرت في 2013 بين الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ميدل ايست نيوز: نشرت وسائل إعلام إيرانية للمرة الأولى نص لمحادثة سرية حول سوريا جرت في 2013 بين الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ونشرت مجلة “آكاهي نو” في عددها الأخير تقريراً عن سقوط نظام بشار الأسد، تضمن لأول مرة نص محادثة سرية بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الروسي فلاديمير بوتين حول سوريا عام 2013.

وجاء في جزء من التقرير:

في 13 سبتمبر 2013، وبعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة، سافر حسن روحاني إلى بيشكيك، عاصمة قرغيزستان، لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون (التي تمثل المحور الشرقي الجديد بقيادة روسيا والصين). التقى حينها روحاني لأول مرة بصفته رئيساً لإيران مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. بدأ اللقاء متأخراً بأربعين دقيقة، وهو أسلوب يتبعه بوتين لإبقاء قادة العالم منتظرين. لكن روحاني كان على دراية بهذا الأمر، فقرر عدم الذهاب إلى مكان الاجتماع حتى يتم إخباره بأن بوتين قد وصل، لتجنب الانتظار غير الضروري. وبعد اجتماع طويل دام ساعة وعشرين دقيقة، حاول بوتين تعويض التأخير بمرافقة روحاني حتى باب سيارته.

العشرون دقيقة الأولى من اللقاء كانت بحضور مسؤولين من البلدين، ثم استمرت المحادثة بين الرئيسين بشكل خاص لمدة ساعة. في نهاية الجلسة، وبعد مناقشة الملف النووي، انتقل الحديث إلى سوريا.

روحاني يسأل بوتين:

– ماذا تنوي أن تفعل في سوريا؟

بوتين، بنبرة مترددة:

– هل تعتقد أنه من الممكن الإبقاء على الأسد؟

روحاني يجيب:

– نعم، يمكن ذلك، ولكن مع بعض الإصلاحات.

بوتين: كيف؟

روحاني: سوريا بلد طائفي، الانقسام الرئيسي حاصل بين العلويين والسنة، بينما الأكراد في مواجهة الحكومات المتشددة. التيارات السلفية الراديكالية، خصوصاً الإخوان المسلمين في سوريا (على عكس إخوان مصر)، متطرفة وتجد في العلويين ملاذاً كونهم علمانيين. العلويون يسيطرون على الجيش ويتعاملون مع المسيحيين بمرونة، وحزب البعث السوري هو أيضاً علماني ولا يتدخل في الحريات الاجتماعية. في هذه الظروف، الأسد هو الوحيد القادر على الحفاظ على وحدة سوريا، ولا يوجد بديل له. لقد حاولنا إيجاد بديل، وكذلك الفرنسيون والبريطانيون، وحتى أنتم الروس، لكن لم نجد بديلاً مناسباً.

بوتين يصرّ:

– من المستبعد أن يبقى الأسد.

روحاني يكرر:

– ومن البديل؟ الجيش لا يأخذ أوامره إلا من الأسد.

هنا قال بوتين شيئاً أكثر أهمية:

– ماذا لو تمت تصفية الأسد؟

روحاني:

– ستنهار سوريا، لذلك يجب حمايته.

بوتين:

– لا مشكلة لدي في تزويده بالسلاح.

روحاني:

– الدعم العسكري لا يكفي، يجب دعمه سياسياً أيضاً.

في النهاية، اتفق الرئيسان، بناءً على اقتراح بوتين، على تعيين ممثلين خاصين لكل منهما لمناقشة مستقبل الأسد والتخطيط له.

ولم يترك بوتين روحاني يذهب وحيدا بل رافقه حتى باب سيارته. كان يعرفه منذ أن كانا يشغلان منصبَي أمين مجلس الأمن القومي في بلديهما. وقبل أن يصعد روحاني إلى السيارة، همس بوتين في أذنه:

– لدي سفينة راسية في البحر الأبيض المتوسط وطائرة جاهزة في قواعدنا، بحيث يتمكن بشار الأسد من اللجوء إلى موسكو في حالة الطوارئ.

هذا التصريح فاجأ روحاني، إذ تساءل في داخله: هل بوتين قلق إلى هذا الحد من سقوط الأسد، لدرجة أنه يعد خطة هروب له؟ لكنه لم يظهر دهشته لبوتين، إذ لم يكن متأكداً مما إذا كان قلق الرئيس الروسي حقيقياً، أم أن لديه خطة للتخلي عن الأسد.

عند باب السيارة، همس روحاني في أذن بوتين:

– إنها خطة جيدة، لكن تأكد من أن لا يعلم الأسد بها. يجب أن يعتقد أنه محكوم عليه بالمقاومة ولا يوجد خيار آخر أمامه.

لكن بوتين طرح سؤالاً مهماً كشف عن شكوكه العميقة حول دعم الأسد، وربما تلميحاً إلى محادثاته مع الأمريكيين بشأن سوريا، حيث سأل روحاني:

– لماذا تكره الولايات المتحدة بشار الأسد إلى هذا الحد؟

روحاني أجاب:

– لأن واشنطن تريد شخصاً موالياً لها يحكم دمشق، والأسد لا يمكن الوثوق به من قبل الأمريكيين.

تمت مناقشة تصريحات بوتين في الاجتماع لاحقًا على أعلى المستويات في طهران، حيث رجّحت أقوى التحليلات احتمال وجود تفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن رحيل الأسد. استنادًا إلى ذلك، بدأت إيران في صياغة استراتيجية تضمن عدم اضطرارها إلى تقديم تنازلات جوهرية في الملف السوري.

وكان روحاني يعتقد أن الأزمة السورية يجب أن تخضع لجدول زمني، وكان يرى أن عامين قد يكونان كافيين لتحقيق السلام والإصلاحات. لكن الأزمة السورية استمرت أكثر من عقد من الزمان.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى