لماذا اشتدّ ارتفاع سعر الدولار في إيران؟
منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، انخفض الريال الإيراني بنسبة 30% مقابل الدولار، لكن وتيرة ارتفاع سعر الدولار قد تسارعت في الأيام القليلة الماضية.

ميدل ايست نيوز: بعد ساعات من تصريحات المرشد الأعلى الإيراني حول معارضته للمفاوضات بين طهران وواشنطن، قفز سعر الدولار الأمريكي في سوق الصرف في إيران بأكثر من 6000 تومان، متجاوزًا حاجز 92,500 تومان.
ومنذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، انخفض الريال الإيراني بنسبة 30% مقابل الدولار، لكن وتيرة ارتفاع سعر الدولار قد تسارعت في الأيام القليلة الماضية.
ولا يزال من غير الواضح إلى أين سيستمر انخفاض قيمة الريال، لكن منظمة التخطيط والميزانية كانت قد توقعت حتى في عام 2021 أنه إذا لم يتم رفع العقوبات، فإن سعر الدولار سيصل إلى 110,000 تومان في عام 2025، وإلى 285,000 تومان في عام 2027.
وعندما أعدت منظمة التخطيط والميزانية التابعة لحكومة حسن روحاني هذا التقدير في أكتوبر 2021، كان سعر الدولار 28,000 تومان.
ومع مرور أربع سنوات، تظهر معطيات سوق الصرف أن هذا التقدير من قبل هذه الجهة الحكومية كان متفائلًا للغاية؛ إذ كان من المتوقع أن يصل سعر العملة إلى 70,000 تومان بنهاية هذا العام، لكن السعر قد تجاوز حاليًا 91,000 تومان.
وشهدت السوق الحرة للصرف في إيران قفزات مفاجئة في سعر العملة خلال الهجومين الصاروخيين للجمهورية الإسلامية الإيرانية على إسرائيل، وكذلك التكهنات حول أبعاد الرد الإسرائيلي على ذلك.
لكن ما يلفت النظر هو أنه مع مرور خطر الهجوم الإسرائيلي على البنية التحتية الاقتصادية والطاقة الإيرانية، انخفض سعر لصرف ليصبح أقل بكثير مما كان عليه، وبعد فترة بدأ الاتجاه التصاعدي يعود، وهو ما يظهر أن الحكومة عاجزة تمامًا عن تأمين العملة المطلوبة من قبل السوق، وأن التحكم في سوق العملة قد خرج فعليًا من يد الحكومة.
ويبدو أن الحكومة تواجه أزمة متزايدة في دخول العملة من صادرات السلع والنفط.
على سبيل المثال، لحل مشكلة التحويلات المالية الناتجة عن صادرات السلع غير النفطية، شجعت الحكومة منذ خريف العام الماضي التجار على استيراد الذهب بدلاً من العملة الأجنبية، وفي الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، ارتفعت واردات سبائك الذهب بنسبة 3.5 مرة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 81 طنًا، أي ما يعادل 6.3 مليار دولار.
أي أن التاجر الذي كان يسعى في الماضي لتسليم العملة الخاصة بصادراته، سواء عبر الحوالات، أو مركز تبادل العملات، أو تبادل العملة مباشرة مع المستوردين أو استيراد العملة مباشرة إلى البلاد، أصبح الآن يستورد الذهب بدلاً من ذلك.
لكن النقطة الأهم هي تراجع إيرادات إيران النفطية منذ خريف هذا العام، بالتزامن مع الهجوم الصاروخي الإيراني الثاني الواسع على إسرائيل، وبعده فرض العقوبات على 45 ناقلة نفطية متورطة في تهريب النفط الإيراني إلى الصين من قبل إدارة جو بايدن.
وخلال فترة الحكومة الحالية في عهد بايدن، زادت إيران صادراتها النفطية بشكل كبير، ولكن بعد فرض العقوبات على عشرات الناقلات التي تحمل النفط الإيراني في خريف هذا العام، شهدت تراجعًا في صادراتها.
وتشير إحصائيات شركات تتبع الناقلات النفطية إلى أن حجم الصادرات اليومية للنفط الإيراني تراجع من 1.9 مليون برميل في سبتمبر 2024 إلى حوالي 1.3 مليون برميل في الربع الأخير من نفس العام، وفي يناير من هذا العام كان الرقم أقل من 1.6 مليون برميل.
وأثر هذا الانخفاض الكبير في حجم صادرات النفط وزيادة تكاليف نقله في ظل العقوبات الأمريكية على عشرات الناقلات المرتبطة بإيران على الإيرادات الأجنبية للبلاد.
ولا يزال نصف حوالي 500 ناقلة نفطية كانت تعمل في تهريب النفط الإيراني خلال السنوات الماضية غير مُعاقَبة، وإذا قررت إدارة ترامب فرض عقوبات واسعة على هذه الناقلات المعروفة بـ “أسطول الأشباح” أو “أسطول الظل”، فإن طهران ستواجه مشاكل لوجستية كبيرة؛ خاصة وأن الصين قد منعت الشهر الماضي دخول الناقلات التي شملتها العقوبات إلى ميناء شاندونغ، أكبر محطة لاستقبال النفط الإيراني.
وفي 7 فبراير، أعلنت الولايات المتحدة في أول إجراء عقابي من حكومة دونالد ترامب الجديدة عن فرض عقوبات مالية على شبكة دولية متهمة بنقل النفط الإيراني إلى الصين، وشملت العقوبات ثلاث ناقلات نفط. ويشير هذا إلى أن حكومة ترامب بدأت بالفعل باتخاذ إجراءات صارمة ضد إيران.