بإغلاقه (USAID).. مئات المشاريع في العراق تواجه مقصلة ترامب

حالة من الترقب والقلق تعيشها منظمات محلية عراقية، وأخرى دولية مستفيدة من مشاريع تنموية في مختلف مناطق البلاد بعد إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية.

ميدل ايست نيوز: حالة من الترقب والقلق تعيشها منظمات محلية عراقية، وأخرى دولية مستفيدة من مشاريع تنموية في مختلف مناطق البلاد، بعد إعلان وزير الكفاءة الحكومية، في الولايات المتحدة، إيلون ماسك، إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية، ما يهدد بوقف عشرات المشاريع التي تمولها منظمات أمريكية في العراق.

وكان ماسك كتب على حسابه عبر منصة (إكس) التي يمتلكها: “نحن نغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، ما أثار غضبا واسعا وتظاهرات لدى الديمقراطيين خارج مبنى الوكالة.

وتركزت غالبية مشروعات الوكالة في العراق، على إعادة تأهيل برامج عودة النازحين، وتقديم مساعدات عينية للتخفيف من الفقر، ومعالجة مشكلات المياه، وقطاعات التعليم، والبنى التحتية، فضلًا عن دعم المشروعات الصغيرة وبرامج “ريادة الأعمال” بشراكات مع مصارف محلية.

وفي هذا السياق، يقول موظف في منظمة اليونيسف، رفض الكشف عن اسمه، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “حالة من الترقب والتساؤل تسود داخل المنظمات الدولية العاملة في العراق بشكل عام، في ظل الغموض الذي يحيط بمصير المشاريع الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حيث لم تصدر أي تعليمات واضحة بشأن آلية التعامل مع المشاريع القائمة أو إمكانية استكمالها”.

ويضيف، أن “فرق العمل في محافظات عدة باتت في حالة من عدم اليقين، فلا توجد توجيهات رسمية حول مستقبل هذه البرامج، ولا معلومات عن البدائل المطروحة، كما توجد مخاوف جدية حول مصير المستفيدين من هذه المشاريع، خاصة الفئات الهشة التي تعتمد على المشاريع”.

وتثار تساؤلات حول مستقبل عشرات المنظمات المحلية المدعومة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، خاصة وأن بعضها ينشط في مجال الدفاع عن الحريات العامة، وتعزيز حقوق الإنسان، ومع القرار الجديد، تزداد المخاوف بشأن قدرة هذه المنظمات على الاستمرار في تقديم خدماتها.

ومن المرتقب أن تقلب خطوة إغلاق الوكالة الأمريكية عقودا من السياسة الأمريكية التي وضعت المساعدات الإنسانية والتنموية في صلب الجهود الرامية إلى بناء التحالفات كما يرجح أن يضع القرار عشرات الدول، من بينها بلدان عربية، أمام مواجهة تحدي ضمان استقرارها واختبار قدرتها على الاستجابة للأزمات الإنسانية المتزايدة، كما سيزيد الضغط على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتغطية الفجوات الناتجة عن وقف هذا التمويل.

من جهتها، تؤكد عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، نيسان زاير، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “سياسة ترامب ماضية في جمع أكبر قدر ممكن من الأموال، لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وهذا ما سيُلقي بظلاله على المشاريع التي تتبناها وكالة التنمية، وبالتالي ستُصبح هذه المشاريع متلكئة”.

وتضيف، أن “من الأولى وضع خطة متكاملة لإغلاق الوكالة، بما يضمن إنهاء أعمالها وعدم البدء بمشاريع جديدة، بما لا يؤثر على المنخرطين في هذه الأعمال، الذين بنوا آمالا كبيرة، سواء على المشروعات أو المساعدات أو غيرها من مختلف النشاطات”.

وترى زاير، أن “جود المنظمات الدولية في العراق يسهم في تعزيز تصنيفه على المستوى الدولي، كما يخلق حالة إيجابية من التعاون والشراكة التي تنعكس على مختلف القطاعات، سواء في مجالات التنمية أو إعادة الإعمار، وبالتالي فإن الخسائر ليست مالية فقط، بل معنوية أيضًا”.

ونهاية العام الماضي، أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عن استثمار غير مسبوق بقيمة تصل إلى 20 مليون دولار يمتد لأربع سنوات، ويهدف لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في العراق، بالتعاون مع اليونيسف وبتوجيه من الحكومة العراقية، إذ كان من المقرر تنفيذ مشاريع نوعية في خمس محافظات تشمل ميسان، والديوانية، ونينوى، وبغداد، وأربيل، بهدف تعزيز البنية التحتية للمياه والصرف وتحسين جودة الخدمات المقدمة لما يقارب 2.5 مليون شخص، مع التركيز على الفئات الأكثر تضررًا واحتياجًا.

بدوره، يوضح الخبير الاقتصادي ضرغام محمد، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كان يمثل امتداداً للسياسة الأمريكية، حيث عملت كذراع خيري لتنفيذ البرامج التنموية حول العالم، ومع توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ينتمي إلى المدرسة الرأسمالية الكلاسيكية، فإن كل دولار يُصرف يخضع لحسابات دقيقة، في إطار سياسات تهدف إلى تقليص الإنفاق وزيادة الواردات من خلال الضغوط السياسية والعسكرية، حتى على الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة”.

ويضيف أن “إيقاف هذه البرامج يعني تعطيل ما يسمى بالذراع الخيري للخارجية الأمريكية، وهو ما سيؤدي إلى وقف عشرات المشاريع الخدمية والصحية والاستشارية حول العالم، وهو ما سيؤثر على العديد من الدول التي تعتمد على هذه المساعدات في قطاعات حيوية، وقد يفتح الباب أمام تحولات جديدة في خارطة النفوذ الدولي في مجال التنمية”.

ونشرت السيناتور الأمريكية جوني إيرنست، مطلع الأسبوع الحالي، قائمة بالمشاريع والبرامج التي تقول إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ساعدت في تمويلها على مر السنين، باعتباره “انفاقا مسرفا وخطيرا”، ومن بين البرامج دفع 20 مليون دولار لمنظمة محلية في العراق لإنشاء برنامج “شارع سمسم”.

وبرامج “أهلا سمسم”، عبارة عن ورش يتم تقديمها للشباب في محافظات عراقية عدة لصناعة المحتوى وتعزيز المهارات الفنية للشباب، وأقيمت هذه الورش بالفعل بالتعاون مع عدد من مديريات الشباب والرياضة والمؤسسات الحكومية في العراق.

في المقابل، ترى الناشطة الحقوقية البصرية، زينب الكرملي خلال حديثها لـ”العالم الجديد” أن “المنظمات الدولية قدمت العديد من المشاريع التنموية التي أسهمت في تعزيز البنية التحتية، ودعم الفئات الهشة، وتحقيق تقدم في مجالات الصحة، والتعليم وتمكين المرأة، إلا أن التعامل معها بهذا الشكل المفاجئ لا يعكس أي التزام بالمعايير المهنية، بل يترك أثراً سلبياً على المستفيدين من هذه البرامج”.

وتوضح أنه “في المقابل، شاب عمل العديد من هذه المنظمات حالات من التلاعب والفساد، حيث تم تنفيذ بعض المشاريع وفق معايير المحسوبية دون تحقيق الأثر المطلوب، ما يؤكد غياب الرقابة والشفافية في إدارة التمويلات الدولية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى