شباب العراق يتحمسون لاقتناء الكتب في أيام العطل
توفر أيام العطل في العراق فرصة لاقتناء الطلاب الكتب، وتعتبر في الوقت ذاته مكسباً للمكتبات وباعة الكتب.

ميدل ايست نيوز: لم تختلف عطلة نصف السنة الدراسية التي انقضت في العراق عن مثيلاتها السابقات، وشهدت زيادة في عدد الشباب من كلا الجنسين الذين بحثوا عن كتب تتناسب مع اهتماماتهم وأحلامهم.
توفر أيام العطل في العراق فرصة لاقتناء الطلاب الكتب، وتعتبر في الوقت ذاته مكسباً للمكتبات وباعة الكتب. وكانت فترة عطلة نصف السنة الدراسية التي امتدت 14 يوماً وانتهت في الخامس من فبراير/ شباط الجاري واحدة من أهم هذه المناسبات، فالوقت طويل نسبياً بما يكفي لاقتناء وقراءة الكتب بالنسبة إلى الطلاب، وهو أيضاً مناسب لبيع العاملين في هذا القطاع أعلى عدد من الكتب.
وكان لكتب الرواية والقصص القصيرة المحلية والعربية والأجنبية المترجمة الحصة الكبرى في المبيعات، وفق ما يؤكد الباعة، وأحدهم خضر عباس الذي يقول لـ”العربي الجديد”: “عاد الفضل في ارتفاع المبيعات إلى الشباب والمراهقين إذ كانوا الفئة الأكثر إقبالاً على شراء الكتب خلال هذه الفترة. نعرف جيداً أوقات حركة سوق الكتب، لذا نوفر العناوين والكميات التي تتناسب مع اهتمامات القراء وفق أعمارهم وتوجهاتهم وأفكارهم. يتابع: “يفضل شبان كثيرون روايات المغامرات وقصص الحب التي تلامس مشاعرهم، بينما ينجذب آخرون إلى كتب تطوير الذات والهوايات، مثل الرسم والكتابة، أما مذكرات يحيى السنوار بعنوان “الشوك والقرنفل” فكانت الأولى في مبيعات الكتب السياسية بين الشبان والكبار معاً.
ويقول البائع أحمد شهاب لـ”العربي الجديد”: “تختلف أحياناً نوعية الكتب التي تشتريها الفتيات مقارنة بالشبان، فهن يملن في العادة إلى الروايات الرومانسية ودواوين الشعر، بينما يرغب الشبان في قراءة كتب المغامرات أو قصص النجاح وتطوير المهارات”. وعموماً تلقى كتب الشعر الحديث والروايات المترجمة وما يتعلق بالتدبير المنزلي والمطبخ إقبالاً أكبر من الفتيات، في حين يبحث الشبان أكثر عن الكتب التي تتعلق بكيفية تحسين المهارات وتطوير القدرات وما يتعلق بالتصميم والفنون”.
ويؤكد جميع باعة الكتب وأصحاب المكتبات أن العطلات، ومن بينها خلال نصف السنة الدراسية، تمثل “موسم ربح لديهم. ورغم أنه لا يوجد إحصاء لمبيعات الكتب لكنهم يعتمدون مقاييس خاصة بحركة السوق والعرض والطلب”.
ويقول وليد العلكاوي، وهو صاحب مكتبة، لـ”العربي الجديد”: “تكشف الكتب التي تباع في هذه الفترة اهتمامات واسعة للشباب والمراهقين، وتعبّر إلى حدّ كبير عن أحلامهم وهواياتهم. وهذه المناسبات توفر فرصة لتحقيق مبيعات أعلى بالنسبة لنا لذا نوفر بحسب تخصصاتنا المزيد من العناوين سواء الحديثة أو القديمة”.
ويلفت العلكاوي إلى أن فتيات والشبان بأعمار دون 18 عاماً يقبلون على شراء الكتب رغم إمكانية حصولهم على أكثرها مجاناً من طريق الإنترنت. وهم يقولون إن الكتاب له خصوصية، وهذا أمر مفرح حقاً لأنه يؤكد أن النسخ الإلكترونية لن تقضي على الكتاب الورقي”.
ومن بين أهم الدوافع التي تشجع الشباب على المطالعة تحقيق أحلام المستقبل عبر تنمية مهاراتهم كي يصبحوا ناجحين في تخصصات مختلفة. وتتحدث ربر عبد الرحيم (17 عاماً)، وهي طالبة في المرحلة الأخيرة من الدراسة الثانوية، لـ”العربي الجديد”، عن أن شغفها كبير بالمطالعة لذا تستغل العطلات المدرسية للتجوّل بين المكتبات والبحث عن كتب جديدة تساهم في إثراء معارفها. وتقول: “أحب تمضية جزء كبير من أوقات العطل في زيارة المكتبات. أبحث دائماً عن كتب جديدة باللغتين العربية والإنكليزية، خصوصاً تلك التي تتناول فنون الديكور والأزياء وثقافات الشعوب. المطالعة بالنسبة لي ليست مجرد هواية بل طريقة لاكتشاف العالم وتطوير نفسي”.
وتريد ربى أن تتخصص في هندسة الديكور في المستقبل، وترى أن القراءة إحدى أهم الوسائل التي ستساعدها في تحقيق ذلك. وتقول: “أبحث دائماً عن كتب تساعدني في التعرف إلى تاريخ التصميم وأساليبه المختلفة، وأخرى عن ثقافات الشعوب التي تلهمني أفكاراً جديدة في عالم الديكور”.
بدوره يسعى ميثم العبودي (16 عاماً) إلى تطوير قدراته، إذ يحلم بالتخصص في الموسيقى في المستقبل، ويوضح لـ”العربي الجديد” أنه يدرس الموسيقى واشترى خلال عطلة نصف السنة تسعة كتب تتعلق بموسيقى والتراث الخاص بشعوب مختلفة. ويقول لـ”العربي الجديد”: “أعزف على عدد من الآلات الوترية، وتعزز المطالعة ثقتي بنفسي وتمنحني رؤية أوسع. كل كتاب أقرأه يُضيف شيئاً جديداً إلى شخصيتي ويفتح أمامي آفاقاً جديدة. أشعر بأنني أمتلك معلومات وثقافات أوسع مع الاستمرار بالمطالعة ما يساعدني في تنمية مهاراتي الموسيقية، فالموسيقى أيضاً لها ارتباط بالثقافة والوعي وكلما زادت ثقافتي الموسيقية كلما زاد إبداعي”.
وتستمر كتب الروايات الرومانسية والبوليسية في السيطرة على مبيعات الكتب بحسب ما يشير باعة كتب كثيرون يتفقون على أن هذا النوع من الروايات هو بوابة دخول المراهقين عالم الكتب. ويؤكد عدد كبير من المراهقين الذين بدأوا حديثاً في التعرف إلى عالم المكتبات المبهر هذا الأمر، وأحدهم مهند مقداد (15 عاماً) الذي يخبر “العربي الجديد” إنها المرة الأولى التي يقتني فيها كتب.
ويوضح أنه رافق أصدقاءه خلال عطلة نصف السنة إلى مكتبات شارع المتنبي، واجتذبته عناوين روايات رومانسية فاشترى روايتين عراقيتين. ويقول: “أشعر بتغيّر نفسي كبير. لم أعرف أن المطالعة لها مثل هذا السحر. اقتنى رفاقي أيضاً روايات رومانسية وبوليسية، واتفقنا أن نواصل اقتناء الكتب في أيام العطل”.