من الصحافة الإيرانية: هل تتكرر تجربة إيران مع ولاية ترامب الأولى مجددا؟

حتى لو استمرت الحرب الروسية الأوكرانية، فمن المرجح أن تتجه الصين نحو شراء النفط الروسي الخاضع للعقوبات، إذ لا يبدو أن الولايات المتحدة في عهد ترامب ستفرض على روسيا نفس القيود الصارمة التي تفرضها على إيران في هذا المجال.

ميدل ايست نيوز: بحسب المعلومات المنشورة من قبل مؤسسة كبلر، انخفضت واردات الصين من النفط الإيراني في شهر يناير المنصرم بمقدار 550 ألف برميل مقارنة بشهر ديسمبر من عام 2024. ورغم أن تراجع مشتريات الصين من النفط الإيراني في الشهر الأول من العام الميلادي أصبح ظاهرة متكررة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن هذا التراجع قد يكون مرتبطًا ببدء فترة رئاسية جديدة لدونالد ترامب والسياسات المحتملة التي قد يتبناها تجاه إيران.

فيما يتعلق بسياسة الضغط الأقصى التي تنتهجها الولايات المتحدة، وموقف الصين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لدينا تجربة تاريخية واحدة على الأقل، وهي فترة رئاسة ترامب الأولى. فعندما بدأ ترامب سياسة الضغط الأقصى، لم تكتفِ الشركات الصينية بالانسحاب من إيران، بل خفضت الصين بشكل كبير وارداتها من النفط الإيراني إلى 100 ألف برميل يوميًا.

استنادًا إلى تلك التجربة، التي ليست قديمة جدًا بل تعود إلى بضع سنوات فقط، يمكن القول إنه إذا هددت الولايات المتحدة الصين بفرض عقوبات أو دخلت معها في مفاوضات وعرضت عليها امتيازات مقابل التوقف عن شراء النفط الإيراني، فمن المرجح أن تنجح في تحقيق ذلك.

أحد المؤشرات التي تؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال قوة رئيسية في النظام الدولي هو أنها خلال السنوات الأربع الماضية، ورغم أن هناك أربع دول كبرى أخرى كانت أطرافًا في الاتفاق النووي، استطاعت واشنطن بمفردها اتخاذ إجراءات حالت دون تمكّن أي من تلك الدول من إقامة تعاون اقتصادي مع إيران. لفترة من الزمن، كان لدى الحزب الديمقراطي رؤية مفادها أن الولايات المتحدة تكون أكثر نجاحًا عالميًا عندما تتعاون مع حلفائها وتطبق العقوبات بشكل متعدد الأطراف.

إلا أن إدارة ترامب لم تقبل بهذا الطرح، واعتبرت أن السعي لتحقيق توافق دولي يستغرق وقتًا طويلًا، بينما تمتلك الولايات المتحدة من القوة ما يكفي لفرض سياساتها على الآخرين بشكل أحادي ومن موقع القوة. في ولايته الأولى، اتبع ترامب هذا النهج وفرض سياسته العقابية ضد إيران على أوروبا وروسيا والصين، مما دفع هذه الدول للامتثال التام للعقوبات الأمريكية ضد طهران. يبدو أن هذا المسار سيتكرر خلال الفترة الرئاسية الجديدة.

يجب أن ندرك أن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والصين يتجاوز 500 مليار دولار، ومن دون شك، فإن بكين ستفضل السوق الأمريكية وأسواق الدول الغربية وحلفاء واشنطن على السوق الإيرانية الصغيرة والمحدودة. وبالتالي، إذا وجدت الصين نفسها أمام خيار اقتصادي، فمن المؤكد أنها ستختار الأسواق الأمريكية وحلفاءها، حيث لا ترغب في خسارة هذه الأسواق الاستراتيجية.

في الوقت نفسه، من المرجح أنه خلال المفاوضات التجارية المقبلة بين الولايات المتحدة والصين، ستطرح واشنطن مطلبًا بأن تقلص بكين وارداتها النفطية من إيران، وربما تصل إلى الصفر، بالإضافة إلى تقييد علاقاتها التجارية مع طهران.

من المحتمل أن تطالب الصين بمقابل لهذه الخطوة، مما قد يؤدي إلى التوصل إلى اتفاق بين الطرفين. لذا، ينبغي الانتباه إلى أن الأمر لا يقتصر على الاعتبارات السياسية، أي موقع الولايات المتحدة وقدرتها على فرض العقوبات، بل هناك أيضًا اعتبارات اقتصادية تدفع الصين للحفاظ على أسواقها العالمية وعدم المخاطرة بها، مما يجعلها أكثر ميلًا للامتثال للعقوبات المفروضة على إيران. حتى لو استمرت الحرب الروسية الأوكرانية، فمن المرجح أن تتجه الصين نحو شراء النفط الروسي الخاضع للعقوبات، إذ لا يبدو أن الولايات المتحدة في عهد ترامب ستفرض على روسيا نفس القيود الصارمة التي تفرضها على إيران في هذا المجال.

طهمورث غلامي
خبير في الشؤون الأميركية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى