من الصحافة الإيرانية: إيران وروسيا والتحول إلى مركز للطاقة
على مدار العام الماضي، كانت هناك مفاوضات مكثفة ومعقدة بين إيران وروسيا لبناء خط أنابيب غاز مشترك بين الجانبين.

ميدل ايست نيوز: على مدار العام الماضي، كانت هناك مفاوضات مكثفة ومعقدة بين إيران وروسيا لبناء خط أنابيب غاز مشترك بين الجانبين.
وتعتزم روسيا نقل جزء من غازها عبر الأراضي الإيرانية إلى السواحل الجنوبية لإيران ومن ثم تصديره إلى الأسواق العالمية.
وبموجب الاتفاقات بين إيران وروسيا، ستقوم إيران أيضًا بشراء جزء من الغاز الذي تحتاجه من روسيا، مما سيساعد في حل جزء من مشكلة نقص الغاز في البلاد، وفقًا للمسؤولين الإيرانيين.
ويعد بناء هذا الخط مهمًا جدًا لكل من إيران وروسيا ويمكن أن يعزز الترابط الاقتصادي بين البلدين كما يقوي مكانة إيران كداعم للطاقة في المنطقة. من الواضح أنه كلما ازداد الترابط الاقتصادي بين البلدان، كلما زادت التبعية المتبادلة، مما يعزز الاستفادة من هذه العلاقات.
أهمية خط أنابيب الغاز بالنسبة لروسيا
بعد قطع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا واندلاع الحرب في أوكرانيا، فقدت روسيا جزءًا كبيرًا من سوق الغاز الخاص بها. وكان هذا السوق أداة هامة لروسيا في التفاوض والضغط على الغرب وكان له مصالح اقتصادية كبيرة لموسكو، خاصة في تصدير الغاز إلى ألمانيا، حيث كانت روسيا قد أنشأت خط نورد ستريم للغاز وكانت على وشك بناء خط نورد ستريم 2 قبل أن تبدأ الحرب في أوكرانيا وتتوقف المشاريع.
تدهورت العلاقات الروسية مع أوروبا لدرجة أن خط نورد ستريم 2 خرج عن الخدمة تماما تدميره بالكامل، وفي حين أن الغرب وأوكرانيا يزعمون أن تدميره كان جزءًا من الحرب وتبعاتها، يعتقد العديد من الخبراء أن الولايات المتحدة كانت وراء هذا التدمير لتتمكن من استبدال الغاز الروسي بصادراتها إلى القارة الأوروبية.
منذ ما يقرب من عقد من الزمان، أصبحت الولايات المتحدة واحدة من أكبر منتجي الغاز في العالم وتهدف إلى أن تبرز عالميًا وتحصل على أسواق لمنتجها. تعتبر أوروبا اليوم أكبر مستهلك للغاز في العالم، وبعد الحرب في أوكرانيا اضطرت إلى تلبية احتياجاتها من الغاز رغم التكلفة العالية جدًا مقارنة بالولايات المتحدة. في الوقت الحالي، تعتبر الولايات المتحدة أكبر مزود للغاز في أوروبا.
وقد دفع هذا الوضع روسيا للبحث عن أسواق بديلة لأوروبا لتصدير غازها. الصين والهند أيضا هما أكبر مستهلكين للغاز في العالم، وقد ركزت روسيا على التوسع في أسواق هذين البلدين. تُعد روسيا اليوم أكبر مزود للغاز للصين. ورغم أن هناك خط أنابيب غاز كبير ينقل الغاز الروسي إلى الصين، إلا أن موسكو لا تريد أن تقتصر على ذلك وتسعى لتنويع طرق نقل منتجاتها. إيران هي إحدى الخيارات الرئيسية لروسيا لنقل الغاز، حيث أنها قريبة من الهند ويمكنها تلبية جزء من احتياجات الصين أيضًا.
إضافة إلى ذلك، تسعى روسيا إلى ربط مصالحها الاقتصادية بشكل مادي مع دول الخليج، خاصة الإمارات العربية المتحدة، البحرين، قطر والسعودية. فمن خلال هذا التعاون، تعتقد روسيا أنه يمكنها تشكيل مجموعة اقتصادية غازية كبيرة لموازنة القوى مع المنافسين، وخاصة الولايات المتحدة.
وفي ضوء ما سلف، يمكننا أن نقول إن خط أنابيب الغاز بين إيران وروسيا هو في الحقيقة بديل عن نورد ستريم وقد يساهم في تحويل إيران إلى مركز طاقة في المنطقة.
أهمية خط أنابيب الغاز بالنسبة لإيران
من الناحية الجيوسياسية، يعد اتصال خطوط الغاز بين إيران وروسيا ووصولها إلى السواحل الجنوبية لإيران ذا أهمية بالغة لإيران ويمكن أن يعزز مكانتها الاقتصادية والإقليمية بشكل كبير.
إيران هي منتج رئيسي للغاز في العالم، لكن بسبب العقوبات الغربية، خاصة من الولايات المتحدة، تأخرت في تلبية احتياجاتها من الغاز وأصبحت بحاجة ماسة إلى الاستثمار والاهتمام. لكن يمكن لبناء خط أنابيب الغاز بين إيران وروسيا أن يحل جزءًا كبيرًا من احتياجات إيران للطاقة ويساعد في تعزيز مكانتها الإقليمية.
إيران هي أيضًا مصدر للغاز إلى جيرانها مثل العراق وتركيا، ولديها عقود هامة مع عمان وباكستان لنقل الغاز. مع وصول الغاز الروسي إلى إيران، يمكن لإيران زيادة صادراتها إلى جيرانها وكذلك فتح أسواق جديدة.
الربط الغازي بين إيران وروسيا، الذي كان قائمًا قبل اندلاع الثورة ويجب توسيعه بشكل كبير الآن، يمكن أن يجلب منافع ضخمة لإيران يجب عدم تجاهلها. ففي وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط شديدة من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، فضلا عن الرغبة الغربية في عزل إيران وإبعادها عن الممرات العالمية، يجب الاستفادة من هذه الفرص وعدم السماح بفرض هذا العزل على إيران.
علي موسوي خلخالي
صحفي إيراني