كيف تتعامل حكومة اليمين في ألمانيا مع إيران؟

شهدت ألمانيا تغييرًا كبيرًا في مواقفها تجاه إيران بعد سنوات من السياسة الحذرة. كان منها إنشاء لجنة لتقصي الحقائق حول إيران من قبل مجلس حقوق الإنسان.

ميدل ايست نيوز: فاز التحالف المسيحي المحافظ، بزعامة فريدريش ميرتس، في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد في ألمانيا، متقدما على حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف الذي حقق أفضل نتيجة له في تاريخه، وذلك وفقا لاستطلاعي رأي أجراهما تلفزيونان عامان.

ويتكون التحالف المسيحي المحافظ من حزبين: الحزب المسيحي الديمقراطي، بزعامة فريدريش ميرتس وهو الحزب الأكبر، وشقيقه الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، بزعامة ماركوس زودر.

وكشفت التقديرات الأولية غير الرسمية أن حزب “البديل” اليميني الشعبوي حل في المركز الثاني، متقدما على الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر.

مرشّح هذا الاتحاد هو فريدريش مرتس من حزب الديمقراطي المسيحي، وهو الشخصية الأبرز في هذا التكتل، وقد أكّد في السنوات الأخيرة على تبنّي نهج أكثر صرامة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وشهدت ألمانيا تغييرًا كبيرًا في مواقفها تجاه إيران بعد سنوات من السياسة الحذرة. كان منها إنشاء لجنة لتقصي الحقائق حول إيران من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من مبادرات أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية في الحكومة الائتلافية.

كما كانت ألمانيا من أوائل الدول التي دعمت إدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية، لكنها تراجعت لاحقًا عن هذا الموقف بحجة أن تنفيذه ليس بالأمر السهل، وأن متطلباته لم تكتمل بعد.

ويرى يورغن هاردت، المتحدث باسم السياسة الخارجية لاتحاد الأحزاب المحافظة في ألمانيا (الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي)، أن على الحكومة الألمانية أن تحسم موقفها تجاه إيران.

وفي حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قال: لقد قدّمنا منذ أكثر من عامين مجموعة من المطالب للحكومة والبرلمان، تضمنت نحو 20 إجراءً مهمًا، لكن الحكومة الائتلافية رفضتها.

وأضاف: إحدى أهم هذه المطالب كانت إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية، ولا يزال ذلك مطلبًا أساسيًا، إذ إن هذه الخطوة ستسمح بمتابعة ومواجهة أنشطة المنظمات المرتبطة بالحرس الثوري في أوروبا بشكل أكثر فاعلية.

تغيّر نهج ألمانيا وأوروبا

يبدو أن ما دفع بعض الدول الأوروبية، وكذلك معظم الكتل البرلمانية في ألمانيا، إلى تبنّي سياسة أكثر تشددًا تجاه إيران، هو الاتهامات الموجهة لها بتقديم دعم عسكري لروسيا في حرب أوكرانيا، ووقوفها إلى جانب حركة حماس بعد هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، بالإضافة إلى الهجمات الصاروخية والدرونية الواسعة التي شنّتها طهران على الأراضي الإسرائيلية.

وشكّل هذا التطور نقطة تحوّل في تشديد الضغط على إيران، بما في ذلك إعادة طرح مسألة إدراج الحرس الثوري في قائمة العقوبات الأوروبية بجدية أكبر.

لكن من الواضح أن تنفيذ هذا الإجراء لن يكون سهلًا على الحكومة الألمانية المقبلة، بغض النظر عن تركيبتها، نظرًا لعدة اعتبارات، من بينها تصاعد التهديدات الإقليمية والدولية من قبل إيران، والتي، رغم إضعاف بعض وكلائها، لا تزال مصدر قلق للأوروبيين.

كما يُخشى أن يؤدي تصعيد الضغوط على إيران إلى تسريع تطوير برنامجها النووي، في ظل عدم وجود توافق كامل بين دول الاتحاد الأوروبي حول هذه السياسة بعد.

وحول كيفية تنفيذ هذه السياسة رغم العقبات، قال هاردت: أعتقد أن الحكومة المقبلة ستكون نشطة للغاية في تأمين أغلبية داخل لجان الاتحاد الأوروبي لدعم هذا الإجراء. إيران تتابع هذا الموضوع بحساسية شديدة وترد عليه، ولهذا فإن هذه الخطوة ستكون فعّالة للغاية.

حكم محكمة دوسلدورف

وترتبط تصريحات يورغن هاردت بجولة جديدة من المواجهات بين الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ففي يونيو 2024، استندت عدة دول أوروبية، من بينها ألمانيا، إلى حكم محكمة في مدينة دوسلدورف، والذي أظهر أن جهة حكومية إيرانية مسؤولة عن إشعال حريق في معبد يهودي بمدينة بوخوم، معتبرة أن هذا الحكم يوفر أساسًا قانونيًا لإدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية.

وفي هذا السياق، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية الرسمية أن الدائرة القانونية للاتحاد الأوروبي أكّدت أن حكم محكمة دوسلدورف يمكن أن يكون كافيًا لهذا الإجراء.

وفي الصيف الماضي، أصدرت وزارة الداخلية الألمانية قرارًا بإغلاق المركز الإسلامي في هامبورغ، واصفةً إياه بأنه “مركز للتجسس ودعم حزب الله”، الذي يُصنّف في ألمانيا كجماعة إرهابية.

وعاد النواب الألمان مجددًا للمطالبة من الحكومة بإدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية.

سياسة الضغط الأقصى

يرى المتحدث باسم السياسة الخارجية لاتحاد الأحزاب المحافظة في ألمانيا أنه لا يمكن حتى الآن تقديم تقييم دقيق بشأن “سياسة الضغط الأقصى” تجاه إيران، لأن “التجارب الأخيرة أظهرت أن سياسات ترامب قد تتغير تمامًا خلال يومين فقط.”

بحسب يورغن هاردت، فإن ترامب، خلال فترة رئاسته، سيكون تحت ضغوط من بنيامين نتنياهو وقوى سياسية أخرى في إسرائيل تسعى لدفعه نحو تصعيد الضغوط على إيران.

ويضيف: نحن الآن أمام إيران في وضع قد يؤدي فيه تصعيد الضغوط بشكل حاد إلى تغيير كبير في أوضاعها. على أي حال، الخطر الأكبر هو أن تتمكن إيران خلال الـ12 إلى 18 شهرًا القادمة من تصنيع قنبلة نووية، ويجب منع ذلك بأي وسيلة. لذلك، فإن زيادة الضغط ربما يكون الرد الأفضل على إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى