الضغط الأقصى تضع العراق وإيران على مفترق طرق.. كيف ستتأثر علاقات البلدين في ولاية ترامب الثانية؟
عندما یتم الحديث عن مصطلح "سياسة الضغط الأقصى"، يصبح العراق أحد الوجهات الرئيسية لتطبيق هذه السياسة المناهضة لإيران من وجهة نظر الزعيم الجديد للبيت الأبيض.

ميدل ايست نيوز: عندما یتم الحديث عن مصطلح “سياسة الضغط الأقصى”، يصبح العراق أحد الوجهات الرئيسية لتطبيق هذه السياسة المناهضة لإيران من وجهة نظر الزعيم الجديد للبيت الأبيض. فكيف ستكون العلاقات بين طهران وبغداد في ظل ولاية ترامب الثانية؟
وقالت وكالة إرنا الحكومية، إن تهديد إدارة دونالد ترامب الأخير للعراق وجّه مرة أخرى الأنظار نحو العلاقة المتقلبة المحتملة بين العراق وإيران في المستقبل.
وبالأمس، أفادت وكالة “رويترز” البريطانية في تقرير لها أن إدارة ترامب طلبت من العراق استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان بسرعة، وإلا فسيواجه عقوبات مشتركة مع إيران. ووفقًا لهذا التقرير، تعتقد واشنطن أن بيع نفط كردستان يمكن أن يساعد في تقليل أسعار النفط الخام ويعوض تراجع العرض من إيران.
ويمر العراق بأيام حساسة نتيجة التطورات الجديدة في المنطقة، التي قد تضيق الخناق على بغداد، مما يضع حكومة محمد شياع السوداني في مأزق اتخاذ قرارات صعبة.
أزمة قادمة
عقب الأحداث في سوريا، تعرضت بغداد لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة لحل الفصائل العراقية أو على الأقل دمجها في القوات المسلحة العراقية. لتواجه حكومة السوداني تهديدًا بأنه إذا لم تستجب لهذه المطالب، فقد تواجه عراقًا غير مستقر، حيث يمكن أن يكون خطر عودة “داعش” أحد الخيارات الجدية المطروحة.
وتكتسب حساسية الوضع الحالي أهمية أكبر حيث أن حكومة العراق تحت قيادة السوداني كانت تهدف إلى إقامة سياسة توازن بين القوى الأجنبية المؤثرة في العراق لتعزيز مكانة البلاد دوليًا وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. إذ تعد زيارة رئيس وزراء العراق إلى المملكة المتحدة وتوقيع مذكرة تفاهم استراتيجية مع لندن جزءًا من هذه الاستراتيجية.
في الشهر الماضي، نقلت بعض المصادر الإعلامية في المنطقة عن مصادر سياسية قولها إن دونالد ترامب طلب من محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، أن يحد من تأثير الجماعات المدعومة من إيران في بلاده. وفقًا لهذه الادعاءات، أرسل ترامب هذه الرسالة إلى السوداني عبر مبعوث خاص، محذرًا من أنه يجب على العراق منع انتشار الأسلحة في يد الجماعات غير الحكومية.
وعززت أحداث سوريا عزيمة الأطراف الأمريكية-الإسرائيلية في مشروع تقويض أو إزالة المقاومة. وبناءً عليه، يجب النظر إلى وضع العراق في سياق تسعى فيه واشنطن وتل أبيب عبر بغداد إلى إعادة تعريف النظام الأمني الجديد في الشرق الأوسط.
وعلى وقع هذا، فإن الخطط التي أُعدت خلف الكواليس للعراق ستكون ذات صلة مباشرة بالأمن القومي الإيراني. لذلك، قام رئيس وزراء العراق بأول زيارة له في مطلع العام الجاري إلى طهران ليكون طرفًا في التشاور والمشاورات مع المسؤولين الإيرانيين.
عقبات ترامب
تهدف استراتيجية إدارة ترامب المستقبلية إلى إبقاء العراق بعيدًا عن إيران. يعتقد الخبراء أن الضغط على بغداد لخفض واردات الكهرباء والغاز من إيران من خلال إلغاء الإعفاءات من العقوبات وتأثير المعاملات التجارية البالغة 10 مليارات بين البلدين وتقييد الوصول إلى البنوك العراقية التي تتعامل مع إيران، ستكون من بين الإجراءات التي يتوقع أن تتبعها إدارة ترامب الثانية ضمن عودتها لسياسة الضغط الأقصى على إيران.
وقد صرح العراق مرارًا خلال تجربة التوتر المباشر بين إيران وأمريكا في ولاية ترامب الأولى بأن أرضه يجب ألا تصبح نقطة تهديد لأي طرف، خصوصًا جيرانه مثل إيران.
لن يكون من السهل على بغداد أن تنزلق في طريق يجبرها على موازنة بين طهران وواشنطن. إذ إن بغداد من جهة تتمتع بعلاقات واسعة مع إيران وتشترك معها في العديد من المشاريع العسكرية والاقتصادية والتجارية والتقنية. وفي هذا السياق، تم توقيع اتفاقية شاملة للتعاون بين البلدين خلال زيارة مسعود بزشکیان، رئيس الجمهورية الإيرانية، إلى العراق.
ويمكن التحولات الإقليمية خلال فترة ولاية ترامب الثانية يمكن أن تؤثر بسرعة على الوضع الأمني في العراق. وفي مثل هذه الأوضاع، تبحث بغداد عن سيناريوها المثالي الذي يتضمن في البداية تقليل التوتر بين إيران وأمريكا، ومن ثم خلق بيئة للتفاوض بين طهران وواشنطن.
وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، مؤخرًا إلى أن التوتر بين واشنطن وطهران يؤثر على العراق وفقًا للواقعية السياسية، مؤكدًا أن العراق دائمًا على تواصل مع الجانب الإيراني، كما هو حريص على التفاوض مع الجانب الأمريكي أيضًا.