قراءة دبلوماسية: هل كانت هناك رسالة خفية في زيارة لافروف لطهران؟
ربما كان أحد أهداف تصريحات عراقجي هو توضيح الحقائق وإبعاد الرأي العام عن التوقعات غير الواقعية والتكهنات المبالغ فيها.

ميدل ايست نيوز: أعلن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، يوم أمس الأربعاء، على هامش اجتماع مجلس الوزراء وأثناء لقائه بالصحفيين، أن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران لم تتضمن أي رسائل دبلوماسية، أي “على عكس بعض التكهنات، لم يكن هناك أي رسالة في هذا اللقاء، ولم يكن من المفترض أن ينقل [لاوروف] أي رسالة.”
وأوضح عراقجي أن المحادثات مع الجانب الروسي كانت مفصلة للغاية، حيث تمت مناقشة جميع القضايا الإقليمية ومجموعة واسعة من القضايا الثنائية. وأضاف أن “لاوروف قدم تقريرًا مفصلًا حول مفاوضات روسيا مع الولايات المتحدة ومحادثاته مع الأطراف الأخرى في المنطقة.”
تحليل الدلالات الدبلوماسية لزيارة لافروف
وفي تحليل لهذه التصريحات، يرى جلال ناصري، في حديثه مع صحيفة شرق، أن مفهوم “عدم وجود رسالة” في عالم الدبلوماسية قد يعني في بعض الأحيان وجود “رسالة خفية”. ويشرح ذلك قائلًا: من المحتمل أن تكون إيران قد طلبت من روسيا التدخل كوسيط لتوفير انفراجة دبلوماسية ومنع تفاقم الأزمات، ولكن لأسباب سياسية واستراتيجية، لم يتم الإعلان عن ذلك رسميًا. خاصة أن العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة تمر بمرحلة ضغط متزايد، وقد ترغب إيران في تجنب أي خطوة علنية قد توحي بتغيير في سياساتها الخارجية أو تراجع عن مبادئها.
من منظور آخر، يشير المحلل السياسي المتخصص في شؤون أوراسيا إلى أن تصريحات عباس عراقجي كانت واضحة في نفي وجود أي رسائل خاصة خلال اللقاء، على عكس تكهنات بعض وسائل الإعلام والمحللين. ويوضح ذلك بقوله: هذا النفي مهم، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين توقعوا أن تحمل المحادثات بين البلدين رسائل دبلوماسية أو اقتصادية معينة. قد يكون الهدف من تصريحات وزير الخارجية هو تقليل التوقعات العامة والرد على الشائعات التي سبقت هذه الزيارة، مما يؤكد أن سياسات إيران تستند إلى تخطيط داخلي ولا تتأثر بالرسائل الخارجية أو مواقف الدول الأخرى.
وفي تحليله لتصريحات عراقجي، يضيف خبير الشؤون الخارجية: أشار عراقجي إلى أن الهدف الأساسي من اللقاء لم يكن نقل رسائل، بل إجراء محادثات ذات أهداف محددة بين البلدين. اللقاءات الدبلوماسية بين دول مثل إيران وروسيا عادة ما تركز على العلاقات الثنائية، القضايا الإقليمية والدولية، التعاون الاقتصادي، والمسائل الأمنية والعسكرية. حتى وإن لم يتم تبادل رسائل محددة خلال الاجتماع، فمن المرجح أن المحادثات استمرت لتعزيز العلاقات المشتركة وتنسيق المواقف تجاه القضايا العالمية والإقليمية.
ويتابع ناصري: ربما كان أحد أهداف تصريحات عراقجي هو توضيح الحقائق وإبعاد الرأي العام عن التوقعات غير الواقعية والتكهنات المبالغ فيها. ففي الدبلوماسية، غالبًا ما تُدار المعلومات بحذر ويتم التحكم في مستوى التوقعات لمنع أي أزمات دبلوماسية أو سياسية غير ضرورية.
ويختتم ناصري تحليله بالإشارة إلى أن “هذا النهج يعكس أيضًا سعي إيران للحفاظ على استقلالية قراراتها السياسية، ويؤكد أنها لا تنوي الخضوع للضغوط الخارجية أو التأثر بالدعاية الإعلامية.”