هل يقوم رافائيل غروسي بإعداد الأرضية لتفعيل آلية الزناد؟
إن استخدام آلية الزناد والترتيبات لحل النزاعات في إطار الاتفاق النووي يتطلب ذريعة، ومن الواضح أن ما نشهده في مجلس الحكام يتبع هذا الاتجاه.

ميدل ايست نيوز: قدم رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الأربعاء الماضي (26 فبراير 2025)، تقريره الفصلي الأحدث حول البرنامج النووي الإيراني إلى 35 عضوًا في مجلس الحكام، ليتم مناقشته واتخاذ قرار محتمل بشأنه خلال جلسة مجلس الحكام التي ستُعقد في الفترة من 3 إلى 7 مارس.
يتضمن هذا التقرير، الذي يُعتبر سريًا ويُسرب عادةً جزء منه من قبل بعض أعضاء الوكالة إلى وسائل الإعلام الغربية، أحدث تقييمات المدير العام حول تقدم البرنامج النووي الإيراني ويكرر بعض الادعاءات التي سبق وأن طرحها غروسي عدة مرات.
وذكر التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها فيينا أنه اعتبارًا من 8 فبراير، تمتلك إيران 274.8 كيلوغرامًا (605.8 رطلاً) من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60٪. وهذا يمثل زيادة قدرها 92.5 كيلوغرامًا (203.9 رطلاً) منذ آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر.
هذه المادة هي خطوة فنية قصيرة بعيدًا عن مستويات الأسلحة بنسبة 90٪.
وذكر تقرير في نوفمبر 2024 أن المخزون بلغ 182.3 كيلوغرامًا في حين 164.7 كيلوغرامًا في أغسطس الماضي.
وجاء في التقرير السري أن “الإنتاج المتزايد بشكل كبير وتراكم اليورانيوم عالي التخصيب من قبل إيران، الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مثل هذه المواد النووية، أمر مثير للقلق الشديد”.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن ما يقرب من 42 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ يكفي نظريًا لإنتاج قنبلة ذرية واحدة، إذا تم تخصيبه بنسبة 90٪.
كما قدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها ربع السنوي أنه اعتبارًا من 8 فبراير، بلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب 8294.4 كيلوغرامًا، وهو ما يمثل زيادة قدرها 1690.0 كيلوغرامًا منذ التقرير الأخير في نوفمبر.
وقال تقرير الأربعاء أيضًا إن إيران لم تعيد النظر في قرارها الصادر في سبتمبر 2023 بمنع بعض مفتشي الوكالة الأكثر خبرة من مراقبة برنامجها النووي.
وقال التقرير: “يأسف المدير العام بشدة لأن إيران، على الرغم من إبدائها استعدادها للنظر في قبول تعيين أربعة مفتشين إضافيين من ذوي الخبرة في الوكالة، لم تقبل تعييناتهم”.
بالإضافة إلى ذلك، يقول التقرير إنه “لم يتم إحراز أي تقدم نحو حل قضايا الضمانات المعلقة فيما يتعلق بفارامين وتورقوزاباد”، الموقعين في إيران حيث لدى الهيئة الرقابية النووية أسئلة حول أصل وموقع جزيئات اليورانيوم من صنع الإنسان الموجودة هناك.
وذكر التقرير أيضًا أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أجرى مناقشات هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بداية هذا العام، حيث “أكد استعداده للعمل مع إيران لاستئناف تنفيذ” الاتفاق الذي اتفقت عليه الوكالة وطهران قبل عامين.
وتضمن البيان المشترك تعهدًا من إيران بحل القضايا حول ورامين وتورقوز آباد حيث لدى المفتشين أسئلة حول نشاط نووي غير معلن محتمل، والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية “بتنفيذ المزيد من أنشطة التحقق والمراقبة المناسبة”.
نقاط حول تقرير رافائيل غروسي
اللافت في هذا التقرير وتقارير غروسي السابقة هو أن تاريخ التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يُعطَ الاهتمام الكافي من هذه الهيئة الفنية والدول الأوروبية، ولم يتم تسليط الضوء عليه في التقارير أو البيانات الرسمية. من جهة أخرى، يتم نقل العديد من المعلومات السلبية في كل من تقارير الضمانات والاتفاق النووي، مما يُعتبر خطوة غير احترافية.
وقال حسن بهشتي بور، محلل القضايا الدولية، في حديثه مع وكالة “إرنا” الحكومية حول تقييم الأجزاء المنشورة من التقرير الجديد لرافائيل غروسي، وفي رده على السؤال حول الاتجاه الذي تسلكه الجهة المشرفة على البرنامج النووي الإيراني والعلامات التي تشير إلى إعداد الأرضية لإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن: يجب أن ننتبه إلى أن ملف إيران لا يزال موجودًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. بمعنى آخر، بناءً على القرار 2231، تم وضع ترتيبات بحيث يُلزم الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير كل ستة أشهر حول تنفيذ الاتفاق النووي إلى مجلس الأمن.
وأضاف: هناك ترتيبات أخرى في هذا القرار التي نعرفها اختصارًا بـ “آلية الزناد”، وهي الترتيبات التنفيذية لعودة قرارات الفصل السابع في مجلس الأمن. لذا، إذا لم يستخدم الدول التي يمكنها استخدام آلية الزناد، بما في ذلك الترويكا الأوروبية التي حذرت مرارًا من تفعيلها، فسيتم إخراج ملف إيران من مجلس الأمن.
هل يمكن للقرارات وآلية مجلس الحكام أن تمهد لتفعيل آلية الزناد؟
وحول ما إذا كانت هذه القرارات ونهج مجلس الحكام قد تمهد لتفعيل آلية الزناد، قال: نعم، يجب أن نقول إن هذه القرارات تمهد لتبرير استخدام الترويكا الأوروبية لآلية الزناد. لأن إيران تنفذ جميع أنشطتها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإذا كانت قد قصرت في بعض التزاماتها، فكل هذه الأمور جاءت ردًا على عدم تنفيذ الطرف الآخر لالتزاماته، وخاصة انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق النووي في عام 2018. قبل ذلك، أكدت 15 تقريرًا للمدير العام للوكالة، رغم الضغوط الأمريكية، على التزام إيران. ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران تدريجيًا في تقليص التزاماتها النووية.
وأضاف: لذا، فإن استخدام آلية الزناد والترتيبات لحل النزاعات في إطار الاتفاق النووي يتطلب ذريعة، ومن الواضح أن ما نشهده في مجلس الحكام يتبع هذا الاتجاه. لهذا السبب، تعتبر هذه القرارات مهمة للغاية ويجب أخذها على محمل الجد.
وتابع: عودة القرارات السابقة لن تعيد فقط فرض العقوبات الأممية على بلادنا، بل ستُعطي أيضًا الشرعية للعقوبات الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي اعتمدت على هيمنتها المالية. كما أن العودة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ستطرح إيران مجددًا كـ’تهديد للسلام والأمن العالميين’، وهي حالة يمكن مقارنتها مع ظروف العقوبات الأمريكية الحالية.
ضرورة التحرك نحو المبادرات غير المطروحة
وفيما يتعلق بالتعقيدات التي قد تمنع إعادة تشكيل طاولة مفاوضات 1+5 بسبب الخلافات بين روسيا وأوروبا، وكذلك الظروف التي تجعل الحوار بين إيران وأمريكا صعبًا، سُئل بهشتي بور عن إمكانية التفكير في آلية لحل القضايا الفنية للملف النووي في إطار التفاوض مع الترويكا الأوروبية التي جرت جولة جديدة من محادثاتها في جنيف مؤخرًا، فأجاب: “يمكن أن تستمر مسارات المفاوضات مع الوكالة والترويكا الأوروبية في الوقت ذاته. في إطار المفاوضات مع الوكالة، تمكنا من إغلاق ملفين من أصل أربعة مواقع مدعى عليها، وهو إنجاز كبير. وأعتقد أنه يمكن إغلاق الموقعين الآخرين في المفاوضات المستقبلية مع الوكالة، رغم أن تقييم زملائنا في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية هو أننا قد أجبنا على جميع الأسئلة، لكن الوكالة لأسباب سياسية لا تجد الإجابات مقنعة.