من الصحافة الإيرانية: كيف تؤثر تصريحات فيدان على العلاقات بين إيران وتركيا؟

إن تصريحات فيدان الأخيرة لا يمكن اعتبارها تهديدًا ضد إيران، بل هي نوع من السياسة الاستباقية من أنقرة، ناتجة عن قلقها من إيران أو من خطة الأكراد السوريين لجذب دعم إيران.

ميدل ايست نيوز: وصف وزير الخارجي التركي هاكان فيدان في مقابلة مع قناة الجزيرة سياسة إيران الإقليمية بأنها خاطئة، مضيفا أنه قد يكون لهذه السياسة بعض الانتصارات المؤقتة، ولكنها ستؤدي إلى تكاليف كبيرة على المدى الطويل لكل من إيران والمنطقة.

وفي أعقاب تصريحات وزير الخارجية التركي بشأن “وصف سياسة إيران في سوريا بأنها خاطئة”، رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية على هذه التصريحات، مؤكدًا أن “نحن ثابتون في مواقفنا المبدئية ولا نغير مواقفنا كل يوم بين سياسة وأخرى”.

وفي رده على سؤال مقدم الجزيرة حول سياسة إيران في سوريا، وصف فيدان هذه السياسة بأنها خاطئة وقال: إذا كانت سياسة إيران في سوريا هكذا، فأنا لا أعتقد أنها سياسة صحيحة. إذا أردتم خلق الفوضى في بلد آخر بدعم جماعة معينة، فإن الدول الأخرى أيضًا يمكن أن تزعجكم بدعم بعض الجماعات”. وأضاف: الموارد والقدرات التي تمتلكونها (إيران) يمتلكها الآخرون أيضًا، وإذا كنتم لا تريدون أن يرمي أحدكم حجرًا على بيتكم الزجاجي، فلا ترموا الحجارة على بيوت الآخرين.

وجاءت تصريحات وزير الخارجية التركي بعد يوم من مطالبة عبدالله أوجلان، رئيس جماعة “حزب العمال الكردستاني” (PKK) المسلحة، نزع سلاح الجماعات الكردية وحل “PKK”، وهو ما لاقى ترحيبًا من المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الذي اعتبر هذا القرار خطوة هامة في اتجاه إيقاف العنف.

مقدمة تركيا أمام إيران

لكن لماذا أدلى وزير الخارجية التركي اليوم بهذه التصريحات ضد إيران؟ وهل هناك ارتباط بين نزع سلاح “PKK” وهذه التصريحات من فيدان؟

وفي هذا السياق، قال ولي كل‌ محمدي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تربيت مدرس والخبير في الشؤون التركية، لصحيفة “دنياي اقتصاد“: “هذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها تركيا هذا الموقف ضد إيران، فقد شهدنا بعد سقوط بشار الأسد عدة مرات مثل هذه المواقف من المسؤولين الأتراك ضد طهران.

وأشار هذا الأستاذ الجامعي إلى أن هذه التصريحات تتعلق أيضًا بالبعد الإقليمي والدولي، وترتبط بفترة ما بعد الأسد في سوريا والخطة التي تضعها تركيا للسيطرة على مناطق شرق الفرات، أي المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية السورية. وأضاف: في الواقع، يرى فيدان أن إيران تمتلك قدرات يمكنها من خلالها التفاعل مع الأكراد السوريين، وهذه التصريحات كانت رسالة لإيران بأن تركيا تراقب عن كثب أي تواصل بين إيران والأكراد السوريين.

التأثيرات المستقبلية على العلاقات بين طهران وأنقرة

واستكمل كل‌ محمدي قائلًا: هناك أيضًا اعتقاد بأن الأكراد السوريين، عاجلاً أو آجلاً، سيتجهون نحو إيران، لأنهم لا يشعرون بالكثير من الطمأنينة بشأن الدعم الأمريكي بقيادة دونالد ترامب، وهم بالتأكيد بحاجة إلى دولة ذات قدرات لوجستية وتجربة خاصة في المنطقة ويمكنها تعريف مصالح مشتركة مع الأكراد السوريين”. ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية أن هذه التصريحات كانت خطوة استباقية من تركيا بشأن الخطط المستقبلية التي تنوي تنفيذها في المنطقة، وخاصة في شمال سوريا وشمال العراق.

العقبات السورية لا تزال قائمة

وفيما يتعلق بتأثير هذه التحركات والمواقف على مستقبل العلاقات بين طهران وأنقرة، أوضح كل‌ محمدي: عندما سقط بشار الأسد في سوريا، اتضح للبعض أن أحد أكبر العقبات أمام تطوير العلاقات بين إيران وتركيا قد زال، لأنه في العقد الأخير كان أكبر عائق منهجي أمام تطور العلاقات بين البلدين هو قضية سوريا، وقد وصلت العلاقات بين إيران وتركيا إلى حافة التصادم.

وأضاف: كان يُتوقع أنه بعد هذه التطورات وتغير التوازن لصالح تركيا، سيتم توسيع نطاق العلاقات بين طهران وأنقرة، ولكن في الواقع لم يحدث ذلك، وبدلاً من دمشق، فإن ‘الحسكة والقامشلي’ في الأشهر القادمة ستتحول إلى موضوع جديد في العلاقات بين إيران وتركيا، وخاصة في شمال سوريا والسياسات التي يمكن أن تتبعها إيران في هذه المنطقة.

وفي الختام، أكد كل‌ محمدي أن تصريحات فيدان الأخيرة لا يمكن اعتبارها تهديدًا ضد إيران، بل هي نوع من السياسة الاستباقية من أنقرة، ناتجة عن قلقها من إيران أو من خطة الأكراد السوريين لجذب دعم إيران. وأضاف أن “تركيا، بالنظر إلى الإجراءات الأحادية التي تتخذها في مسألة الأكراد في المنطقة، يبدو أنها لن تحقق تقدمًا كبيرًا في هذا الشأن، وفي النهاية ستضطر إلى إدخال إيران في خططها وبرامجها.”

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى