إيران.. وكالة الأنباء الحكومية تعرض إيجابيات “اتفاق مؤقت” مع أوروبا حول الملف النووي
تشير المواقف الأخيرة للاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى محاولة لتحويل ملف إيران إلى عقدة مستعصية.

ميدل ايست نيوز: تشير المواقف الأخيرة للاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى محاولة لتحويل ملف إيران إلى عقدة مستعصية. وذلك خصوصًا بالنظر إلى أن فترة تنفيذ التزامات إيران وفقًا للاتفاق النووي والذي تمت المصادقة عليه بموجب القرار 2231 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 20 يوليو 2015، ستنتهي في أكتوبر 2025 أي بعد أقل من 8 أشهر.
الاتفاق المؤقت المحدود: بديل قابل للتحقيق للاتفاق النووي
في الفترة المتبقية حتى أكتوبر 2025، هناك عدة سيناريوهات محدودة أمام إيران والمجتمع الدولي، وأقربها هو التوصل إلى اتفاق مؤقت لتأجيل تفعيل آلية “سناب باك” (عودة العقوبات) وإعادة فرض قرارات مجلس الأمن ضد إيران.
يكتسب هذا السيناريو أهمية خاصة في ظل التطورات السياسية الأخيرة، بما في ذلك عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة وتشدد المواقف المتشددة في الغرب وإيران. يمكن أن تشمل عناصر هذا السيناريو وقف تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية (مثل 60%) وتقليصه إلى 20% أو حتى إلى مستوى قريب من 3.67% الذي حدده الاتفاق النووي، وتقليص مخزونات اليورانيوم المخصب عن طريق التصدير أو التخفيف تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
من جهة أخرى، قد تقوم أوروبا بتعليق عقوباتها الأحادية، بما في ذلك العقوبات على الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير وماهان) والعقوبات المتعلقة بالشحن البحري، مع التهديد باستخدام آلية “السناب باك” حتى التوصل إلى اتفاق أكثر شمولًا يوفر فرصة لعودة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
يمكن تصميم هذا الاتفاق لفترة قصيرة (من 6 أشهر إلى عام) لتوفير فرصة لتقييم النتائج والتفاوض على إحياء الاتفاق النووي أو استبداله. هذا السيناريو من شأنه أن يمنع تصعيد المواجهة العسكرية أو الدبلوماسية.
في الوقت نفسه، بينما يطرح بعض الخبراء خيار خروج إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) ردًا على تفعيل “السناب باك” من قبل الدول الأوروبية، فإن الاتفاق المؤقت يقلل من هذا الخطر. كما أنه من خلال الحفاظ على حد أدنى من التعاون، يمكن للقوى الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) وإيران خلق مساحة لوساطة من قبل لاعبين آخرين (مثل روسيا، الصين أو بعض دول الخليج).
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل تحديات هذا السيناريو الذي يبدو بسيطًا، حيث يجب أولاً ملاحظة أنه رغم إجراء 4 جولات من المحادثات بين إيران وثلاث دول أوروبية، التي كانت آخرها في 6 مارس في جنيف، وتأكيد كاظم غريب آبادي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، على الاتفاق بين الأطراف لاستمرار هذه العملية، إلا أن الأجواء المتجمدة التي لا تزال تسيطر على العلاقات بين طهران والقارة الأوروبية يمكن تقييمها بشكل جيد من خلال تصريحات المسؤول عن الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي.
تدهورت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وطهران منذ بداية النزاع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، وبعد أن نشر وزارة الدفاع الأوكرانية صورًا لقطع طائرات مسيرة إيرانية من طراز “شاهد 136″، وأثارت اتهامًا بتعاون إيران مع روسيا في الحرب. الجمهورية الإسلامية الإيرانية دائمًا ما تنفي أي مساعدة عسكرية لروسيا بهدف استخدامها في حرب أوكرانيا، كما أكدت على التعاون العسكري الطبيعي مع روسيا كحق بين البلدين.
مع استمرار الحرب في أوكرانيا، لا تزال مزاعم الاتحاد الأوروبي والقوى الأوروبية الثلاث بشأن الدعم العسكري الإيراني لروسيا قائمة، في الوقت الذي يمكن أن تضيف السياسة الجديدة للولايات المتحدة بتعليق المساعدات العسكرية إلى كييف نتيجة التوترات بين رؤساء البلدين في واشنطن، المزيد من الضغط على مواقف أوروبا المتشددة في دعم أوكرانيا والمواجهة مع روسيا، مما قد يؤدي إلى تأثيرات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
التحدي الثاني في التوصل إلى اتفاق مؤقت لتعليق موعد انتهاء القرار 2231 قد يكون التحدي المشترك والمتوازي بين إيران والاتحاد الأوروبي، حيث أن إصدار قرار، حتى ولو بشكل ضمني أو شكلي، في مجلس الأمن الدولي لتغيير القرار 2231، يتطلب موافقة الولايات المتحدة بعدم استخدام حق الفيتو.
من جهة أخرى، من المهم للغاية أن الرئيس الأمريكي قد أشار في جزء من مرسومه إلى موضوع إقناع الثلاثي الأوروبي لاستخدام آلية “السناب باك”، مما يمنح المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا أداة لضبط علاقاتهم مع أمريكا الترامبية، مما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لإيران.