فجوة كبيرة في دخل الفرد في إيران مقارنة بتركيا والسعودية

في عام 2023، بلغ دخل الفرد في إيران وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية 17,660 دولارًا، وهو ما يظهر الفجوة الكبيرة بين دخل الفرد في إيران وتركيا والسعودية.

ميدل ايست نيوز: تُظهر الدراسات أن دخل الفرد في تركيا وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية قد تضاعف بحوالي 4.5 مرات بين عامي 2003 و2023 ليصل إلى 42,217 دولارًا. في الواقع، تمكنت تركيا من تقليص الفجوة في دخل الفرد مقارنة بدول مثل السعودية من خلال إجراء إصلاحات اقتصادية هيكلية والانضمام إلى الاقتصاد العالمي، وذلك دون أن تمتلك إيرادات نفطية. ومع ذلك، لم تمنع عائدات السعودية المرتفعة من النفط (61,103 دولار في عام 2023 وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية) من الاعتماد على النفط فقط. فقد سعت السعودية، من خلال وضع وثيقة “رؤية 2030” في عام 2016 وتنفيذها، إلى تنويع اقتصادها. في حين بلغ دخل الفرد في إيران وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية في عام 2023 حوالي 17,660 دولارًا فقط.

وكتبت صحيفة دنياي اقتصاد، أن دخل الفرد وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية (PPP) هو مقياس يظهر مدى قدرة الأفراد في دولة ما على شراء السلع والخدمات المختلفة بناءً على دخلهم الحالي، مع الأخذ في الاعتبار تكاليف الحياة. لا يقيس هذا المقياس الناتج المحلي الإجمالي للفرد فقط، بل يأخذ أيضًا في الحسبان الفروق في الأسعار وتكاليف الحياة، مما يوفر صورة أكثر دقة عن القدرة الشرائية ومستوى الرفاهية الاقتصادية في دول مختلفة. في عام 2023، بلغ دخل الفرد في إيران وفقًا لهذا المقياس 17,660 دولارًا. وفي نفس العام، كان هذا المؤشر في السعودية وتركيا يعادل 3.5 و2.4 ضعف دخل الفرد في إيران، على التوالي.

الانتقال من الاقتصاد النفطي

وصل دخل الفرد في السعودية وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية إلى مستويات عالية في العقدين الأخيرين، وخاصة بين عامي 2003 و2023، وذلك بسبب التحولات العميقة والمتعددة في الهيكل الاقتصادي لهذا البلد. وفقًا لإحصاءات البنك الدولي، كان هذا المؤشر في عام 2003 يعادل 48,123 دولارًا، ثم ارتفع في عام 2013 إلى 60,919 دولارًا، وفي عام 2023 وصل إلى 61,103 دولارًا. كان اقتصاد السعودية في العقود الماضية يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.

وأدى ارتفاع عائدات النفط في هذا البلد، إلى جانب انخفاض عدد السكان مقارنة بدول مثل إيران وتركيا، إلى تحقيق دخل فردي مرتفع. وعلى الرغم من أن دخل الفرد في السعودية وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية لا يزال أعلى من تركيا، إلا أن هذا المؤشر شهد نموًا أعلى في تركيا على مدار العقدين الماضيين. لذلك، قد تكون هناك احتمالية أن يتجاوز دخل الفرد في تركيا نظيره في السعودية في العقد المقبل.

نمو دخل الفرد في تركيا بنسبة 4.5 ضعف

يعد نمو دخل الفرد في تركيا وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية من عام 2003 إلى 2023 أحد الإنجازات الاقتصادية البارزة في تركيا في العقدين الأخيرين. تشير الإحصاءات إلى أن هذا المؤشر كان في عام 2003 يعادل 9,451 دولارًا، وفي العقد التالي، أي في عام 2013، وصل إلى 22,273 دولارًا. واستمر نمو هذا المؤشر في العقد التالي ليصل في النهاية إلى 42,217 دولارًا في عام 2023. باختصار، تضاعف دخل الفرد في تركيا وفقًا لهذا المقياس بحوالي 4.5 مرة خلال عقدين.

وكان أحد العوامل الرئيسية لزيادة دخل الفرد النمو الاقتصادي المستدام لتركيا في هذه الفترة. بين عامي 2002 و2022، بلغ متوسط معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي في تركيا حوالي 5.4%، مما يعكس الأداء الاقتصادي القوي. وقد ساعد هذا النمو العالي على مضاعفة دخل الفرد الحقيقي خلال هذه الفترة الزمنية، وخاصة بين عامي 2006 و2017، حيث استطاعت تركيا بفضل السياسات الاقتصادية المناسبة أن ترتقي إلى مستوى الدول ذات الدخل المتوسط العالي وتحسن مستوى معيشة مواطنيها.

تكاليف عدم التفاعل الاقتصادي لإيران

في عام 2023، بلغ دخل الفرد في إيران وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية 17,660 دولارًا. وتوضح مقارنة هذا المؤشر أن هناك فجوة كبيرة بين دخل الفرد في إيران وتركيا والسعودية حاليًا.

وتشير التطورات الاقتصادية في إيران إلى أن مجموعة من العوامل أدت إلى عدم الاستفادة الكافية من الإمكانات المتاحة لزيادة دخل الفرد وفقًا لمقياس تعادل القوة الشرائية. على سبيل المثال، كان الاعتماد المتزايد لميزانية إيران على عائدات النفط في العقد الماضي أحد أهم عوامل عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد. فقد أدت العقوبات الاقتصادية وتراجع الإيرادات النفطية إلى أن تلجأ الحكومة إلى سياسات تضخمية لتلبية احتياجاتها، مما تسبب في تفاقم التضخم وأدى إلى اضطراب الاقتصاد الكلي. كما أن انخفاض إيرادات الحكومة جعل من المستحيل عليها استثمار الأموال في البنية التحتية.

بالإضافة إلى ذلك، تسببت العزلة الاقتصادية لإيران نتيجة العقوبات الاقتصادية ووجودها في القائمة السوداء لـ “FATF” في عدم استفادتها من الفرص المتاحة لجذب الاستثمارات الأجنبية والتجارة مع الدول الأخرى. كما أدى النمو الاقتصادي المتزايد في السعودية وتركيا إلى تعزيز قوتهما السياسية في المنطقة، مما أدى إلى تغيير التوازن السياسي الذي كان قائمًا في المنطقة.

ونظرًا للزخم الاقتصادي وآفاق النمو في تركيا والسعودية، فإن قوتهم في المنطقة تتزايد بشكل ملحوظ. وبالتالي، إذا لم تتخذ إيران إجراءات للحد من المخاطر السياسية وزيادة التفاعلات الاقتصادية، فقد تتعرض قوتها السياسية في المنطقة للتآكل أمام هذين البلدين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 + اثنا عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى