من الصحافة الإيرانية: أمواج الحرب تقترب من حدود إيران؟

يجب على صناع القرار السياسي في إيران أن يعتبروا الهجوم العسكري من أميركا وإسرائيل على إيران في المدى القصير محتملاً وجادًا.

ميدل ايست نيوز: واجه صناع القرار السياسي في إيران في السنوات الأخيرة العديد من الأحداث المفاجئة على الصعيدين الداخلي والخارجي. نظرة موجزة إلى التحولات الداخلية والخارجية، وخاصة التحولات الإقليمية في السنوات الأخيرة، تخبرنا أن السياسة الداخلية والخارجية لإيران أصبحت في الغالب “مرتبطة بالأحداث”.

يجعل تحول السياسة إلى “حدث” من الصعب التنبؤ بالتطورات، بل ويضعف الاتجاهات ويجعل المجتمع عرضة لحدوث أحداث مفاجئة وحتى كارثية. عنصر العادة في الذهن يوجه صانع القرار إلى الطريق السهل “تمديد الماضي والحاضر إلى المستقبل”، ولكن عندما تضعف الاتجاهات وتظهر الأحداث، يجب على صانع القرار أن يطور عقله بطريقة “سيناريو” ويجب عليه التفكير في جميع الأحداث الممكنة ووضع “خطط سيناريو” لها.

يكفي أن نلقي نظرة على التطورات الأخيرة في المنطقة على مدار العامين الماضيين. العادات الذهنية كانت قد تقبلت هذه التحولات على الأرجح خلال عشر سنوات، لكن “الواقع” سلك طريقه الخاص، وحدثت التحولات التي كان من المفترض أن تحدث خلال عشر سنوات في غضون عشرة إلى عشرين شهراً. تشمل هذه الأحداث عملية 7 أكتوبر، هجوم إسرائيل على غزة، حرب إسرائيل مع حزب الله اللبناني، الهجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا من قبل إسرائيل، سقوط مروحية رئيس إيران، اغتيال إسماعيل هنية في طهران، تغيير الحكومة في إيران، الرد العسكري الإيراني على إسرائيل في عمليتي “الوعد الصادق”، انفجار أجهزة البيجر في لبنان، اغتيال الشهيد حسن نصر الله، صعود جوزيف عون في لبنان، وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، نشر قوات الأمم المتحدة والجيش اللبناني في جنوب لبنان، سقوط بشار الأسد في سوريا، تقدم إسرائيل في الجولان والأراضي السورية، هجوم إسرائيل على البنية التحتية العسكرية السورية، النفوذ الإقليمي لتركيا في الشام والقوقاز، صعود ترامب، تغيير سياسة أمريكا تجاه حرب أوكرانيا، والانقسام في العلاقات عبر الأطلسي بشأن الحرب في أوكرانيا وزيادة العقوبات على إيران.

كل هذه الأحداث المؤثرة وقعت جميعها في أقل من عامين. لذلك يمكننا أن نتوقع أن الأحداث المفاجئة والكوارث التي يعتقد صناع القرار بسبب العادات الذهنية أنهم مستبعدون جداً قد تكون قريبة جداً وسوف تفرض نفسها على صناع القرار السياسي قريباً. وبناءً على ذلك، يمكن أن يفرز عام 2025 بيئة لوقوع أحداث كبيرة، ومن بين هذه الأحداث المحتملة سيكون هناك حرب بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران؛ وهي حرب كارثية ضد المنشآت العسكرية الإيرانية، والتي توجد بالفعل مؤشرات وتحليلات جدية بشأنها.

عنصر العادة في الذهن عند رفض وقوع الحرب يخبر صانع القرار: “ترامب تاجر ولا يفضّل الحرب، خاصة في بداية ولايته في البيت الأبيض. هو يريد من خلال زيادة العقوبات إجبار إيران على التفاوض، والتهديد العسكري ربما هو تهديد فارغ لإجبار إيران على قبول اتفاق أحادي الجانب”.

لكن الواقع لا يأخذ في اعتباره توصيات العادات الذهنية ويسلك طريقه الخاص. في الواقع، تشير مراقبة المؤشرات إلى أنه يجب أخذ الهجوم العسكري المحتمل من الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران بشكل مفاجئ بجدية، وأنه ينبغي اعتباره مستقبلاً محتملاً. هناك مؤشرات وأحداث جديدة تدعم الهجوم على إيران، وهناك أيضاً مؤشرات وأحداث أخرى قد تضعف الهجوم على إيران على المدى القصير.

فما هي المؤشرات التي تدعم الهجوم العسكري على إيران على المدى القصير؟

  1. إدراك إسرائيل وأمريكا لبنية السلطة وتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر.
  2. إدراك أمريكا وإسرائيل للقوة العسكرية الإيرانية في مواجهة الهجوم المحتمل على المنشآت العسكرية الإيرانية.
  3. إدراك أمريكا وإسرائيل للعلاقة المتبادلة بين الحكم والشعب الإيراني.
  4. إدراك أمريكا وإسرائيل للحدود القصوى لتخصيب إيران.
  5. قناعة أمريكا وإسرائيل بتقليص عمق إيران الاستراتيجي بشكل كبير في المنطقة، خاصة في دمشق.
  6. تغيير نهج ترامب في 2025 إلى “إما التفاوض أو الحرب” بدلاً من نهجه في 2018 “إما التفاوض أو العقوبات”.
  7. الضغط الشديد من اللوبي الصهيوني (خاصة حكومة نتنياهو الانتقالية التي ترى بقاءها في استمرار الحرب) في البيت الأبيض لدفع ترامب إلى الحرب ضد إيران.
  8. المواقف القوية لأوروبا تجاه إيران، والدعوة من بريطانيا للحرب المحدودة ضد إيران.
  9. الدعم الكامل غير المسبوق من فرنسا وبريطانيا لإسرائيل في عملية “الوعد صادق”.
  10. احتمال أن تكون إيران ورقة مساومة في صفقة أوكرانيا.

ما هي المؤشرات التي تضعف الهجوم العسكري على إيران على المدى القصير؟

  1. الخوف من استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى.
  2. الخوف من امتداد الحرب إلى المناطق المحيطة بإيران.
  3. الرد العسكري الحاسم من إيران والهجوم على القواعد الأمريكية والإسرائيلية على نطاق واسع.
  4. معارضة الصين وروسيا للعملية العسكرية ضد إيران.
  5. المعارضة المحتملة من مجلس التعاون الخليجي للحرب.
  6. امتناع إيران عن الدخول في حرب مباشرة مع أميركا.
  7. الواقعية الإيرانية عند تصاعد الأزمة.

تظهر الخيارات المذكورة أعلاه أن المؤشرات التي تعزز الحرب أكثر وتدفعها للأمام مقارنة بتلك التي تضعفها. لذا يجب على صناع القرار السياسي في إيران أن يعتبروا الهجوم العسكري من أميركا وإسرائيل على إيران في المدى القصير محتملاً وجادًا.

محمد حسيني
السفير السابق للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى المملكة العربية السعودية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى