اتجاه جديد للعلاقات بين إيران والإمارات: الاستقرار الإقليمي في ظل الدبلوماسية
يبدو أن العلاقات بين طهران وأبوظبي قد وصلت إلى مستوى من الاستقرار والنضج والعقلانية، ما يحفظ مصالح البلدين ويعزز الأمن الإقليمي.

ميدل ايست نيوز: يشير أول اجتماع للجنة المشاورات السياسية بين إيران والإمارات العربية المتحدة بشكل واضح إلى محاولات البلدين الوصول إلى مسار صحيح للحفاظ على الاستقرار والسلام الإقليمي. فقد التزمت طهران وأبوظبي بالتشاور الدبلوماسي والتعاون السياسي والاقتصادي والعسكري من أجل إنقاذ العلاقات الثنائية من الانهيارات القسرية.
وكتبت وكالة إرنا الحكومية في تقرير لها، أن عقد لجنة المشاورات المشتركة بين إيران والإمارات العربية المتحدة يمثل الفصل الثالث من السيناريو الدبلوماسي الإقليمي الذي دفعته طهران وأبوظبي في العام الماضي. وقد عقدت هذه اللجنة المشتركة أولى جلساتها في 28 من فبراير المنصرم في إطار المشاورات السياسية الدورية بين وزارتي الخارجية برئاسة “مجيد تخت روانجي” نائب وزير الخارجية الإيراني و”لانا نسيبة” مساعدة وزير الخارجية الإماراتي. هذه اللجنة تمثل تدبيرًا جديدًا من البلدين لتقريب المواقف والتشاور بشأن التحديات المشتركة.
وعملت إيران والإمارات العربية المتحدة على مدار سنوات كشركاء اقتصاديين، حيث شهدت علاقاتهما التجارية توسعًا كبيرًا. وفي الأشهر الأخيرة، بدأ هذا التعاون يتجه نحو المجالات العسكرية والسياسية، ويبدو أن طهران وأبوظبي، على الرغم من جميع التحديات الثنائية والضغوط الخارجية، قد وضعا الدبلوماسية على رأس أولوياتهما بهدف تحقيق الاستقرار الإقليمي. وفي هذه الزيارة، التقى تخت روانجي أيضًا مع “خليفة شاهين” وزير الدولة للشؤون الخارجية و”أنور قرقاش” المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات.
وبلغ حجم التجارة الخارجية للإمارات العربية المتحدة في عام 2024 حوالي 760 مليار دولار، بينما وصل حجم صادراتها غير النفطية إلى 953 مليار دولار في عام 2023. فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات مطلع 2024 نحو 27 مليار دولار، وتم التخطيط في اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في مايو من العام ذاته لزيادة هذا الرقم إلى 30 مليار دولار في عام 2025، مما يجعل الإمارات ثاني أكبر شريك اقتصادي لإيران بعد الصين.
عودة النضج السياسي إلى العلاقات بين البلدين
على الرغم من التقلبات في العلاقات بين إيران والإمارات، إلا أنهما إلى حد كبير لم يسمحا للمواضيع السياسية بالتأثير على العلاقات الاقتصادية. لذلك، استمرت اللجان الاقتصادية المشتركة بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين على مدار السنوات الماضية. على الرغم من أن الجهود الدبلوماسية للبلدين تأثرت أحيانًا بالادعاءات الإماراتية بشأن الجزر الثلاث، إلا أن التوترات قد انخفضت وزادت التعاونات بشكل ملحوظ، وهو ما تجلى في عقد أول جلسة مشاورات بين مسؤولي وزارتي الخارجية للبلدين، حيث قيم كلا الطرفين الإيراني والإماراتي هذه الجلسة بشكل إيجابي.
وقبيل عقد هذا الاجتماع، وقع أيضًا “أول” حدث آخر في العلاقات بين طهران وأبوظبي، حيث قامت إيران في إطار تعزيز علاقاتها الدفاعية والعسكرية مع الإمارات بنقل مجموعة بحرية من الحرس الثوري الإيراني تضم أربع سفن في 3 فبراير المنصرم، وبعد أن استقبلتهم وحدات البحرية الإماراتية، وصل مسؤولون إيرانيون والعميد الركن بطي سهيل المخيني قائد قاعدة جبل علي البحرية، إلى ميناء خالد في إمارة الشارقة.
ويواجه أي تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل، أكثر من أي حكومة أخرى في المنطقة، معارضة شديدة من الإمارات العربية المتحدة، التي تحاول بشتى الطرق الابتعاد عن هذا الصراع ومنع حدوثه. تسعى أبوظبي، مثل العديد من دول المنطقة، للوقوف في وسط التحديات بين إيران وأمريكا والقيام بدور الوساطة، وهو أمر مفهوم بالنظر إلى العلاقات الاقتصادية الواسعة مع إيران وتأثير العقوبات الأمريكية على هذه العلاقات.
يبدو أن العلاقات بين طهران وأبوظبي قد وصلت إلى مستوى من الاستقرار والنضج والعقلانية، ما يحفظ مصالح البلدين ويعزز الأمن الإقليمي.