من الصحافة الإيرانية: هل تقترب الدبلوماسية النووية من نهايتها؟

على الرغم من الجهود الدبلوماسية المستمرة والعديد من جولات المفاوضات، لم تتمكن أي من هذه المحادثات من التوصل إلى اتفاقات مستدامة.

ميدل ايست نيوز: كشف إسماعيل بقائي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في مؤتمر صحفي أمس الاثنين، عن احتمال إجراء جولة جديدة من المحادثات النووية بين إيران والدول الأوروبية في الأيام القليلة القادمة. ووفقًا له، من المحتمل أن تُجرى هذه المحادثات على مستوى الخبراء.

ويأتي هذا الاجتماع المحتمل في وقت تسعى فيه أوروبا خلال الأشهر الثلاثة القادمة، حتى الاجتماع المقبل لمجلس الحكام، لاتخاذ الخطوات اللازمة لتفعيل آلية الزناد. وفي رده على تحذيرات الدول الأوروبية بشأن احتمال تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات ضد إيران، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية صراحةً أنه “لا يوجد مبرر لتفعيل هذه الآلية”. وأضاف بقائي أن “الأطراف الأوروبية يبدو أنها توصلت إلى قناعة بأن آلية الزناد لا يمكن أن تُستخدم كأداة للحصول على مكاسب وأنهم على دراية بعواقب ذلك”.

وفيما يتعلق برغبة دونالد ترامب في التفاوض مع إيران بدلاً من اتخاذ إجراء عسكري، صرح بقائي قائلاً: لم نغلق أبدًا أبواب التفاوض بشكل كامل، لكننا لا نعتبر التفاوض الذي يقوم على التهديد والترهيب تفاوضًا على الإطلاق. وأضاف أيضًا أن إيران لم تتلق أي رسالة من رئيس الولايات المتحدة.

وساطة بتوقيت موسكو

وتزامنا مع ذلك أعلنت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو لا تستبعد موافقة الجمهورية الإسلامية على تقليص برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الغربية.

وفي مقابلة مع صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يوم الأحد، قالت زاخاروفا إن روسيا والولايات المتحدة يجب أن تستخدمان “نفوذهما” لحل “المشاكل الإقليمية، بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط”.

وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إلى الملف النووي للجمهورية الإسلامية، مضيفة أن اتباع نهج مشابه للاتفاق النووي يمكن أن “يكون مفيداً من أجل تحقيق الاستقرار في الوضع الراهن”.

وأكدت زاخاروفا: نحن مستعدون للتعاون بشكل وثيق مع طهران والأطراف الأخرى المعنية من أجل تقليل التوترات وإيجاد حلول مستدامة تسهم في التوصل إلى اتفاق فعال وطويل الأمد.

وفي نفس السياق، قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية “دميتري بيسكوف” إن إيران تبحث عن مفاوضات بناءة وقائمة على مبدأ الاحترام المتبادل فيما يخص برنامجها النووي؛ مؤكدا على جهود موسكو الهادفة إلى تسوية سلمية لهذه القضية.

واضاف المتحدث باسم الكرملين: ايران دولة مستقلة، وانطلاقا من ذلك تتخذ القرارات حول قضاياها المتعلقة بالسياسة الخارجية.

ومضى المسؤول الروسي رفيع المستوى الى القول: طبعا نحن بدورنا سنقوم بكل ما يتعلق بنا من اجل التوصل الى حل سلمي للقضية النووية الايرانية.

وتابع بيسكوف: واضح انه ستجري اتصالات كثيرة في اطار هذا الملف.

هل من الممكن التوصل إلى اتفاق خلال ثلاثة أشهر؟

في ضوء ما سلف، من غير المرجح أن تؤدي المحادثات المحتملة بين إيران وأوروبا في الفترة الثلاثية المقبلة حتى الاجتماع التالي لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى نتيجة ملموسة وقابلة للتنفيذ. وذلك لأنه يجب أخذ عدة جوانب مختلفة من هذه المفاوضات وظروفها المعقدة بعين الاعتبار.

أول نقطة يجب أن ننتبه إليها هي البيئة المعقدة للعلاقات بين إيران والدول الأوروبية في السنوات الأخيرة. على الرغم من الجهود الدبلوماسية المستمرة والعديد من جولات المفاوضات، لم تتمكن أي من هذه المحادثات من التوصل إلى اتفاقات مستدامة. بمعنى آخر، تشير خلفية هذه المفاوضات إلى أن الطريق نحو التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام، خاصة في المجال النووي، كان مليئًا بالتحديات. والآن، يبدو التوصل إلى نتيجة حاسمة خلال الأشهر الثلاثة القادمة أمرًا صعبًا، لأن القضايا النووية الإيرانية ترتبط مباشرة بالأمن القومي لهذا البلد وكذلك بموقع إيران السياسي في المنطقة والعالم.

ثانيًا، إيران في هذه الفترة ترفض بشكل قاطع أي تهديد أو ضغط خارجي، ومن الناحية الدبلوماسية تؤمن بضرورة إجراء المفاوضات على أساس الاحترام المتبادل والالتزامات السابقة. هذه النظرة الإيرانية لا تعكس فقط الموقف المبدئي لهذا البلد، ولكنها أيضًا تشير إلى انعدام الثقة في وعود الدول الأوروبية والولايات المتحدة. نتيجة لذلك، قد تقاوم إيران بسهولة أي ضغط أو تهديد من قبل الأوروبيين. وهذا يدل على أن احتمال التوصل إلى اتفاق في فترة الثلاثة أشهر القادمة، بالنظر إلى المواقف المبدئية لكلا الجانبين، هو احتمال ضئيل.

ثالثًا، تواجه الدول الأوروبية أيضًا تحديات داخلية وخارجية عديدة، خاصة بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض. لذا فإن الأزمات والمشاكل الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وآثار الحرب في أوكرانيا وغيرها من المشاكل العالمية، قد تجعل من الصعب أو غير ممكن أن تصل أوروبا بسرعة إلى اتفاقات مستدامة مع إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخلافات بين الدول الأوروبية في التعامل مع إيران وملفها النووي قد يكون عاملاً آخر قد يؤدي إلى تأجيل أو إبطاء عملية المفاوضات.

من جانب آخر، يمكن القول إنه على الرغم من الصعوبات والعوائق التي اعترضت طريق إيران والقوى الأوروبية على مر السنوات، لا يزال من الممكن أن تكون هناك نتائج إيجابية في اللحظات الأخيرة من هذه الدبلوماسية. النقطة التي يجب أن نأخذها في الاعتبار في هذا الصدد هي أن إيران قد أثبتت دائمًا أنه في الظروف الحرجة وعندما يبدو أن جميع الطرق مسدودة، لا تزال تنظر إلى الدبلوماسية كأداة لحل الأزمات والتفاهم مع الأطراف الدولية. خاصة في الظروف الحالية التي أصبحت فيها المفاوضات النووية من القضايا الرئيسية في السياسة الخارجية الإيرانية، لا يزال هناك إمكانية لإحداث تغييرات إيجابية. منذ بداية المفاوضات النووية في السنوات الماضية، وعلى الرغم من الضغوط والتهديدات المختلفة، كانت إيران دائمًا مستعدة للتوصل إلى اتفاقات معقولة ومستدامة. هذا السلوك يعكس مرونة إيران ورغبتها في تسوية النزاعات من خلال الحوار.

مالك مصدق
صحفي إيراني

إقرأ أكثر

من الصحافة الإيرانية: الملف النووي هو العائق الوحيد أمام إيران للتفاوض مع أوروبا

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر + 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى